الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل رأيتم زعطوط ؟

بوزيد مولود الغلى

2013 / 5 / 27
كتابات ساخرة


سمع التصفيق من خلف الجدار ، فدلف لينظر في الشاشة موجب كل هذا التصفيق والزعيق . وقف هنيهة متسمرا ينتظر أن ينجلي الغبار ، ويظهر من خلف الستار.
فجأة ، أطل وجه آدمي لم يعرفه ، فقال : لعله آت الى المغرب من الغرب. حدج الصورة على القناة وتفرس في ملامحها ، فلاحت في مخيلته صورة " زعطوط" ، فقهقه عاليا ثم قال : أرأيتم زعطوط ؟". ضحك ملء فيه ،ثم انصرف .
لم أعرف للوهلة الأولى معنى زعطوط بلهجة أهل البلد، وكعادتي فتشت في حقائب ذاكرتي المنسية عن معنى " زعَط" في اللغة ،فتذكرت قول معلمي الذي لم أره : زعط الحمار أي صوّت أو ظرط ، ثم دارت في ذهني كلمة معهودة في بادية أهلنا ، إذ كلما استخفّوا بشيء أو استهجنوه تهامسوا بينهم قائلين : ظراط إبل . ربطت المعنيين برباط الحال الظاهر على الشاشة وانصراف صاحب القول الى حال سبيله ، وقلت في نفسي: لعله استهجن التصفيق ، فضحك استهزاء أو لعله قال في نفسه : التصفيق للنساء فقط.
تململت شفتاي ، فانتبه شاب وسيم كان جاثيا على ركبتيه واضعا حنكيه بين كفيه ، وقال : ربما تتساءل في قرارة نفسك عما عناه الرجل حين قال : " هه زعطوط " ، فقلت وقد وقع في نفسي أني على الخبير وقعت ، أجل ، و ما ذاك؟,
زعطوط في لهجتنا هو القرد الذي يلاعب المتفرجين ، و يثير ضحكهم كلما نط هنا أوهناك ، أو كلما قفز بخفة ونشاط ليلتقم حبات الكاكاو التي يرميه بها الزائرون !، فقلت : ولكن لماذا يسمونه " زعطوط" ؟ ، فقال :لا أدري ،ولكن ،كلما تسلق الشجرة و زادت عورته انكشافا ، بحت حناجر الناس هتافا : زعطوط !، زعطوط !.
انكشفت غيوم الأضواء ،فإذا بامرأة حليقة الشعر ، تضع قرطا في أذنها أو منخرها الأيسر - لم أتبين لأني قصير النظر- ، ترتدي تبانا ساترا للخصْر فحسب ، و الناس ينظرون إليها و يهتفون و يردد أكثرهم ما لم أتبين معناه من لكْنتها البريطانية المختلفة عن نطق الأمريكان الذي عهدناه في مدارسنا الثانوية غير الأميركية ، فقلت للشاب الجالس قربي : هل فهمت شيئا مما تسمع؟ ، فقال لي : لا ، ولكنني أردد ما أسمع ، أنا طالب بالثانوية العامة، أحفظ في لوح القلب كل أغانيها ، فقلت :اذن ، أنت متفوق في اللغة الانجليزية ، فتبسم وقال : على العكس من ذلك ، مستواي في اللغة ضعيف والعلامات التي حصلت عليها متدنية ، ولكني أحفظ عن ظهر قلب كثيرا من الأغنيات الانجليزية لمشاهير عالميين , افتر ثغري عن بسمة مجاملة ، وقلت في نفسي : عجبا ، شاب يحفظ ما لا يفهم !,
نظر الي كأنما استمع الى "غمغمتي" ،وقال :جلّ هؤلاء الذين يرددون على الشاشة أمام عينيك أغنية هذه " النجمة " العالمية يحفظون ما لا يفهمون!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | المسرحية والأكاديمية عليّة الخاليدي |


.. قصيدة الشاعر العقيد مشعل الحارثي أمام ولي العهد السعودي في ح




.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟


.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د




.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل