الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في اقتسام الشرق الأوسط المريض

محسين الهواري

2013 / 5 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


ان تسلسل الأحداث والوقائع ببلاد الشام يساهم الى حد كبير في توضيح الأهداف المتخفية وراء الشعارات التحررية ، ومن حسن حظنا أن الصراع في سوريا طال وسيطول، وإلا فانطلت أكاذيب الإمبريالية على عامة الجماهير كما تم استغباؤها سابقا بكل من تونس ومصر وليبيا. كل ذلك تم لعدم استطاعة الشعوب استيعاب ما يقع لسرعة تتابع الأحداث، فظنت أنها تحررت وتوهمت أن الثورة لفظ أجوف عوض سيرورة نضالية تحكمها قوانين دقيقة.

إن تحليل هذا الواقع بدقة وبعلمية يقودنا الى مسلمة مفادها أن القوى الامبريالية تعيش الآن وبسبب أزمتها البنيوية صراعا محموما من أجل اعادة رسم مناطق نفوذها سعيا الى الحصول على مستعمرات لنهب ثرواتها وكذا توفير أسواق جديدة لتصريف منتجاتها. لقد تجاوز هذا الصراع حدود شمال افريقيا والدول الشرق أوسطية ليتغلغل في اعماق افريقيا.

ان الشعوب التي لا تستفيد من التجارب السابقة، والتي لا تستطيع قراءة التاريخ قراءة مادية لا يمكنها أن تستنبط أبدا مصالحها وأن تتبين مقالب أعداءها, إن التاريخ يثبت أن كل الغزوات، وكل الحروب العدوانية والاستعمارية كانت تحت يافطات إيديولوجية تعد بالتحرر وبنشر الحضارة وبالقضاء على الاستعباد، لكن سيرورة الأحداث كشفت جوهرها التوسعي.

جدير بالذكر ان الحرب على سوريا هي حرب غير مباشرة على روسيا، لأن الغرب يستوعب أن التواجد الروسي بسوريا وايران يشكل خطرا محدقا بمصالحه في هذه لمنطقة، لسبب بسيط يتمثل في امكانية توغل الدب الروسي بكل من العراق ولبنان من بوابة التناقض السني الشيعي. واذا ما تحقق له ذلك فسيتحكم بالمنطقة بعد عزل تركيا تماما عن شبه الجزيرة العربية من خلال شريط تشكله أربع دول ذات أهمية سياسية واقتصادية وعسكرية(ايران-العراق-سوريا-لبنان)، قوى إقليمية مطلة على ثلاث واجهات بحرية استراتيجية: بحر قزوين شمالا والخليج العربي/الفارسي جنوبا والبحر المتوسط غربا.

لقد استفادت روسيا من التجربة الليبية، ولن تلدغ من الجحر مرتين، لقد اهانها الغرب بتجريدها من حليف استراتيجي بالبحر الأبيض المتوسط، فلم يعد لها أي تأثير ملموس بهذه المنطقة الحساسة، الأمر الذي دفعها الى ارسال سفن حربية إلى المتوسط لحماية مصالحها هناك, هي عملية تعكس شدة التوتر بين موسكو وواشنطن، واشارة من روسيا إلى استعدادها الدخول في حرب مباشرة في حالة استمرار الغرب في استفزازه لها.

هذا التحليل يجد أساسه في اعلان حزب الله دخوله الحرب الى جانب سوريا علانية، قرار من هذا الحجم يتجاوز صلاحيات حسن نصر الله ويتعداه الى القيادة الإيرانية تحت الإشراف المباشر لموسكو. هي اشارة إذن على أن لهيب الحرب أصبح يمتد الى أطراف أخرى، مما يمهد لاندلاع حرب اقليمية سيكون لبنان أول المحترقين بلهيبها. ايران وروسيا آخذتان في السيطرة على الوضع وعيا منهما بأن اللحظة الراهنة لا تسمح إلا بالهجوم وإلا فخسارة سوريا ستكون بداية تقويض حزب الله بلبنان وبالتالي محاصرة ايران وروسيا بالمنطقة.

هذا الواقع لا يختلف كثيرا عن ما يقع بإفريقيا إلا من حيث الفاعلين فيه، أما جوهره فثابت: صراع النفوذ والأسواق، هذه المرة بين الغرب بقيادة فرنسا والصين، وهو ما جعل فرنسا تدخل في حرب مباشرة شمال مالي بعد فبركة عدو وهمي سمته الإرهاب الإسلامي، هي ذريعة لتقوية التواجد العسكري بهذه الدول لمحاصرة المد الصيني حتى يتسنى لها استنزاف معادنها الثمينة( اليورانيوم-الذهب...)، ومن سخرية القدر أن نجد الغرب يقدم بإعلامه التطرف الديني كحليف بليبيا وسوريا فيعقد المؤتمرات لتقديم الدعم له، ويصوره بشمال مالي كوحش قاتل وجب قصفه بالطائرات لتفادي خطره.

لقد طال الصراع السوري وبدأ يأخذ لنفسه أبعادا خطيرة، لقد فشل الغرب من خلال عملائه التكفيريين وباقي تجار الأديان في الإطاحة بدولة سوريا، وها قد بدأت تتمظهر الآن تجليات أمراضهم الطائفية. إن الإمبريالية في مستنقع خطير والسبيل الوحيد للخروج منه هو إشعال المنطقة بأكملها وإغراقها في حرب طائفية لا حاجة لشعوب المنطقة بها، وما اعتبار وزير خارجية البحرين زعيم حزب الله حسن نصر الله بالإرهابي الذي يجب ايقافه ودعوة نائب الرئيس التركي حزب الله الى تغيير اسمه الى حزب الشيطان إلا ايحاءات الى أن الصراع خرج عن السيطرة وطبول حرب إقليمية تدق على أعلى مستوى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما مع مواصلة محادثات التهدئة في


.. إيران في أفريقيا.. تدخلات وسط شبه صمت دولي | #الظهيرة




.. قادة حماس.. خلافات بشأن المحادثات


.. سوليفان: واشنطن تشترط تطبيع السعودية مع إسرائيل مقابل توقيع




.. سوليفان: لا اتفاقية مع السعودية إذا لم تتفق الرياض وإسرائيل