الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عَبْر -القصير- إلى -الجنَّة-!

جواد البشيتي

2013 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


سَمِعْتُ أنَّ في "القصير"، الحمصية السورية، والتي لموقعها في جغرافيا الصراع في سورية من الأهمية ما جعلها زَيْتاً يُصَبُّ على نار هذا الصراع، قد افْتُتِحَ "مطار" إلى "جنَّات عَدْنٍ تجري من تحتها الأنهار"، وأنَّ كثيراً من أهل لبنان، القانِط من رحمة صيفٍ سياحي يُنْعِش اقتصاده، سَجَّلوا أسماءهم في سِجِلِّ الراغبين في السَّفَر إلى "الجنَّة" على متن "طائرة الشهادة"، وأنَّ "المحظوظين" منهم قد وصلوا (إلى أرض المطار، أو إلى سُلَّم الطائرة، أو إلى الجنَّة نفسها).
ومَنْ رآهُم يقول إنَّهم مجاهدون صناديد، يلقون أنفسهم في النَّار الأرضية، يُقاتِلون، فيُقتِّلون، ويُقْتَلون؛ الذي لم يُقْتَل منهم بَعْد يدوس جُثَث رفاقه؛ فلقد اشْتَمَّ رائحة الجنَّة، ولا كابح، من ثمَّ، يكبح اندفاعه كسَيْلٍ.
لقد داس جُثًث رفاقٍ له سبقوه في الوصول إلى "الجنَّة"، وهو الذي جاء ليُحامي عن أمكنة مقدَّسة، وعما تضمُّه في ترابها المقدَّس من بقايا جماجم وهياكل عظمية مقدَّسة؛ فهؤلاء الموتى من مئات السنين، والذين هُمْ الآن من أهل الجنَّة، خالدين فيها أبداً، هُمْ الذين يقودون الآن، من قبورهم، جيوش المجاهدين في "القصير"، وفي غيرها من المناطق السورية المقدَّسة، مقيمين مزيداً من الأدلة على أنَّنا من عالَمٍ نسيج وحده؛ فهل من عالَمٍ غير عالمنا يستمرُّ فيه، ويتوطَّد، حُكْم الموتى للأحياء؟!
ثمَّ يُعْقَدُ القران؛ فالمهزلة تعقد قرانها مع تلك المأساة؛ فإنَّ في "الطرف الآخر" مجاهدين لا يَقِلُّون عن "أعدائهم (من أولئك المجاهدين)" بأساً وشجاعةً وإقداماً وبسالةً، ولا رغبةً في السَّفَر إلى الجنَّة، وعلى متن الطائرة نفسها؛ ويَقْتَتِلون، ويَقْتُل بعضهم بعضاً؛ وإنِّي لأتساءل، في حيرةٍ ودهشةٍ واستغراب، قائلاً: هل الجنَّة تتَّسِع لهم جميعاً، للقاتِل والمقتول من صِنْفَيِّ المجاهدين؟!
إنَّها، وعلى ما أظُنُّ (وليس كلُّ الظَّنِّ إثماً) لا تَتَّسِع، ولو كان عرضها السموات والأرض؛ وإنِّي لأتمنَّى أنْ يخيب ظنهم عند الوصول، فيَصْلون ناراً ذات لهب.
وإنَّهم ليسوا مقاتلين، ولا صناديد، ولا بواسِل؛ فهم "أُناس"، غُسِلَت أدمغتهم (مع أنَّ الغسل هو إزالة الوسخ عن الشيء، وتنظيفه بالماء وغيره) وأُلْغِيَت عقولهم، وتوحَّشِت أرواحهم حتى افترست البقية الباقية من إنسانيتهم، فقتلوا "الطِّفْل (الآخر)"، أيْ الطفل في "القصير"، وكأنَّهم يقتلون حشرة؛ فمُحْكمو قبضاتهم "الفكرية (والروحية)" على عقولهم ومشاعرهم "شيطنوا" لهم "الطرف الآخر"، ولو كان بعضه من الأطفال، فاستسهلوا واسترخصوا قَتْل "الطفل" قَبْل أنْ يَكْبَر، ويَكْبَر معه "العداء" لهم؛ ظاهرهم شجاعة وإقدام؛ أمَّا باطنهم فيشهد على أنَّهم "بشرٌ آليون"، يُسيَّرون عن بُعْد؛ ومسيِّروهم على الأرائك متكئين، يأكلون من طيِّبات ما رزقهم الله، لهم الجواري والخدم والحشم، ويمدُّون آياديهم المبارَكَة لأفواه تُفْتَح للأكل، وتُغْلَق للتقبيل؛ ولا عمل لهؤلاء السَّادة يؤدُّونه على خير وجه إلاَّ "الغسل"، غسل العقول بمغسلة ("فكرية") يَشْهَد "المغسول" على أنَّها لا تَصْلُح إلاَّ لجعل النَّظيف وسخاً؛ وهؤلاء السَّادة يقولون لِمَن أصمَّهُم الله، وأعمى أبصارهم، أيْ لأتباعهم المسبِّحين بحمدهم: صَدِّقوا ما نقول، ولا تفْعَلوا ما نَفْعَل؛ فنحن نفضِّل الحياة الدنيا، بملذاتها، على الحياة الآخرة، مع أنَّها خير وأبقى؛ اذْهبوا أنتم إلى "مطار القصير"؛ وإنَّا ها هنا قاعدون، نغسل العقول، ونسجِّل الأسماء، ونُنظِّم الرحلات إلى الجنَّة، ونشتري بدمائكم وأرواحكم الرخيصة مزيداً من القصور، ومن الثياب الخضر المصنوعة من سُنْدسٍ وإستبرق، ومزيداً من النفوذ لنا، ولأسيادنا؛ فنحن سادتكم، وهُمْ سادتنا.
عن أيِّ جنَّةٍ يتحدَّثون؟!
إنَّه لحديث الإفك؛ فالجنَّة لا يُصْعَد إليها على جماجم الأطفال ولو كانوا من أطفال غير المسلمين؛ والجهاد في سبيل "قاتِل الأطفال" إنَّما هو الجريمة التي لا تعدلها جريمة بشاعةً؛ لقد اختلَّت موازينكم، وزاغت عقولكم وقلوبكم؛ فَلَمْ أرَ من جهادٍ يرخص فيه "أولى القبلتين، وثالث الحرمين" كجهادكم.
"الأقصى" سَقَطَ في "أيديهم"؛ لكنَّ أُذنيه، وعلى اتِّساعهما، لم تسمعا قائلاً يقول "لن نسمح بسقوطه"؛ لكن ما أنْ أزِفَت ساعة سقوط القاتِل في أيدي ضحاياه حتى سمعنا كلاماً تمجه الأسماع؛ فَمَنْ استعصى عليه تمييز "الأقصى" من "قَبْر" هنا، و"قَبْر" هناك، لن نلومه إذا لم يميِّز "الجلاَّد" من "الضحية"، و"الحاكم" من "الوطن"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ممنوع الدخول!!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 5 / 26 - 05:01 )
مر شهداء انصار الصحابة على قصور شاهقة البنيان مملوءة بـ الحور الحسان الكواعب كـ اللؤلؤ والمرجان وكؤوس الخمر تملا الوديان فارادوا الدخول ظنا منهم بانها مهياة لشهداء القصير الا انهم تفاجئوا بالمنع من دخولها بلافتة مكتوب عليها (مموع الدخول) هذه قصور( آل الشيخ وآل سعود وآل ثاني والقرضاوي واردغان).وقفوا متسائلين اين قصورنا والحور العين لماذا ونحن من ناصرنا الله ورسوله في القصير ؟؟. جائهم الجواب .الم تقرؤوا كتاب الله؟؟. قالو بلى.الم يقل الله في كتابه (من كان في هذه اعمى ـ اي الدنيا ـ فهو في الآخرة اعمى واضل سبيلا)؟ وقفوا حائرين متسائلين هل كنا عميان في الدنيا وما هو دليل عماءنا؟؟.جاء الجواب نعم. انكم عميان ودليل عمائكم كيف يحب القرضاوي وآل الشيخ وال سعود وآل ثاني والعثمانيون الجدد الجنة لكم ولا يحبونها لهم ولذويهم وهم يقرؤون القرآن (ان الشهداء عند ربهم يرزقون)؟؟.اذهبوا الى الجحيم انكم ارهابيون ولا مكان للاغبياء في هذه الجنة.وقفوا حائرين ومرددين:
نحن من ضيع في الاوهام عمره.*** وخذوا من جهلنا يا ناس عبره
سلام على الاذكياء ساكنوا قصور جنة الدنيا والخزي للاغبياء التاعقين مع كل ناعق.


2 - ارض القصير اطهر من ان تحتضنهم
سوري فهمان ( 2013 / 5 / 26 - 08:36 )
الاستاذ جواد
لقد ظن الارهابي نص ليرة ان هجوم مليشياته على أسود سورية ستكون نزهة وهذا ما يعكس غباء بائع الخضرة الذي أنتجته إسرائيل وتوجته سيدا للمقاولة و خبأته لمثل هذا اليوم . يجب على هاؤلاء المرتزقة سحب قتلاهم لأن ارض القصير اطهر من ان تحتضنهم٠-;-

اخر الافلام

.. الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مسجدا يؤوي نازحين في دير البلح وس


.. مقتل وإصابة طلاب بحادثة انقلاب حافلة في كولومبيا




.. رحلات الإجلاء تتواصل.. سلوفاكيا تعيد رعاياها من لبنان


.. ما الذي قدمته إيران إلى لبنان منذ بدء الهجوم الإسرائيلي؟




.. فرنسا.. مظاهرات في باريس تنديدا باستهداف المدنيين في لبنان و