الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في دراسة للمفكر مشتاق خان: ليس لإسرائيل أية مصلحة في السلام

ناجح شاهين

2005 / 4 / 25
القضية الفلسطينية


منذ مدة ليست بالقليلة شاهدت مؤتمراً مشتركاً لجامعة بيرزيت ومؤسسة مواطن حول " مستقبل النظام السياسي الفلسطيني". كان ذلك مطلع شباط من العام الحالي. مضى وقت طويل: أكثر من شهرين ونصف، مدة تقارب بالحساب النفسي لزمني الخاص عشرة أعوام. كل اللوم في ذلك يقع على مزحة آينشتاين الشهيرة؛ فقد أكد أن الزمن ليس وعاء مطلقاً مثلما فكر كنط، وإنما متغير نسبي مثله مثل سائر الموجودات في هذا الوجود. لكن علينا أن لا ننسى ازدحام اللوحة "الإسرافلسطينية" بالحدث الذي تخلقه إسرائيل فنستجيب له طوعاً أو كرهاً باعتبار النية لا الواقع لأن الأخير لا مجال لنا فيه للاختيار فما نحن بالطرف المختار في المعادلة إنما نحن بحسب ناجي وحنظلة شعب الله المحتار.
جسدت الأوراق التي قدمت في المؤتمر حيرة الناس الذين نحن منهم. وجاءت ورقة المفكر الباكستاني مشتاق حسين خان لتطم الوادي على القرى على حد تعبير فيلسوف قرطبة الأشهر أبو الوليد ابن رشد. موقف خان بسيط ومركز: إن إسرائيل ببساطة لا تريد إلا استمرار الصراع إلى ما لا نهاية، وليس من مصلحتها في شيء أن يزول الصراع وأسبابه. وهذا لعمري يعلل رفض إسرائيل المستميت لكل المحاولات الفلسطينية أيام الراحل عرفات وأيام الرئيس الحالي عباس على السواء لأية فرصة للتهدئة. وذلك بالطبع يفسر عجلتها في اغتيال قادة حماس " المعتدلين " قبل "المتطرفين" لعلها تجد الظرف الأنسب لعدم الجلوس والتفاوض. لكنني لا أرغب في هذا السياق في فتح صندوق باندورا الإسرائيلي، فلا بد أنه مليء بأمثلة الشر الذي تعجز عنه أدوات الإحصاء العادية. أرغب أن اعرض الأفكار الرئيسة التي قدمها مشتاق خان لأنها مقاربة رائدة من مفكر من غير أبناء جلدتنا العرب أو الفلسطينيين.
بحسب خان فإن محددات الإستراتيجية الفلسطينية فيما يخص مشروع الدولة تتركز في أن لإسرائيل مصلحة أكيدة في الدولة الفلسطينية بغرض حل مشكلتها الديموغرافية. وبالنسبة للجانب الفلسطيني فإن هناك قناعة مفادها أن حدود 1967 مع تعديلات طفيفة هو أقل ما يمكن " بيعه " للجماهير الفلسطينية. في هذا السياق لا تهم الاتفاقيات المرحلية لأن الهدف النهائي المتعلق بإقامة الدولة العتيدة واضح بما فيه الكفاية.
هنا تطرح ثلاثة سيناريوهات محتملة للتنمية الفلسطينية: اندماج مع إسرائيل وتجارة حرة واستغلال للأجور العالية في الدولة العبرية. كذلك الاستفادة من سيلان رأس المال الإسرائيلي نحو جاذبية العمالة الفلسطينية الرخيصة. السيناريو المحتمل رقم "2" هو التطور بشكل مستقل عن طريق عمل رأس المال الفلسطيني للحصول على تكنولوجيا إنتاجية، وكذلك تحقيق تجارة بشروط جيدة مع العالم الخارجي. ما حصل فعلاً هو السيناريو الثالث وهو حرية انتقال العمالة ومنع رأس المال والتكنولوجيا.
تصر إسرائيل على أن الفلسطينيين لا يمكن أن ينعموا بشيء قبل أن يتحقق الأمن المطلق. لكن ذلك غير ممكن لأن المستقبل يحمل دائماً في طياته إمكانيات الغدر الفلسطيني. ولذلك فإن إسرائيل ستبقى دائما في حل من الاتفاق " النهائي " مع الفلسطينيين بسبب عجزهم عن ضمان المستقبل. طبعا إسرائيل تراوح مكانها في موضوع المستوطنات في غزة والضفة وتمارس تناقضاً واضحا: إذ أنه إذا كان هناك خطة فعلية للانسحاب من المستوطنات فما الداعي لوجع الرأس بخصوص أمنها.
في الحقيقة علينا الاستنتاج بأن إسرائيل تتعامل باحتواء الفلسطينيين كإستراتيجية بعيدة المدى. وبهذا المعنى فإنها في الواقع تعتقد بأن المشكلة لا تسير باتجاه الحل أبدا. ويبدو أن من المهم بقاء " المشكلة " من أجل السيطرة على الصعوبات الديموغرافية التي يجسدها الفلسطينيون في الداخل وليس في الضفة. ولعل إقامة الدولة الفلسطينية سوف يحد من قدرة إسرائيل على حل مشكلتها الديموغرافية الداخلية لأن هناك خمس السكان عرب فلسطينيون ويتزايدون ومشكلة اللاجئين وحقهم في العودة لا حل لها على الإطلاق.
يبدو من التحليل أن إسرائيل تفتعل المشكلة الأمنية من أجل مواصلة احتواء الفلسطينيين وليس العكس. أي أن المشكلة ليست أمنية كما تدعي إسرائيل طوال الوقت. الأمن هو الذريعة وليس المشكلة. إن إسرائيل تحتج بالأمن من أجل مواصلة السيطرة على الاقتصاد الفلسطيني وبقية جوانب الحياة الفلسطينية. حتى اللحظة كشفت إسرائيل عن مهارة عالية منذ أوسلو وما تلاه في إحكام قبضتها على الفلسطينيين ومنعهم من إنجاز أي شيء، ولم يفعل المجتمع الدولي أي شيء لمساعدتهم. لقد تمثل كل ما ُقدم في اقتصاد " صدقات " لمنع شبح المجاعة عن الفلسطينيين ولم يتم العمل أبداً على إحداث تنمية حقيقية. وقد اعترف الاتحاد الأوربي ذاته بأنه كان واعياً طوال الوقت بالنتائج البائسة المترتبة على سياسات الدعم لمناطق السلطة الوطنية. علينا إذن أن نقدر أن هناك نوعاً من المؤامرة المقصودة لاحتجاز الفلسطينيين رهينة بالمعنى الاقتصادي والسياسي لدى إسرائيل إلى أمد غير منظور. من هذه الناحية علينا أن نتذكر الإعلان الصريح لرئيس الوزراء الليكودي أثناء مفاوضات مدريد اسحق شامير إنه كان يخطط لاستمرار المفاوضات عشرين سنة. ألا إن من حق عظام الرجل أن تنام بغبطة وهناء: فخلفاؤه من الليكود والعمل على السواء يعملون جهدهم لتكريس وضع اللاسلم واللاحرب ومراوحة الأمور مكانها مع استمرار قضم الأرض الفلسطينية إلى ما لانهاية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نواب الجمعية الوطنية الفرنسية.. مفاوضات مرحلة ما بعد الانتخا


.. ما ردود الفعل في أوروبا على نتائج الانتخابات التشريعية في فر




.. حماس تتخلى عن مطلب وقف إطلاق نار دائم كشرط مسبق للتفاوض للإف


.. صور حصرية لحرق مستوطنين شاحنات بضائع ومساعدات في طريقها إلى




.. بسبب القصف الروسي.. دمار كبير في مستشفى الأطفال ومبان سكنية