الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب يؤسِّس لعهد جديد من الصراع!

جواد البشيتي

2013 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


إنَّها ساعة "الوضوح والحقيقة والكلام الذي يُسْمَع بالعين لا بالأُذْن"؛ وهذه "الساعة" هي التي فرضت على إيران أنْ يلقي حسن نصر الله (الأمين العام لـ "حزب الله" في لبنان) خطاباً بهذا الشكل، وبهذا المحتوى؛ وإنِّي لأفهم هذا الخطاب على أنَّه تأسيس لعهد جديد من الصراع في سورية، ومن الصراع الإقليمي ـ الدولي، الذي خرج من رحم الصراع الأوَّل، ثمَّ شرع يسيِّر رياحه بما تشتهي مصالح وأهداف أطراف الصراع الثاني (الإقليمي ـ الدولي).
بدءاً من هذا الخطاب، الذي في حدِّه الحدُّ بين.. و..، اختلف كل شيء؛ وينبغي لنا (ولهم) أنْ ننظر إلى كل ما سيأتي به هذا الصراع، من الآن وصاعداً، بعيون مختلفة.
حسن نصر الله نعى، ضمناً، "الجمهورية العربية السورية"، ورئيسها (إلى الأبد) بشار الأسد، الذي هو الآن، ولجهة مصيره ومستقبله، كميِّتٍ يأبى ذووه وأهله وأقرباؤه وأحباؤه الاعتراف بموته إلاَّ بعد دفنه؛ و"مراسم الدَّفْن" يمكن (وأقول "يمكن") أنْ تكون هي نفسها مراسم الاحتفال بولادة طفلٍ جديد (هو كناية عن "سورية الجديدة") لسايكس وبيكو، بهيئتيهما الجديدتين.
إيران لا تقبل أبداً (وهذا من حقِّها بصفة كونها القوَّة الإقليمية الأولى التي تقاتِل في سورية الشعب السوري وثورته باسم العداء لأعداء "المقاوَمَة" من قوى دولية وإقليمية وعربية وسورية) أنْ يُعْقَد "مؤتمر جنيف ـ 2" في غيابها؛ فهي يجب أنْ تأتي (مع أصدقائها وأعدائها) إلى هذه "السوق" لـ "تتسوَّق"؛ فإنَّ لديها رغبة قوية في الشراء والبيع.
"إيران يجب أنْ تَحْضُر"؛ وهذا ما قالته بلسان حسن نصر الله إذْ قال إنَّه سيزجُّ بكل ما لديه من مقاتلين وسلاح في "معركة الحزام"؛ فـ "المحافظات السورية التي لها حدود مع لبنان يجب أنْ تنتقل السيطرة (العسكرية) عليها من أيدي التكفيريين إلى أيدي حزبه"؛ ولقد أذعن واستخذى المهزوم بشار (رئيس الجمهورية العربية السورية) لهذه المشيئة الإيرانية الصَّرف؛ ففي الصراع الجديد، الذي بدأ إذْ انتهى حسن نصر الله من إلقاء خطاب طهران، غدا بشار حليفاً لإيران في صراعها السوري؛ وإيَّاكم، من الآن وصاعداً، أنْ يلتبس عليكم الأمر؛ فبشار الذي كانت إيران حليفاً له قبل أنْ يُهْزَم هو الآن حليف إيران في الصراع السوري.
و"طرطوس" هي الآن الموضع الذي تتركَّز فيه المصالح الحيوية المشتركة لروسيا وإيران و"حزب الله"؛ وإنَّ على إيران و"حزب الله" ، وانطلاقاً من القصير، وجوارها، أنْ يبسطا سيطرتهما العسكرية على المحافظات والمناطق السورية المحاذية للبنان، وبما يسمح بالوصل بين المعاقِل العلوية في الغرب السوري (أيْ في الجبال والساحل) ومعاقِل "حزب الله" في لبنان، وفي الهرمل، على وجه الخصوص، وأوَّلاً، وبما يسمح بالوصل، أيضاً، وإلى أنْ يتَّضِح مستقبل سورية، بين هذه "البقعة (المعاقل العلوية، ومعاقل "حزب الله" في لبنان، والمناطق والمحافظات السورية التي أُخْرِج منها "التكفيريون") وبين العاصمة دمشق.
"سورية الظَّهْر والسَّنَد" لـ "حزب الله" يجب أنْ تتغيَّر بمعناها الجغرافي الآن؛ فصلة الوصل بين إيران و"حزب الله" ما عادت العراق بمناطقه الغربية (منطقة الأنبار على وجه الخصوص) غير الآمنة، ولا سورية بمناطقها الشرقية غير الآمنة أيضاً، ولا مطار دمشق؛ وإنَّما "ميناء طرطوس"، حيث الوجود العسكري البحري الروسي، والسُّفُن الإيرانية الحربية وغير الحربية التي تُكْثِر من زيارته.
حرب "حزب الله" في سورية هي الآن حقيقة لا ريب فيها؛ وهذه الحرب ما عادت من أجل حماية أماكِن مقدَّسة لدى الشيعة، ولا من أجل شيعة لبنانيين يقطنون قرى ومناطق سورية محاذية للبنان؛ ولن تكون (إلاَّ إذا أصاب العمى أبصارنا وبصائرنا) من أجل (أيْ دفاعاً عن) سورية ولبنان وفلسطين؛ إنَّها حربٌ من أجل إيران و"الحزب"، ولا ضرر منها على مصالح روسياً، سورياً وإقليمياً.
لبنان الرَّسمي قال بـ "سياسة النأي بالنفس" عن الصراع في سورية؛ وها هو نصر الله يعيد تعريف هذه السياسة، قائلاً لخصوم بشار الأسد من اللبنانيين: تعالوا (إذا ما أردتم) لنتقاتَل في سورية؛ وللننأى جميعاً بلبنان عن الحرب والاقتتال والدمار؛ وكأنَّ لبنان مفهوم جغرافي صرف، يمكن أنْ يقتتل أبناؤه في "الملعب السوري"، وأنْ يظل، في الوقت نفسه، في الحفظ والصون، لا يصيبه مكروه!
"حزب الله"، وعلى ما أعلن نصر الله، لا يحتاج من أجل القتال والانتصار في سورية إلى تلك "الكلمة السِّحْرية"، إعلان "الجهاد"؛ فإنَّ لديه "كلمة سِحْرية أخرى أقوى وأشد وَقْعاً (في النفوس)"؛ ولقد أثار نصر الله فضولنا إذا قال "إنَّهما كلمتان اثنتان" إذا قالهما انطلق عشرات الآلاف من مقاتليه إلى سورية للقتال؛ فهل أفصح لنا عن هاتين "الكلمتين السِّحريتين"؟!
احْزروهما؛ فإنْ حزرتم، فهمتم، عندئذٍ، معنى "التكفير" و"التكفيريين"!
أمَّا ما أدهشني أكثر فهو "المعادلة الإسرائيلية" لهذا الصراع الجديد؛ فلا سلاح يَدْخُل إلى "حزب الله" في لبنان (من أجل تعزيز "المقاومة") لكن لهذا الحزب ملء الحق في أنْ يُخْرِج من لبنان إلى سورية كل ما لديه من سلاح؛ فإنَّ "احتلال" التكفيريين للقصير وغيرها سيُصيب مقتلاً من مهمة "تحرير" مزارع شبعا.
وإنَّي لم أرَ إيماناً يشبه الكفر بالمقاومة كالإيمان ببشار الأسد، شخصاً وحُكْماً؛ والمؤمن هذا الإيمان ببشار هو وحده الذي يحقُّ له أنْ يرفع عقيرته صارخاً: وَيْلٌ للعرب، وَيْلٌ للمسلمين، وَيْلٌ لسورية ولبنان؛ لا بَلْ وَيْلٌ لفلسطين، إذا ما سَقَط (أو أُسْقِط) بشار!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لقد كشف دجال المقاوله عن وجهه
سوري فهمان ( 2013 / 5 / 26 - 19:44 )
لقد كشف دجال المقاوله عن وجهه اللذي لم يخفيه أبدا فمنذ ترفعه من بائع خضرة إلى زعيم حزب أعلن عن تبعيته لولايت السفيه ولعب دوره بشكل كامل متخفيا تارة تحت المقاومة وتارة تحت دعم الشعب الفلسطيني . لقد فهمت إسرائيل اللعبه ودفعت أمريكا لإسقاط صدام وتشكيل الهلال الشيعي بإعطاء العراق لإيران واستفادت بذلك من الطائفيه الصفوية لتعيد معارك السنه والشيعه وتتفرج عليهم وهم يقتتلون واهيمن هذا الارهابي بانه بطل التحرير.


2 - متى يستفيق الاغبياء ؟؟؟
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 5 / 27 - 14:59 )
كثر القيل والقال نتيجة البؤس والانفعال حتى حس البعض بسوء المنقلب والمآل وراح يهلوس ظانا انه من الرجال محاولا ستر الشمس بالغربال وما ان غابت الشمس وارخى الليل سدوله حتى وقعت عيناه على بركة بين حشائش مطمورة ووجد عندها كلاب ممطورة تنيح كلما رات الصورة. صورة البدر في الماء محفورة فسال نفسه هل كنت انا من الفاهمين الابطال عندما حاولت ستر الشمس بالغربال كما هل يضر البدر نباح الكلاب او ليس هذا من المحال؟؟.فما كان من نفسه الا ان اجابت نعم انه من المحال ولكن:
“عند الصباح يحمد القوم السرى *** وتنجلي عنهم غيابات الكرى”
والى ان ياتي الصباح نحن في الانتظار.


3 - لن يفيقوا
نور الحرية ( 2013 / 5 / 27 - 16:57 )
اخي فهد شكرا جزيلا لك على هذه الكلمات المضيئة في هذا المقال الدامس وتاكد ان الاغبياء خلقوا ليبقوا اغبياء

اخر الافلام

.. الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مسجدا يؤوي نازحين في دير البلح وس


.. مقتل وإصابة طلاب بحادثة انقلاب حافلة في كولومبيا




.. رحلات الإجلاء تتواصل.. سلوفاكيا تعيد رعاياها من لبنان


.. ما الذي قدمته إيران إلى لبنان منذ بدء الهجوم الإسرائيلي؟




.. فرنسا.. مظاهرات في باريس تنديدا باستهداف المدنيين في لبنان و