الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيام حملة حمدين..!!

سيد عبدالخالق الجندى

2013 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


فى مثل هذا اليوم، العام الماضى، كانت تجربتى الأكثر أثراً فى حياتى، وأظنها فى حياة ثورة يناير، فاليوم كنا ننتظر رئيس الثورة، أول رئيس مدنى منتخب، جاء ليحقق أحلام الشهداء، وطموحات الفقراء العالقة فى رقابنا نحن أبناء هذا الجيل، الذى أحدث تغييراً جذريا فى كافة تقاليد السياسة وفنونها الاستبدادية.
عام مضى على انتخابات الرئاسة التى أيقنت أنها كانت أكبر أكذوبة عرفها هذا الشعب – خاصة بعد انتهاء فرز الصناديق – والتى كانت تتحدث بعكس كل المؤشرات الرسمية والنهائية لنتيجة المارثون التمثيلى.
كنت حينها أحد أفراد حملة – واحد مننا – التى شرفت بالانضمام إليها ليس لأنى أحترم حمدين صباحى على المستوى الشخصى فقط، ولكن لأننى كنت ضمن الفريق الأقرب لمطالب الثورة والتمسك بأهدافها، والأفقر بين المرشحين الذي تجاوزت دعايتهم الانتخابية عشرات الملايين، بينما كنا نبحث عن ثمن ألف أو ألفي بوستر نقدم بهم مرشحنا لرئاسة مصر.
العام الماضى كنا ننتظر أن تكلل جهودنا بالنجاح، ليس بالضرورة فوز مرشحنا – الشعبى – كما أطلقنا عليه، ولكن بفوز أى مرشح ينتمى لميدان النضال، يؤسس حكمه على قواعد التوافق الوطنى وتلبية رغبة الشعب، وانتشال البسطاء من كبوتهم التى عانوا الآمرين منها خلال عقود مضت، ومازالوا يعانون حتى الآن .. بكل أسف.
كنت أتجول بين اللجان أراقب من بعيد، سعيد وواثق من الانتصار لدماء الشهداء، أؤدى مهام عملى – الصحفى – باهتمام، ودون انحياز، أتابع الطعون، وأحصر حالات التزوير والخداع، وأوثق العديد والعديد من الانتهاكات.
شهدت العملية الانتخابية حالة من الهرج والمرج لم يسبق لها مثيل، بغض النظر عن التصريحات –العنترية- لجنرالات المجلس العسكرى حينها، والتقارير – المضروبة – بنزاهة الانتخابات، فمن سمع يختلف تماما عمن رأى، وقد شاهدت مهازل لو جرت فى دولة متحضرة تحترم القوانين، وتقدر قيمة هذا العمل، وتقدس المسئولية الملقاه على عاتقها، لكانت الإعادة الكاملة هى مصير تلك الانتخابات.
دخلت إحدى اللجان الانتخابية فوجئت بأنها بلا قاضى، يديرها أحد مندوبى – الحرية والعدالة – فصعقت لهذا الأمر وانطلقت غاضبا لضابط القوات المسلحة المكلف بتأمين ومباشرة العملية الانتخابية، الذى بدوره اصطحبنى إلى القاضى وكأنى متهم بالتأثير على الناخبين – كما كان يفعل الإخوان – أو أدير لجنة انتخابية بمفردى وأطالب الناخبين بالتصويت لمرشحى –كما يفعل الإخوان أيضاً- ولكن فى النهاية كان على المثول أمام المستشار رئيس اللجان لمعرفة حقائق الأمور، وهناك أخبرنى:
- القاضى راح الحمام .. يعمل إيه يعنى؟
أظنها مفاجأة مدوية، وأمر يدعو للحزن، بكل بساطة .. القاضى يترك مكانه أياً كان السبب ولمدة تزيد عن الساعة، كل هذا الوقت اللجنة تدار لحساب مرشح الموظف الإخوانى؟ أين القضاة والضباط الضمان الحقيقى لنزاهة العملية الانتخابية؟ .. أسئلة لن تجد لها إجابة..!!
أما عن كوميديا الانتخابات، والتى ينطبق عليها قول – هم يضحك وهم يبكى – قابلتنى إحدى الناخبات، من كبار السن، ويبدو من حديثها أنها لا تجيد القراءة والكتابة، كانت حزينة غاضبة، تخرج من اللجنة تسب وتلعن المسئولين، فاستوقفتها - لعلى أخرج منها بسبق صحفى جديد فى هذا اليوم الحافل بالأحداث - فقلت لها:
- مالك يا أمى .. حد زعلك جوه؟
فردت:
- لا حد زعلنى ولا هباب .. أنا إللى غلطانه انى نزلت من بيتى وجيت.
وبدأت أستدرجها فى الحديث:
- ليه بس؟ إنتى مش عاوزه تحضرى اللحظة العظيمة دى؟
فقالت فى حزن:
- لحظة إيه وإحنا مش لاقيين ناكل زى ماحنا .. هو مبارك مشى؟ .. أنا لسه عارفه من شوية ..!!
قلت فى نفسى – السبق طار – وأخذت القرار بالرحيل، ولكنها استوقفتنى قائلة:
- يرضيك أقف فى الطابور الطويل العريض ده .. وأدخل اللجنة عشان أنتخب صباحى .. وواحد تبع الإخوان يضحك عليا؟ .. أنا قولتله عاوزة صباحى .. مش يعلم على الراجل بتاعهم ويقولى غلطت.. اكمنى نظرى ضعيف يعنى.
غضبت لهذا الأمر فسألتها:
- عملتى محضر ياحاجة طيب؟
فأجابت:
- لا .. الموظف التانى الله يستره قالى ماحصلش حاجة .. شطب على الصورة الأولانية وعلملى على صورة صباحى .
فأبتسمت لها وكأنى قد بدأت أن افهم مايحدث، وقلت لها:
- عمل طيب ياحاجة .. صباحى دا بتاع ربنا وابن حلال .. وهينجح بصوتك إنتى واللى زيك.
وانصرفت وأنا على يقيت بأن الانتخابات محسومة قبل فتح الصناديق للإنتخاب، خاصة مع التعنت والتشتت وعدم جدوى محاضر الطعون، ونظام – فوت علينا بكرة - الذى اتبعته اللجنة العليا للإنتخابات الرئاسية، ولكن الأمل لم يمت بداخلى من أجل نصرة هؤلاء البسطاء.
أحداث عديدة تدور الآن أمامى وكأنها شريط الذكريات، إذا إندمجت فإننا سنشاهد فيلم – الضحك على الشعب – ويمكننا أن نطلق عليه – العار الكبير – فى النهاية الفيلم مازال فى دور العرض، والشعب ينتظر النهاية بفارغ الصبر.
أيام حملة حمدين كانت بمثابة بوابة الخروج من الحالة النرجسية، للاصطدام بالواقع السياسى - الساقط – والمقاومة الثورية النقية، لا يمكن بالطبع وصف كل الحملات الرئاسية بعدم الثورية، ولكن كانت هناك أطماع ومصالح، وسوء رؤية تقودها حتى وصلنا للهاوية.
الآن أشعر بنفس شعور الفخر الذى انتابنى حينما خسر – صباحى – فى المسلسل الانتخابى، ونزلت الجموع للميادين يهتفون بأنه – الرئيس – الآمر الذى سبب للإخوان ونظامهم – عقدة نفسية – مازال يدفع ضريبتها حتى الآن.
لا أعترف بأنى كنت فى قلب كل تلك الأحداث لحبى الشديد لحمدين فقط، أو إيمانى بأنه الوحيد، ولكنى رأيت أنه الأفضل بين المتواجدين، ولو كان هناك الأفضل لكنت دعمته بكل ما أوتيت من قوة، ولكن – واحد مننا – كان الأقرب للفوز وللشعب ولقلوب البسطاء .. ولو عاد الزمان للوراء عاماً كاملاً .. لكنت دعمته وأيدته مرة أخرى بين كل المرشحين، بشرط نزاهة الانتخابات، أما إذا تحدثنا عن الأجواء والنزاهة وشفافية انتخابات الرئاسة التى يدعى الآن النظام بشرعيتها .. فكنت بالطبع سأطالب مرشحى بالانسحاب، والعودة للميادين رافضين النظام الإخوانى قبل أن يولد.
الصفقة كانت الخروج مقابل دماء الشهداء، فكرة رخيصة، لنظام غبى، ظن نفسه خارج كل التوقعات السلبية، ولكنه الآن نادم أشد الندم، لكونه ممثلاُ يلعب دور – ثانوي - داخل قصر الرئاسة..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضفة الغربية: مقتل 7 فلسطينيين بنيران القوات الإسرائيلية في


.. زيلينسكي يطمئن الأوكرانيين ويعيد التأكيد على الحاجة الماسة ل




.. الأطفال في لبنان يدفعون غاليا ثمن التصعيد في الجنوب بين -حزب


.. ردود فعل غاضبة في إسرائيل على طلب إصدار مذكرات توقيف بحق نتن




.. جيل شباب أكثر تشدداً قد يكون لهم دور في المرحلة المقبلة في إ