الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعادة هيكلة و ليس مهزلة

خالد قنوت

2013 / 5 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


الائتلاف الوطني لقوى المعارضة و الثورة, تركيبة عجيبة غريبة قبلناها لعلها ترتي ما فشل به المجلس الوطني سيء السمعة و التجربة, و لكن لا يصلح العطار ما أفسده الدهر.
تحت ضغط السيدة كلنتون و بتعليمات مباشرة منها تم إقفال الأبواب على مجموعة معارضة تحمل تاريخاً نضالياً وطنياً خرجت معظمها من الداخل تحت تهديد البطش الأسدي بالتصفية و الاعتقال, و مجموعة أخرى خليط بين شخصيات معروفة بانتمائها لتنظيم الاخوان المسلمين و إعلان دمشق و شخصيات هبطت علينا من غائب علمه لا نعرفها و لا تحمل أي تاريخ نضالي سياسي و ربما لا تعرف من السياسة سوى كلمة أحبك.
حلفت الحكومة القطرية آلاف الأيمان أن لا تفتح الأبواب إلا بعد أن يتفقوا على تشكيل مكون جديد و بما أن لكل إنسان قدرة على العناد و الجوع فقد طرقوا الأبواب معلنين اسم المولود الجديد و هو الائتلاف الوطني لقوى المعارضة و الثورة و لكن هذا المولود كان مشوهاً أيضاً و غير مكتمل الخلقة و كأنه سبيعي أو ينقص دماغاً أو رأساً.
استبشرنا خيراً برئيسه الشيخ المناضل معاذ الخطيب لما له من سمعة طيبة و نزاهة و صراحة و لكن كيف يستطيع الانسان أن يمشي بخطوات واثقة قوية و قد قيد بسلاسل الاقصاء و التفرد باسم الديمقراطية العددية.
لم يستطيع الشيخ أن يشكل مجلس استشاري سياسي رغم أن أهم خطوة تقتضي برسم استراتيجية للثورة واضحة و وطنية تعكس أهداف الشعب السوري الثائر و منها تبدأ علمية التعامل اليومي مع مستجدات الثورة بما يسمى بالتكتيك.
من الظواهر الديمقراطية للاتئلاف كان سحب الملف الاعلامي من السيدة ريما فليحان و إعطائه لآخر من الشخصيات التي تهبط علينا من السماء لم نره في مقابلة أو تصريح باسم الائتلاف لاحقاً و لكنه منصب و هناك من يعشق المناصب.
من الظواهر الديمقراطية الأخرى لجنة الإغاثة التي لا يعرف عنها معظم أعضاء الاتئلاف إلا أن السيدة سهير الأتاسي رئيسة لها و كما صرح ممثل مجلس مدينة الرقة في الائتلاف أن المبالغ المخصصة للمجالس المحلية تصرف نتيجة المعرفة الشخصية و الانتماآت و الولاآت الحزبية.
و أيضاً من الكوارث الديمقراطية للائتلاف, حادثة انتخاب رئيس وزراء للحكومة الانتقالية حيث عجزنا لنعرف من هو هذا الهمام الذي سيتنازل و يتواضع و يقبل بهذا المنصب الكبير رغم عدم اقتناعنا بهكذا حكومة في مثل هذا الوقت من الثورة, و إذا بالسيد غسان هيتو و بأكثرية الأصوات. مع كل الاحترام للسيد هيتو و لكن من هو؟ و ماذا يعرف عن سورية بعد أكثر من ثلاثين عاماً في الولايات المتحدة الأمريكية بعيداً عن الوطن و همومه؟ و ماذا يعرف عن السياسة و خاصة أن هذا المنصب هو منصب سياسي بامتياز؟.
السوريين الحذقين بالفطرة عرفوا أن تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة و تنصيب رئيس وزراء كان لحرق بطاقة الشيخ معاذ الخطيب كما حدث للدكتور برهان غليون و د. عبد الباسط سيدا و شيخ العلمانيين السوريين السيد جورج صبرا بعد أن تنازل أحد المنتخبين لصالحه في انتخابات المجلس الوطني, لكن الشيخ كان أشد ذكاءً منهم و قلب الطاولة عليهم و حضر مؤتمر القمة العربية رئيساً للوفد السوري. كل مشكلة الشيخ معاذ أنه لا يعرف دهاليز السياسة كما يعترف هو شخصياً و لكنه واضح و صريح و كان لإعلان مبادرته بالتفاوض على رحيل النظام نوع من التجاوز للمحرمات التي يضعها المرشد و ما لف لفيفه.
تلخبط الحابل بالنابل و بدأ الناس بالشوراع يسقطون الاتئلاف في مظاهراتهم كما فعلوا مع المجلس, و خاصة أنهم لم يشاهدوا أعضاء الائتلاف و المجلس إلا للصور التذكارية بينما الوضع المعيشي اليومي في تدهور مستمر و انتشار المجموعات المسلحة باسم الثورة صار كارثياً فقد سيطرت بعضها على منابع النفط باتفاق وضيع مع النظام و أخرى سرقت الصوامع و المصانع و باعتها في تركيا و الكارثة الكبرى سيطرة مجموعات متطرفة تكفيرية على المناطق المحررة باسم الهيئات الشرعية فبدأت بالجلد و إقامة الحد على البشر و إعدام الأسرى بمشاهد جاهلية و بربرية لا تمت للإسلام الحنيف بصلة, بينما كتائب أخرى تقاتل النظام في ظروف إعجازية اسطورية.
تعالت الأصوات بإصلاح الائتلاف كي لا تستعاد تجربة تشكيل كيان جديد و انسحب عدد من الأعضاء كتعبير عن رفضهم للتفرد و الاقصاء باسم الديمقراطية داخل الائتلاف و عن الذهنية البليدة و العنجهية الظاهرة لكثير من قيادات الاخوان المسلمين و حلفائهم و من يقفون تحت جناحهم, في حالة اثبات لضياع فرصة تاريخية لحركة الاخوان المسلمين السورية في العودة للحياة السياسية على أرضية وطنية تقبل الآخر و تبتعد عن شبح تجربة الثمانينيات الدموية التي خسروا بها تعاطف السوريين و خرجوا بنتيجتها من الوطن ككل. لقد كان من الأجدى لقيادة الاخوان المسلمين كتنظيم سياسي سوري أن يخضع نفسه لمراجعة نقدية حقيقية لتجربته التاريخية و يقدم للشعب السوري اعتذاراً واضحاً عن تاريخ دموي في الثمانينيات و يطهر كيانه بالغفران و يقبل بالآخرين و بالاختلافهم معه أيديولوجياً عندها كان من الممكن الرجوع السليم للوطن و للعمل به و له بعدها كامل الحقوق و الطموحات كأي تنظيم سياسي سوري عريق و أساسي, تحت سقف الديمقراطية الدستورية.
تجمد عمل الائتلاف فترة, لكي تستوعب القوة المهيمنة عليه تداعيات الرفض الشعبي للفشل و التفرد لتعود الضغوط عليه من جديد بعد الاتفاق الروسي الأمريكي على انعقاد مؤتمر جنيف 2 فكان لا بد من صيغة مقبولة شعبياً و ثورياً و دولياً.
اليوم, صام الائتلاف دهراً و نطق كفراً حيث أعلن عن توسعة تتضمن ثمانية شخصيات معارضة وطنية فقط و كأن المطلوب منهم تنازل و قدموه على غير رغبة.
هنا لا بد و أن نبق البحصة و نصرخ بأصحاب العقول المتحجرة و الذهنيات الاستبدادية في حالة استنساخ لاستبداد النظام الاستبدادي الأسدي نفسه و كأن الأنظمة الاستبدادية تنتج معارضات استبدادية تشبهها:
هل إعادة الهيكلة تعني زيادة ثمانية أعضاء جدد و بقاء نفس البنية و الهيكل و الآليات؟ هل باسم ديمقراطيتكم العجيبة تقصون شخصيات معارضة أصيلة و أساسية كانت مع الحراك الثوري منذ بدايته و مازالت؟ من أنتم حتى ترفضوا توسعة شاملة للقوى السياسية السورية و تعيدوا هيكلة الائتلاف بشكل يعطيه المصداقية؟ هل كنتم بالأصل نتاج حالة ديمقراطية انتخابية و قدم كل واحد منكم تصرح بتاريخه النضالي و المهني و المالي أمام الشعب الثائر على الأقل, أم انكم لمية شللية و معارف شخصية مع احترامنا للجميع حيث نتائج التصويت كشفت أنكم من صنف سياسي واحد و هذا ما حصل في تجربة انتخاب رئيس وزراء الحكومة الانتقالية ذاك الانتخاب المهين؟ يعرف كل السوريين أن من بينكم شخصيات أشد سوءً و تعطشاً للسلطة من النظام فها هي اليوم ترفض توسعة الائتلاف ليضم معارضين وطنيين و نزيهين و حريصين على الثورة و على الوطن و وجودهم اليوم ضروري أمام استحقاق مصيري قادم.
لكي لا يذهب الكلام هباءً, سأذكر بعض من هذه الشخصيات ليس لمعرفتي ببعضها بقدر ما لها من حضور في تاريخ المعارضة السورية مع حفظ الألقاب: حازم النهار, بسام يوسف, عبد العزيز الخير, خليل معتوق, منذر خدام, حسين العودات, صادق جلال العظم, عقاب يحيى, الحارث النبهان, عمر الأدلبي, صبحي الحديدي, عزة البحرة, طيب تيزيني و غيرهم الكثير, فضلاً عن العشرات من المعارضين الثوريين داخل الوطن و تحت ظروف القمع الأسدي كرياض الترك و ياسين الحاج صالح و خولة دنيا و مي سكاف و كثيرين لا يريدون كشف اسمائهم كي لا يتعرضوا للتصفية و الاعتقال رغم أنهم يعملون بصمت و صبر و تفان.
بصراحة و هذا لسان كل السوريين الثائرين و الصابرين, أن المعارضة للأسف صارت من أكبر الأعباء على الثورة, فبعد سنتين من العذاب الذي يكيله النظام الخائن على كل السوريين و من أنقاض هذا الدمار العظيم يخرجون منه ثانية رافعي شارات النصر, مازلتم أنتم في مواقعكم و شخصانيتكم و مطامعكم السلطوية بينما النظام يبني على ضعفكم أساطير نصره على الثورة و عودة الشعب لشرب الكأس الأسدية المرة.
هذا الكلام عام للجميع, و لكننا نعرف المناضلين الحقيقيين الأصيلين الذين يحملون همنا و لا يبيعون و يشترون بدماء شباب الوطن و مصيره.
كلمة أخيرة, و من قلب سورية و فكر الثورة السورية نقول: سيسقط كل متسلق و كل مدعي و كل طامع بالسلطة و كل انتهازي و لص لأموال المساعدات و كل أمير حرب و مرتبط بأجندات لاوطنية..سيسقط كل هؤلاء جميعاً مع أول مظاهرة تخرج بعد إسقاط النظام و سيحاكمون بشدة و قسوة, فالشعب يمهل و لا يهمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تشهد انتخابات رئاسية يوم الجمعة 28 يونيو والمرشحون يتق


.. الاعتداء على داعمين لفلسطين اعتصموا بمركز تجاري بالسويد




.. تقرير حالة انعدام الأمن الغذائي: 96% من سكان غزة يواجهون مست


.. مصادر العربية: إطلاق النار في محج قلعة أثناء القبض على من سا




.. -إيرباص- تُعاني بسبب الإمداد.. والرئيس التنفيذي للشركة يتوقع