الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمويل الثورات الملونة والبيئة المناسبة لحدوثها

مازن جهاد وعري

2013 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


الجزء الثاني:
بحثنا في الجزء الأول من "الثورات الملونة" في تعريف الثورة بشكل عام ومفهوم "الثورة الملونة" بشكل خاص وأعطينا مجموعة من الأمثلة عن تدخل الولايات المتحدة في عمليات قلب الأنظمة سواء في إيران أو الأكوادور أو بنما قبل تفكك الاتحاد السوفييتي..
حيث يرى البعض أن الثورات الملونة التي اجتاحت عددا من جمهوريات الاتحاد السوفيتي ما بعد الانهيار هي حركات مشبوهة وهي قد تقترب أو تبتعد في مفهومها عن الوطنية إلا أنها رهينة التآمر الدولي .. والرؤية الحقيقية لهذه الثورات كما يطلق عليها من ثورات هي رؤية ترتكز على تقليب أو استغلال الوضع السياسي والاقتصادي وتأثيراتها على زعزعة سيادة القانون وبذلك قد يشارك جمهور غير عميل للغرب في هذه الثورات العميلة التي تستلم أموالا طائلة لتنفيذ أنشطتها السياسية فإذا كنا مع المعارض الوطني لأن مطالبه تخص المصلحة الوطنية فمن الواضح أن العميل ومن يساهم معه في تحقيق هذا النشاط الثوري يمتلك مفاتيح سياسية خارجية تتناقض ومصالح الشراكة الدولية. والمنشغلون في مثل هذه الصفقات السياسية هم على ثقة بواجب تقديم المصالح الخارجية على المصالح الوطنية، فمحاربة الظلم بالظلم لإحلال البديل الديمقراطي سواء كان على المدى القريب أو البعيد هذا البديل لن يخدم المصالح الآنية أو المستقبلية للدول أو للجمهوريات التي ابتليت أو قد تبتلى بمثل هذه الثورات.
في حين يرى جيف غودوين "إن الدعم الشعبي للثورة لا ينبع كثيرآ من الرؤى الجذابة للمستقبل رغم أن هذه الرؤى هامة بالنسبة إلى المفكرين ..بل من القناعة المشتركة إلى حد واسع بأن الوضع الراهن لا يحتمل بكل بساطة" 7
وبسبب انتشار هذه الأساليب في تغيير الأنظمة القائمة أصبحت معرفة كيف تجري وتنظم هذه الثورات هدفآ للدراسة والإعداد في العديد من المؤسسات الحكومية ونصف الحكومية الكبيرة في الغرب ففي فيلم وثائقي عرضته قناة (روسيا) التلفزيونية الحكومية أكد الفيلم أن الولايات المتحدة أنفقت (110) ملايين دولار على الثورتين الملونتين في أوكرانيا وقيرغيزيا
وبحسب الفيلم الوثائقي الفرنسي "غزو الشرق" توصل المنتجون أن هذه الثورات قد صنعت في أميركا وبحسب المنتجون أنفسهم وبحسب المنتجين أنفسهم، تمّت تجربة هذه الطريقة في صنع هذه الثورات للمرة الأولى في صربيا، حيث كان المناخ مناسباً لاستخدام طروحات كتاب المؤلّف الأميركي جين شارب:(من الديكتاتورية إلى الديموقراطية)، الذي يعدّ دليلاً في استخدام الثورات السلمية بوصفات مبسطة. ويرى الصحافيّون الفرنسيّون أن إسقاط نظام (سلوبودان ميلوسيفيتش) في صربيا عام 2000، وإزاحة الرئيس الجورجي السابق (إدوارد شيفارنادزه) عام 2003، ووصول (فيكتور يوتشِّينكو) إلى سدّة الرئاسة في كييف عام 2004، وانتصار «السوسن» في بيشكك عام 2005، تؤلف جميعها حلقات في سلسلة واحدة. ويضيفون أنّ :"أربع ثورات سلمية أطاحت خلال أسابيع معدودة أربعة أنظمة شمولية ومحت آثار الجبروت السوفياتي الغابر"، مشيرين إلى أنّه "في كلّ مرة كان يستخدم السيناريو نفسه: اتهام السلطة بتزوير الانتخابات، ومقاومة أرباب السلطة المرتعشين في البداية، وتنازلهم في نهاية الأمر عن السلطة للمنتفضين"
ومؤلّفو الفيلم على اقتناع بأن الإدارة الأميركية هي التي تصنع وتموّل تقنية الثورات «الملوّنة» ومخرجيها وأبطالها تحت غطاء صناديق ومؤسسات أميركية مختلفة. وإذا كانت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركيّة قد ألّفت سراً، في ستينيّات وسبعينيّات القرن الماضي، خلايا الأحزاب والمنظمات السياسية في مختلف البلدان، فقد اتخذ قرار فيما بعد، بأن يكون مثل هذا النشاط علنياً وشفافاً.
والعمليّة الأخيرة هي بالتحديد ما تقوم به مؤسسات وصناديق مثل صندوق جورج سوروس «المجتمع المفتوح»، الذي شارك بنشاط في الثورة الجورجية، ومؤسسة «فريدوم هاوس» (بيت الحرية)، التي أصدرت قبيل الثورة القرغيزية 6 صحف سياسية قرغيزية معارضة ساهمت إلى حد كبير في خلع الرئيس عسكر أكايف، وكذلك «المعهد الجمهوري الدولي»، ينشر الديموقراطية في العالم. أما صانعو هذه الانقلابات، الذين يفضّلون البقاء في الظلّ، فيرى المحلّلون أنّهم على ثقة بأنّ ما يفعلونه هو لأهداف خيِّرة.
وفي السياق، علّق رئيس مؤسسة «فريدوم هاوس» مايك ستون، الذي طبع كتاب «من الديكتاتورية إلى الديمقراطية» في قرغيزيا، قائلاً «لقد شغلنا كثيراً بهذه الثورات (الملوّنة)، وأنا بحاجة إلى ثورة خضراء، ثورة الدولار. أعطونا نقوداً ونحن نطبع كل ما ترغبون!».
وتنوي وزارة الخارجية الأميركية طلب اعتماد بقيمة 110 ملايين دولار من الكونغرس هذا العام لـ «صندوق مساندة حقوق الإنسان والديمقراطية» الحكومي «لمساندة جهود الولايات المتحدة في تعميم الديمقراطية في الدول الأجنبية 8
_ كذلك أيضآ من المؤسسات التي اهتمت بدراسة الثورات الملونة (معهد ألبيرت اينشتاين) الذي تاسس عام 1983 في الولايات المتحدة الأمريكية وقد سميت أهدافه في البيان الرسمي:"الدراسة والبحث بهدف استخدام النضال الخالي من العنف ضد الديكتاتوريات،الحروب،والاضطهاد"
يرأس هذا المعهد ضابط سابق في (استخبارات وزارة الدفاع الأمريكية )العقيد روبرت هيلوي وبروفيسور جامعة هارفارد جين شارب (الذي تم ذكر كتابه سابقآ )والذي ترجمت أعماله المكرسة لاستخدام النضال السلمي في إسقاط السلطات الحكومية إلى 27 لغة. يمول هذا المعهد من أموال "الصناديق الخيرية " لرجل الأعمال سورس وهو رجل أعمال أمريكي من أصل يهودي، ورجل البورصة الأمريكي الذي يعتلي المرتبة 99 في قائمة أغنى رجل في العالم وتزيد ثروته عن تسعة مليار دولار. وكان ضمن أعضاء المجلس الاستشاري لمنظمة «المركز الدولي للدراسات السياسية» الممولة من قبل الحكومة الأمريكية عبر «مبادرة التعاون بين بولندا وأمريكا وأوكرانيا» وهي مؤسسة تدعمها الوكالة الأمريكية للتنمية، وتشرف عليها مؤسسة «فريدوم هاوس»، التي تقدم المنح للنشطاء..بالإضافة إلى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية.ومنذ تأسيس المعهد يقوم شارب ومساعديه دائمآ في السفر إلى المناطق التي يراد إقامة انقلابات فيها من اجل "مساندة الثورات"وكان شارب المنسق الأساسي أثناء الانقلاب الذي دبرته الولايات المتحدة في كل من صربيا وأوكرانيا التي منحتهما تركيزآ كبيرآ على إحداث الثورات الملونة فيها(جورجيا وأوكرانيا وقيرغيزستان )لأن روسيا ما تزال تشكل هاجسآ تقلق صانعي القرار في الولايات المتحدة حيث ان روسيا لا بد وأن تستعيد عافيتها وتعود دولة عظمى لها وزنها على الساحة الدولية وستستغل المخزون العسكري الذي ورثته عن الاتحاد السوفييتي لتنفيذ طموحاتها المستقبلية وبالتالي فإن جلب الولايات المتحدة لأنظمة موالية لها في الجوار الروسي سوف يمكنها من احتواء روسيا ودول القوقاز وآسيا الوسطى
ومن هنا تزداد الأهمية لمعرفة مدى نجاح الأحداث الثورية التي وجدت لها الأرضية الخصبة في جمهوريات أوكرانيا العام2004 ولون الثورة برتقالي، وجورجيا العام2003 ولون الثورة حمراء بلون الورد ، وقرغيزستان العام 2005 ولون الثورة صفراء أيضا بلون الورد، هذه الثورات لم تكن ذات أهمية ولم يكن موضوع تلوين الديمقراطية وارد في مثل هذه المناطق في عهد (بوريس يلتسن) فكان اللون واحدا ونقطة السيطرة السياسية هي في قلب موسكو وكان الكرملين هو البوصلة السياسية لأميركا وحلفائها للسيطرة على جمهوريات السوفيت . لكن نفور الكرملين من إملاءات القطب الأوحد بعد (بوريس يلتسن) حاول ويحاول هذا القطب (الولايات المتحدة) امتلاك مفاتيح القوى في المنطقة من خلال عقد الصفقات الثورية 9.
لذلك فإن العديد من المحللين السياسيين يدقون أجراس الخطر لعودة تنفيذ سيناريوهات الثورات الملونة في أراضي جمهورية أرمينيا وهي الحليف الوحيد لروسيا قبل الاعتراف باستقلال أوسيتيا وأبخازيا الواقعة في منطقة القوقاز وهو ما يعارض السياسات الخارجية المتبنية لتلك الثورات المتعطشة للسيطرة على جنوب هذه المنطقة من خلال حلف شمال الأطلسي .
المراجع:
(1): محمد السيد سليم،"تحليل السياسة الخارجية".

(2): (jhon perkins):former chief economist for chas .t.main inc
Author:confessions of an economic hitman
(3): مجتمع مدني:الثورات الملونة ..وسائل التغيير الديمقراطي"جريدة الصباح",تشارلس فيربانكس.
(4): الثورة المخملية..المفهوم والتجارب"شبكة النبأ المعلوماتية"،الخميس 25/6/2009
(5) : الثورات المخملية: معبر إلى الهيمنة العالمية"مجلة الدفاع الوطني"،ليديا سيماكوفا،السبت 24/10/2009
(6): خريف الثورات الملونة"جريدة الثورة السورية"،د:فريد حاتم الشحف،الاثنين 7/9/2009
(7): جون فوران،"مستقبل الثورات:إعادة التفكير بالتغيير الجذري في عصر العولمة.
(8): الثورات الملونة"جريدة الأخبار"،حبيب فوعاتي،الثلاثاء 17/4/2007
(9): تصدير الثورات الملونة بين الفشل والعودة"جريدة الوقت"،عدنان الهاشمي،العدد 128،الثلاثاء28 تشرين الأول2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح