الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عساف يرسم الفرح في رام الله

وليد ياسين

2013 / 5 / 27
الادب والفن


في رام الله تشعر بالفرح الفلسطيني المتفجر من رحم المأساة.. على أبوابها، ما زال يرابط الاحتلال الذي يفصلها عن عاصمة فلسطين الأسيرة، القدس، ومن حولها تطل المستوطنات كشوكة في الحلق، وفي شوارعها تلحظ حالة اليأس التي يعيشها الشباب في ظل أزمة اقتصادية تلف السلطة الفلسطينية كلها.. وعلى جدرانها تنتشر صور لأسرى الحرية في سجون الاحتلال، وشعارات باتت تشكل جزء لا يتجزأ من المشهد النضالي، انطلاقا من الجدار المحيط بالمدينة والذي حوله الفلسطينيون الى لوحات نابضة بالاصرار على تحقيق الاستقلال وكنس الاحتلال واطلاق سراح الأسرى، وتخليد ذكرى القائد الأسطوري، الرئيس الراحل ياسر عرفات، سواء من خلال اللوحات الجدارية او تلك الساحة التي يتوسطها ذلك التمثال الشاهق، الذي جاء لتكريم الانتفاضة وعكس اصرار الفلسطينيين على الكفاح من اجل الحياة في وطن مستقل.. ففي القسم السفلي من ذلك التمثال، يتدفق شلال ماء، هو رمز الحياة، وعلى قمته، تجسيد لشاب فلسطيني يتسلق لرفع العلم خفاقا في سماء الوطن، تيمنا بمشاهد كثيرة عايشناها خلال الانتفاضة، لشباب تسلقوا اعمدة الكهرباء، وتحدوا الموت في سبيل رفع العلم الفلسطيني.
وبين أصوات الباعة المتجولين، المنتشرين على جنبات الشوارع الرئيسية، يعرضون ما تيسر من بضائع، تعينهم في صراع البقاء، وزمامير السيارات التي تحاول اختراق الشوارع وسط الاكتظاظ البشري، يندفع من محلات بيع أشرطة التسجيل والأقراص المدمجة، وهي كثيرة، صوت تخال انه الصوت الوحيد الذي تسمعه رام الله هذه الأيام.. صوت الفنان الشاب محمد عساف، الذي بات يتألق في سماء النجومية حتى قبل انتهاء برنامج "أراب أيدول" الذي يشارك فيه من بيروت..
وتشعر بالفخر، ليس لأن محمد عساف ابن جلدتك ووطنك، فحسب، بل لهذا التقدير الكبير والدعم الجارف الذي يلقاه، ليس في وطنه فحسب، بل في العالم العربي كله، لا بل وصل الى العالمية، بشهادة اكبر الصحف البريطانية "الغارديان" التي نشرت تقريرا لمراسلها في خان يونس: هيريت شيروود، وصف فيه عساف بـ "الصوت الذهبي من غزة"، وكتب أن "الصوت الذهبي الآتي من مخيم لللاجئين الفلسطينيين في غزة استطاع توحيد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية"، مشيرا الى انه رغم اعتقاله حوالي 20 مرة من قبل حماس في غزة، بسبب غنائه، ومطالبته بالتعهد بعدم الغناء، إلا انه يواصل ما يعتبره رسالة حيث قال إن "رسالتي كفلسطيني أن لا نتكلم أو نقاتل فحسب، بل نغني ايضاً".!
هذه الرسالة، بكل ما تحمله من بساطة في التعبير، تحمل في طياتها رسالة أقوى.. رسالة تقول للعالم كله، ان الفلسطيني لا يجيد حمل السلاح من اجل حريته فقط، بل هو بشر، انسان يحب الحياة... ومن هنا، كان التقدير الكبير لهذا الفنان الشاب من قبل القيادة الفلسطينية التي ارسلت مندوبين عنها الى بيروت للشد على ايدي محمد وتشجيعه على المضي قدما ورفع صوت فلسطين عاليا، ونشر كوفية فلسطين خفاقة في سماء بيروت، ومنها، عبر شاشة MBC، الى العالم اجمع.
هذا المشهد المؤثر تجده ينعكس في شوارع رام الله بأبهى الصور.. ففي ساحة المنارة، تنتشر اللافتات الضخمة التي تدعو للتصويت لمحمد عساف، بمبادرة من بنك فلسطين، وشركات تجارية فلسطينية، ليس هذا فحسب، بل تنعكس في تلك اللوحة لمحمد عساف، التي كان يعكف عليها ذلك الفنان الفلسطيني، في الاستوديو الخاص الذي اقامه في الهواء الطلق في احدى زوايا شارع "ركب".
ولا يمكن اقفال هذه الدائرة بدون الاشادة والتقدير بمبادرة بنك فلسطين، دعما لعساف. لقد أطلق البنك حملته الخاصة تحت عنوان "صوتك مع صوت بنك فلسطين بصير صوتين". وتهدف الحملة لتشجيع المواطنين على التصويت لعساف من خلال شركات الاتصالات المتنقلة، حيث يصل اجمالي عدد الاصوات التي يساهم بها البنك الى 10,000 صوت أسبوعيا، وحوالي 130,000 صوت حتى التصفيات النهائية للبرنامج.
كما تستحق التقدير شركة "جوال" الفلسطينية، ومجموعة "أصايل" على دعمهما للتصويت لعساف من خلال تخفيض سعر رسالة التصويت له، حرصا منهما على حصوله على لقب محبوب العرب.
هذه الخطوات ان دلت على شيء فإنما على التقدير الفلسطيني الكبير لعساف، ليس من قبل الجمهور فحسب، بل من قبل اكبر المؤسسات الاستثمارية التي ترى في تطوير مستوى الفن والثقافة الفلسطينية، وتعزيز الحضور الفني الفلسطيني على المستوى العربي، رسالة وطنية. فألف تحية لبنك فلسطين، الذي زرع الفرح في شوارع رام الله، وسط دوامة من اليأس يحاول الاحتلال وحكومته غرسها في نفوس الفلسطينيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي