الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجلس الشورى والتشريع

نصارعبدالله

2013 / 5 / 28
دراسات وابحاث قانونية


مثل الصنبور المنفلت، الذى نقول عنه بالعامية المصرية : " إنه يَـشُـرّ، كذلك مجلس الشورى الحالى، ينسكب منه فى كل يوم مزيد من التشريعات الجسيمة الشأن والخطر رغم أنه مجلس مشكوك فى أنه يمتلك أصلا أية سلطة شرعية تخوله حق التشريع ، (على الأقل فى الموضوعات التى يتصدى لها حاليا) ، وأهم من ذلك أنه مجلس مشكوك فى شرعية وجوده ذاتها منذ بداية تكوينه الحالى وربما منذ إنشائه أصلا فى عام 1980. ...وإذا كان مجلس الشورى الحالى يمارس سلطة التشريع استنادا إلى نص مادة انتقالية فى دستور 2012 (هى المادة 230 )، فإن ذلك الدستور ذاته مشكوك فى شرعيته وعدالته لأكثر من سبب، وأول هذه الأسباب وأهمها يتمثل فى أن الجمعية التأسيسية التى قامت بإعداد مشروعه قد تشكلت بطريقة تتصادم مع مبدأ هام من مبادىء العدالة المجردة ونعنى به: "عدم جواز الجمع بين صفة الخصم وصفة الحكم فى آن واحد " ،... ولتوضيح ذلك نقول إن الأعضاء المنتخبين من مجلس الشورى قد ساهموا فى اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية عام 2012 ، رغم أن إلغاء محلس الشورى كان من بين المطالب التى نادى بها الكثيرون من الكتاب والمفكرين الذين عبروا بصدق وأمانة عن نبض وأمنيات جماهير ثورة يناير 2011، .....ولما كان إلغاء محلس الشورى مطلبا مطروحا على الساحة ، فقد كان يتعين على أعضاء مجلس الشورى أن يستشعروا الحرج وألا يشارك فى عملية اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية نظرا لتعارض مصلحتهم فى استمرار وجود مجلسهم مع المطلب الداعى إلى إلغاء وجوده، خاصة وأنه مجلس قد أنشأه الرئيس السابق محمد أنور السادات لأسباب لا صلة لها إطلاقا باستكمال التحول الديموقراطى الذى كان دائم التغنى به شأنه فى ذلك شأن نائبه ورئيس مصر التالى له مباشرة محمد حسنى مبارك ، لقد أنشأ السادات مجلس الشورى فى عام 1980 كما هو معروف بعد تزايد الإنتقادات الموجهة له فى وسائل الإعلام ، أنشأه لهدفين أساسيين أولهما هو أن يحل ذلك المجلس محل الإتحاد الإشتراكى فى ملكية الصحف القومية والسيطرة عليها وضمان ولائها التام له ولحزبه الحاكم وتسخيرها بالكامل للتصدى للصحافة الحزبية، وثانيهما هو مكافأة الشخصيات التى يرضى النظام عنها بتعيينها فى المجلس بعد أن أصبح للرئيس بمقتضى تعديل الدستور فى مايو 1980حق تعيين ثلث أعضاء محلس الشورى بالكامل وهو ما يمثل إغواء واضحا للمشتاقين إلى المناصب بأن يسعوا جاهدين لأن يكونوا من بين الأعضاء المعينين فى المرة القادمة حتى إن فاتهم التعيين فى هذه المرةّّ!، ..إن إنشاء مجلس الشورى بصلاحياته التى تمتع بها فى عام 1980 لم يكن فى حقيقة الأمر إلا نوعا من ْالتخريب والإفساد المتعمد لإحدى المؤسسات التى يناط بها صناعة الرأى العام ونعنى بها مؤسسة الإعلام ، ولم يكن غريبا والحال كذلك أن تتعالى الصيحات فى أعقاب ثورة يناير مطالبة بإلغاء ذلك المجلس الذى كان يحمل الدولة من الأعباء ما يحملها به دون أية اختصاصات تشريعية حقيقية ، ولم يكن غريبا كذلك أن تقاطع الجماهير العريضة انتخابات مجلس الشورى فى أول انتخابات برلمانية تجرى بعد ثورة يناير إلى حد أن نسبة المشاركة قد بلغت 7,2% فقط طبقا لما أعلنه المستشار عبدالمعز إبراهيم رئيس الجنة العليا للإنتخابات فى أعقاب الإنتخابات التى جرت فى شهر فبراير2012 ، وقد كان حريا بالمجلس العسكرى حينذاك أن يحرص على استبعاد على أى شخص أو أية جهة أو مؤسسة تتعارض مصالحها مع المطا لب الشعبية ، أن يحرص على استبعادها من عضوية الجمعية التأسيسية حتى لا تعمل على وضع دستور يلبى تلك المصالح الشخصية على حساب المصلحة الوطنية ، كان حريا بالمجلس العسكرى أن يحرص على ذلك وألا يطرح للإستفتاء ذلك التعديل المعيب الذى وضعته لجنة تعديل دستور1971 لنص المادة 189 من دستور 1971والذى نص فى صورته المعدلة على أن : ـ "يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى تاليين لإعلان نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور لاختيار الجمعية التأسيسية المنوط بها إعداد مشروع الدستور الجديد خلال ستة أشهر من انتخابهم"... إن هذه المادة هى إحدى الخطايا التاريخية التى ساهم فيها للأسف الشديد المستشار طارق البشرى هو وبقية أعضاء لجنة تعديل الدستور، وإذا كنا لا نستطيع أن نوجه اللوم إلى باقى أعضائها، ولا نستطيع بوجه خاص أن نوجه اللوم إلى واحد مثل السيد صبحى صالح الذى ينتمى إلى جماعة محددة لا يعنيها فى المقام الأول إلا تحقيق مشروعها الخاص ، فإننا نستطيع أن نوجه اللوم كل اللوم إلى المستشار طارق البشرى لما يتسم به تاريخه السابق فى مجمله من مواقف وطنية ناصعة لا تستهدف إلا تحقيق الصالح الوطنى، ونستطيع أن نوجه اللوم بعد ذلك إلى المجلس العسكرى الذى وافق على طرح هذا النص المعيب للإستفتاء ،.. قد يقال فى معرض الرد على هذا الرأى إن الشعب المصرى قد وافق على هذا التعديل بأغلبية تتجاوز 77% وإن الشعب فى النهاية هو مصدر السلطات ، ولا رد على ذلك سوى أن نقول : كم من الذين شاركوا فى الإستفتاء والذين قالوا : " نعم ، كم من هؤلاء قد فطنوا إلى ما تنطوى عليه تلك التعديلات من خبايا ماكرة لا يعلمها إلا المتمرسون ، بل لم يفطن إليها الكثيرون من المتخصصين أنفسهم إلا بعد أن انكشفت النوابا وأسفرت عن نفسها المخططات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال


.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار




.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم


.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #




.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا