الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ّالساسيّ في تجمع جماهيري بالرشيدية: الوضع السياسي شاذ، واليسار التقليدي باع الإصلاح واشترى المشاركة

علي بنساعود

2005 / 4 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


الوضع السياسي بالمغرب شاذ: النخبة تبارك، والقوى منضبطة، ولا وجود لمعارضة عقلانية، أما القوى الإسلامية، فليس لديها برنامج علمي دقيق، وكل حلولها ماضوية، وهذا ما يجعل الحكام في وضعية مريحة، يتخذون ما يشاؤون من قرارات، دون أن يبالوا بأحد!!! من هنا تستمد مبادرة "تجمع اليسار الديمقراطي" مشروعيتها، رغم اختلافات مكوناته...، هذا بعض ما جاء في عرض قدمه الأستاذ محمد الساسي بالرشيدية...


*عائلتان

"بالمغرب اليوم عائلتان يساريتان: الأولى تقليدية والثانية منتفضة، مصححة، وذات أفق جديد. وهما معا امتداد لثلاثة منابع غذت مجرى اليسار المغربي. وهذه المنابع هي: الحركة الوطنية، والحركة الشيوعية العالمية، والحركة الماركسية اللينينية".

*تجليات الاختلاف

من التمييز أعلاه، وبعد تحديده لمفهوم "اليسار"، انطلق الأستاذ محمد الساسي في عرض ألقاه في تجمع جماهيري أطره يوم الأحد الماضي (17 أبريل) بالرشيدية... اعتبر فيه أن اليسار الجديد ليس بديلا عن اليسار التقليدي بل تجاوز له، واختزل ما يميز بينهما في خمس نقط هي:

*توصيف المرحلة الراهنة، فاليسار التقليدي (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية)، حسبه، يرى أن المغرب يعيش "مرحلة انتقال ديمقراطي"، بينما لا يرى اليسار الجديد ذلك، بل إن بعض أطرافه تعتبر أن الأمر يتعلق ب"انفراج" ليس إلا، بينما يعتبر بعض آخر أن الأمر مجرد "هامش ديمقراطي"، وحسبه، فإن سبب الاختلاف هو أن اليسار الجديد ينظر للانتقال من خلال معايير عامة، بينما ينظر اليسار التقليدي من خلال معايير خاصة...

*اليسار التقليدي لا يعتبر الإصلاح الدستوري أولوية، بينما يعتبره اليسار الجديد أولى الأولويات، التقليدي يركز على الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، والجديد يقول بأن التجارب العالمية أثبتت إمكانية الجمع بين الإصلاحين في نفس الصيرورة...

*المشاركة في الحكومة: اليسار الجديد يرى أن الشروط غير مناسبة لأية مشاركة حكومية فعالة وفاعلة، بينما يعتبر اليسار التقليدي أن المشاركة ضرورية للإصلاح، لكن هذه المشاركة، حسب الساسي، سرعان ما تحولت إلى مشاركة مفعول بها، ورغم ذلك، فإن هذا اليسار ما زال متشبثا بها حتى الآن، وذلك بعدما باع الإصلاح واشترى المشاركة...

*إطار التحالف، بخصوص هذه النقطة أوضح الساسي أن اليسار التقليدي تحالف ومازال متحالفا ومستعدا للتحالف مع أي كان، دون مراعاة ناظم أو برنامج، الأساسي، بالنسبة إليه، هو كراسي المسؤولية...

*البراغماتية، السياسة في حاجة إلى البراغماتية، لكن الإشكال، حسب الساسي، هو أن براغماتية اليسار التقليدي مطلقة ولا حدود لها أما اليسار الجديد فيدعو إلى براغماتية مقيدة ومشروطة...

*دواعي الوحدة

وإضافة إلى التمييز أعلاه، وبجرأته وصراحته المعهودتين، واصل الأستاذ الساسي عرضه بتحديد الأسباب التي تجعل اليسار الجديد جادا في نشدان الوحدة، وهي أسباب حددها في أربعة هي:

*ضعفه إزاء المخزن والحركة الأصولية، إذ أن اليسار الجديد، حسبه، رغم ما لديه من مستودعات ومناجم القوة، عاجز عن توقيف مخزنة المجتمع، ولذلك فإن الدولة لا تحسب له حسابا...، ومقابل عجزه هذا، تواصل الحركة الأصولية تغلغلها وسط الجماهير الشعبية واستقطاب الشباب وتأطيره...، وهنا أضاف بأن اليسار التقليدي، الذي لم ينته دوره بعد، يمتلك لوجيستيكا وعتادا حزبيا يفتقد إليه اليسار الجديد، لكنه عاد ليستدرك بأن اللوجيستيك وحده لا يصنع الحزب الحقيقي، وإن كان هذا الأخير في حاجة إلى لوجيستيك...

*رغم ضعفه العام، أكد المتدخل أن لدى مكونات اليسار الجديد إمكانيات للتكامل في ما بينها، سيما أن بعضها منتج للأفكار، وبعضها قريب من النقابات، وبعض ثالث ذو تجربة وخبرة حقوقيتين مهمتين...

*حالة الركود والفراغ التي تعيشها البلاد راهنا، حيث النخبة، حسب ممثل الهيئة التنفيذية ل"التجمع"، تبارك، وجميع القوى منضبطة، ولا وجود لمعارضة عقلانية، وهذا وضع سياسي شاذ!!! أما القوى الإسلامية، (وخصوصا منها العدالة والتنمية كمعارضة مؤسسية، والعدل والإحسان كمعارضة شعبوية) فليس لديها برنامج علمي دقيق، وكل حلولها ماضوية، مضى عليها أزيد من أربعة عشر قرنا!!! وهذه المعطيات مجتمعة تجعل الحكام يحكمون في وضعية مريحة، وإن كان ذلك في غير صالحهم!!!، يتخذون ما يشاؤون من قرارات، ولو كانت ماسة بحقوق الجماهير، دون أن يبالوا بأحد أو يجدوا من يوقفهم أو يتصدى لهم، كما كان الأمر في السابق!!!

*نقاط الخلاف بين مكوناته آخذة في التقلص، وهي خلافات، حسبه، لا ينبغي نفيها أو استعظامها، وأهمها سبعة وهي: الصحراء المغربية/ الانتخابات/ شكل النظام السياسي/ الموقف من اليسار التقليدي/ تجمع اليسار خطوة نحو إقامة الحزب الاشتراكي الكبير/الحقل النقابي/ المرجعية.


*نقاط الالتقاء

أما نقط الالتقاء بين مكونات اليسار الجديد فحددها في أربع نقط جوهرية وهي:
إيمان مختلف مكوناته بالمرجعية الاشتراكية وبالديمقراطية وبنزاهة الوسائل، حيث إن اليسار الجديد، حسبه، يمارس السياسة "من صميم الفؤاد"، ولا يعتبرها، كما اليسار التقليدي، ريعا أو مصدر دخل وترقية اجتماعية، الشيء الذي جعل أحزابه مخصية سياسيا وفكريا، وعاجزة عن قول: "لا" التي يستطيع اليسار الجديد قولها متى دعت الضرورة إلى ذلك. أما نقطة الالتقاء الثالثة بين هذه المكونات، فتتمثل في ما أسماه صاحب العرض "قيمة المرجع في السياسة"، وهنا ذكر بأن رفاقه في اليسار الجديد لا يمكنهم أن يرضوا لغيرهم دون ما يرضونه لأنفسهم، وكمثال على ذلك، استشهد بموقفهم عقب محاكمات 16 ماي 2002 الشهيرة، حيث كانوا قد طالبوا للمعتقلين بالمحاكمة العادلة...
أما رابع نقطة التقاء بين مكونات التجمع، فحددها في الاستقلالية عن الدولة، وفيها أوضح المتدخل بأن لليسار الجديد برنامجا، وبأن مطالبه لا سقف لها، لأنه لا يمارس السياسة تحت الطلب، بل وفق ما تمليه مصلحة الجماهير الشعبية...، عكس من لا تجتمع مكاتبهم السياسية إلا لتزكية وتثمين القرارات السامية السديدة...!!!

وهم جميعا قريبون من بؤر المقاومة المدنية: النقابات، المعطلون، الحقوقيون، الصحافة المستقلة...، التي ينبغي تجسير العلاقة معها...

*أول تحالف "قاعدي" مهيكل...

وبرنامجيا، اعتبر الساسي أنه رغم البطء الذي وسم عمله، ف "التجمع" هو أول تحالف وطني قدم أوراقه التأسيسية لقواعده لمناقشتها، وأول تحالف مهيكل وطنيا وإقليميا وقطاعيا (النساء، المحامون، الحقوقيون، فريق العمل الدستوري...) وأول تحالف وضع برنامجا سنويا، وأولويات هذا البرنامج أربعة وهي: الإصلاح الدستوري، ومحاربة الفساد، والنضال من أجل التشغيل، والمدرسة العمومية الجيدة للجميع...، وهو برنامج شرع في تفعيله بالتظاهر مع المعطلين بالرباط يوم ثاني أبريل الحالي، وبالمساهمة في قافلة التضامن مع معتقلي مناجم إيمني بورزازات، وبمساندة الطلبة في محنتهم، ومحطة 8 مارس...

وللإشارة، فإن هذا العرض الذي كان تحت عنوان "وحدة اليسار الديمقراطي ورهان التغيير"، والذي كانت تتخلله شعارات عادت بنا إلى سنوات مضت، والذي حضره أزيد من مائتي مواطن أغلبيتهم ذكور!!!، قدم في لقاء جماهيري نظم بقاعة مقر غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالرشيدية، بمناسبة الإعلان عن "تشكل" اللجنة الإقليمية لتجمع اليسار الديمقراطي، وهو إطار، وصفه الساسي بكونه أكبر من التحالف وأقل من الوحدة، ويتكون وطنيا من خمسة إطارات هي: الوفاء من أجل الديمقراطية والنهج الديمقراطي وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي واليسار الاشتراكي الموحد...

*صورة وتساؤل


من المعلوم أن مكونات اليسار الجديد، بتنظيمها لهذا النشاط، وبإقدامها على خطوة "التجمع" هذه، تحاول أن تقدم صورة جديدة عن نفسها، وأن تبشر بأنها، رغم كل شيء قادمة وقادرة على خلق الحدث، وتغيير المعادلة السياسية القادمة... فهل تنجح؟ لا أخفيكم أن التجارب علمتني ، ورغم الخطابات الوردية، أن لا أتفاءل!!! فهل يعاكسني القدر هذه المرة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?منيات وا?مال الشعب اللبناني من القمة العربية بالبحرين


.. بشير شوشة: -من الضروري نشر المحتوى التاريخي على جميع المنصات




.. حماس تعلن وفاة أحد المحتجزين.. وإسرائيل توسع عملياتها باتجاه


.. في ظل الرفض العربي لسياسات رئيس الحكومة الإسرائيلية في غزة..




.. روسيا تكتسح الغرب في -معركة القذائف-.. المئات يفرّون من القت