الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورات العربية من عقل الكاميرا إلى غباء السياسة

طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)

2013 / 5 / 26
الصحافة والاعلام


يقينيا ليس للغربي عقلان وللعربي عقل واحد . لكن الشهادة الحق ، أنهم أكثر منا دراية وخبرة فى فنون التغليف والتصدير والتربح ونعترف أيضا أنهم أصحاب السبق فى فنون السينما والتليفزيون وغيرهما من فنون الصورة المتحركة ، ومن منطلق هذا التفوق التقني تعامل الغرب معنا دون أن يضع فى حساباته ، أن سيد الطب فى هذا العالم هو السير مجدي يعقوب العربي وأن رائد زراعة الكلي فى الشرق والعالم هوالعربي محمد غنيم أيضا ، وبأن الفيمتو ثانية من نتاج عقل عربي ، وبأن الله خلق مصطفى مشرفة كي يرفعه آنيشتين على رأسه ويضعه فى مرآة عينيه ليراه عالما معجزة بكل المقاييس ، وبأن هناك الكثير والكثير من تلك النماذج التى ذكرناها آنفا . بالطبع لا ننكر تلك المقولة التى نرددها على ألسنتنا ليل نهار : إن هؤلاء العباقرة لو لم يغادروا ناحية الشمال ، لما كانوا هكذا . لكن التساؤل المهم : هل نركن إلى تلك المقولة وننتظر عطف الآخر ومنحته كي نقدم منتجنا العربي ونفخر به أمام العالم ؟ الإجابة لا تهم ، ليس لكونها غير مهمة ، لكن محاولة الإجابة ستأخذنا فى طرقات التنظير التى استهلكنا وقودها أزمنة عديدة . فالغرب الذي يتعامل معنا بناء على تصوره المجهز مسبقا فى أروقة السياسة ، بأننا بشر ثالث أو عالم ثالث كما يحلو لهم التسمية . لا يتوقعوا منا إلا قبول منتجهم الحضاري بقدسية دعائية يجيدون الترويج لها . لكننا لن ننتظر اجابات المنظرين ولن ننتظر أيضا منحتهم ناحية الشمال كي نقدم منتجنا الذي نراه صوبا ، حتى ولو رأه غيرنا خطأ كاملا فالعبرة ليست فى المنتج وحد ، بل فى جرأة الطرح ولو كان المطروح كله عوار . فقد دفعتنا حرب احتلال العراق وبالتحديد لحظة سقوط تمثال صدام حسين ، إلى ولوج وطرح قضية جديدة بشكل ذاتي ، حيث أنني لم أكن قد اجتزت عتبات كشف لعبة المخادعة الإعلامية بعد ، فقد تم تصوير المشهد المعد والمجهز بعناية قبل تحطيم التمثال بأيام ، بطريقة تثير الشفقة على أداء ملوك " الميديا " العالمية ، فقد تخيل السواد الأعظم من الناس والكثير من المحترفين ، بأن لحظة سقوط التمثال ، كانت شعبية بحته ومصورة بتلقائية تواجد الاعلام فى موقع الحدث آنيا . لكن الدارس الحقيقي لحركات الكاميرا وفن التوليف " المونتاج " يمكنه رصد تلك المخادعة الغبية ، حيث تعددت اللقطات بين عامة ومتوسطة وبانورامية دائرية وشمال ويمين وما نسميه أيضا " تلت أب وتلت دون " وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال سوى وجود عربة مجهزة باستديو للبث المباشر ، وقد حاولوا قدر استطاعتهم بأن تظهر بعض اللقطات ارتجالية ومهتزة ، فما حاولت الكاميرا تعميته ، كشفه مونتاج الهواء بسلاسة . فالكذب لا يدوم ولو أتوا بشياطين الكذب من العالم الآخر ولا سيما أن اكتشف تلك المخادعة مبتدئ مثلي فى ذلك التاريخ . دفعتنا تلك الواقعة التاريخية إلى رصد نقل الأحداث الساخنة حول العالم ، وكنا قبلها وبعدها بقليل فى حالة انبهار من أداء قناة الجزيرة واحترافيتها فى نقل الحدث أول بأول وكأنهم على علم مسبق بلحظة وقوع الكارثة . لكن كلمة وكأنهم اتضح أنها وكانوا على علم مسبق وليس كأنهم ... وقد تكشفت اللعبة إبان ما أسميناها بثورات الربيع العربي ، وعلاقة تلك المحطة بالخاجية القطرية وزواج المسيار مابين قطر وأمريكا . فكانت أحداث 11 سبتمبر وتصوير انهيار برج التجارة العالمية بشكل احترافي كامل ، ليس فيه أدنى شك، من علم بعض وسائل الإعلام بالحدث مسبقا ، حيث أتت اللقطات بارتكاز الكاميرا على الحامل " الترايبد " فى الكثير من اللقطات ، أما اللقطات المهتزة بقصد الايحاء بأن التصوير لهواة ، فقد فضحها مفتاح " الزوم إن وأوت " ومحور ضبط مؤشر الفوكس فى الكاميرا ، واصطياد الكاميرا لمروحية مرتفعة بعدسة عالية التقنية ربما تكون من نوع " 4.5 " وغير ذلك من المفردات التى تثبت يقينيا علاقة الحدث بأصحابه وليس علاقة الحدث بالإرهاب العربي كما زعموا ، حتى وإن أثبتت التحقيقات تورط بعض المغيبين العرب فى تلك الأحداث الدموية والمرفوضة إنسانيا ، لكن الأزمة الحقيقية أن خبراء الإعلام العرب لم يحاولوا تبرئة ساحتنا بعشرات من المفردات الفنية والعلمية التي مرت على من يسمون أنفسهم بالخبراء دون أن يلجوا غمار كشف لعبة المخادعة الإعلامية الغربية بآلتها الدعائية ، وعلى هذه الشاكلة سار إعلام قناة الجزيرة حتى تكشفت لعبة المخادعة فى ميدان تحرير مصر ، فقد عمدت تلك الآلة إلى تصوير مظاهرات 25 يناير باستخدام اللقطات العامة " total" وما نسميه أيضا " اكستريم لونج شوت " لكشف مئات الآلاف من البشر داخل الميدان بطريقة توحي للمتلقي بأنهم ملايين من الثوار ، وفى المقابل كانت آلة التليفزيون الحكومي " ماسبيرو " تعمل بغباء غير مسبوق فى تثبيت الكاميرا على مجموعة قليلة العدد بلقطة تقترب من الميديم شوت . لقطة باهتة ، لا هي بالتوتال أو المتوسط ، مع ثبات كامل للكادر " فيكس كادر " فيما كانت الجزيرة تستخدم جميع تقنيات هوليود لتوصيل رسالتها المتفق عليها مسبقا . وعلى النقيض تماما بعدما تولى محمد مرسي المدعوم قطريا حكم مصر ، وبدأت الجزيرة فى تغطية التظاهرات ضد من أسماه المتظاهرون بصبي المرشد . استخدمت قناة الجزيرة نفس تقنيات غباء ماسبيرو الغارق فى اعلام ما قبل بدأ الاعلام . فاتخذت أسلوب " الفيكس كادر " فى لقطة متوسطة أو عامة بعيدة كل البعد عن الواسعة جدا " اكستريم " على عدد محدود من المتظاهرين . لذا واجهنا هذه المخادعة الهوليودية بعدة شروط مقنعة لتصديق رسائل تصوير ونقل التظاهرات ومنها :
1/ الإعتماد على اللقطات الواسعة جدا " اكستريم "
2/ عدم اعتماد اللقطات المتوسطة والاعتداد بها لحظة نقل التظاهرة
3/ عدم الوثوق ورفض الانتقال بين اللقطات باستخدام أسلوب القطع أو المزج أو الفيد ...، أي أن يكون الانتقال متصل باستخدام المحورين الأفقي والرأسي للكاميرا حتى وإن قال الخبراء أن هذه ليست طريقة انتقال بين المشاهد
4/ الوثوق فى كافة اللقطات البانورامية المتصلة
5/ عدم الوثوق فى أسلوب الفوتومونتاج لحظة استطلاع أراء المتظاهرين
ربما يرى البعض أن ما طرحناه يحتاج إلى مجهود كبير كي يفهمه المشاهد العادي ، لكن الأمر أبسط مما يتصوره الكثيرون . نحن فقط فى حاجة إلى معاهد تدريبية متخصصة فى تلقي الرسائل التليفزيونية ، وعمل دورات مكثفة للمهتمين بالمعرفة الحقيقية دون تلبيس وولوج الخبراء فى غمار هذه القضية ، كي لا ننتظر منحة الغرب وموسم الهجرة إلى الشمال . رحم الله مصطفى مشرفة والطيب صالح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة