الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا سوريا بكل هذه الأهمية للعالم والاقليم ؟...

محمد سيد رصاص

2013 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


كانت سوريا هي مفتاح المنطقة عند الغزاة والفاتحين ،عندما تسقط كانت المنطقة بأكملها تسقط بعدها بعدد من السنين أحياناً لايتجاوز أصابع اليدين،مثلما حصل مع الاسكندر المقدوني ثم المسلمين إثر معركة اليرموك،أوأكثر قليلاً بحد لايتجاوز ثلث قرن(الرومان لماسقطت سوريا بيدهم في عام64قبل الميلاد ثم مصر في 31قبل الميلاد)،فيماكان الزمن أقل مع السلطان سليم الأول بعد معركة مرج دابق عام1516لما سقطت مصر والحجاز في العام التالي ثم العراق بعام1534،وفي عام1918كان تداعي الدولة العثمانية بعد سقوط دمشق في يوم1تشرين أول1918بيد الحلفاء لايتجاوز حدودالتسعة وعشرين يوماً لماوقعت صكوك الاستسلام في جزيرة مودروس،فيماهذا لم يحصل مع انفلات بغداد والقدس من أيديها بعام1917 ولاالقاهرة في 1882، وفي عام1955لم يكن انحيازسوريا لعبدالناصر سبباً فقط في موت حلف بغداد وإنما أيضاً بعد الوحدة المصرية السورية في22شباط1958 كان طريقاً أدى إلى سقوط نوري السعيد في 14تموز1958وعدنان مندريس في27أيار1960بانقلابين في بغداد وأنقرة فقدا الحكم وحياتهما بعدهما،فيمالم تؤد الهيمنة الأميركية على القاهرة منذ1974،ثم سقوط بغداد بيد واشنطن في 9نيسان2003،إلى استقرار المنطقة بيد الأميركي،مادامت دمشق خارج هذا السياق.
في عام2011 كان نشوب الأزمة السورية منذ يوم18آذار بدرعا سبباً في أزمة دولية هي الأولى منذ انتهاء الحرب الباردة في عام1989،لم تستطع أن تقود إليها لاحرب1999للناتو في صربيا وكوسوفو بالبلقان الذي هو"الحديقة الخلفية للروس"منذ أيام القياصرة ثم السوفيات ولاغزو الأميركان للعراق عام2003:في يوم4تشرين أول2011بقاعة مجلس الأمن بنيويورك أعلن الفيتو الروسي- الصيني المزدوج عن بداية مجابهة حلف موسكو- بكين،مدعوماً بدول مجموعة البريكس(الهند-البرازيل- جنوب افريقية)،مع حلف الناتو الذي يضم دول ضفتي الأطلسي بزعامة الولايات المتحدة وصولاً إلى جناحه الجنوبي الشرقي ممثلاً في تركية،والذي كان في قمته في نيسان1990،غداة انتصاره على حلف وارسو،قد وسع نطاق عملياته إلى حدود أبعد من القارة الأوروبية،وهو مارأيناه في أفغانستان2001مثلاً من خلال قوات(ايساف) . خلال عامي2012و2013ترادف الصراع الدولي (على سوريا)و(في سوريا)بين معسكري العالم هذا،وهو تطور استقطابي على مايبدو قد كسر القطبية الأحادية العالمية لواشنطن البادئة في عام1989،مع مجابهة اقليمية بين تركية والخليج،بدعم من التحالف الغربي بزعامة واشنطن، وبين ايران ،المتلاقية في الصراع (على سوريا)و(في سوريا)مع محور موسكو- بكين،والمدعومة بحكومة نوري المالكي في بغداد وحزب الله المسيطر على مقدرات الأمور في بلاد الأرز،مع حيادية مترددة للقاهرة.
هنا،كانت دمشق منصة لاعلان صراع دولي- اقليمي بين معسكرين هو بكل منهما مؤلف من طابقين دولي واقليمي مع امتدادات سورية محلية لكل منهما. لم تكن بغداد هكذا في عام2003رغم الاعتراض الروسي- الفرنسي- الألماني على غزو العراق واحتلاله،ولم تتشجع موسكو على تحويل أرض الرافدين إلى ميدان للصراع مع واشنطن رغم انفكاك التحالف الأميركي – الايراني في آب2005مع استئناف طهران لبرنامجها في تخصيب اليورانيوم وهو التحالف الذي ظلًل غزو العراق واحتلاله ثم صياغة "العراق الجديد"عبر "مجلس الحكم"الذي أنشأه بول بريمر في 13تموز2003وكان في تركيبته صورة مصغرة عن تقاسم النفوذ بين واشنطن وطهران. يبدو أن الضعف الأميركي منذ الأزمة المالية- الاقتصادية في أيلول2008،ثم فشل الأميركان في الشرق الأوسط في احتواء التمدد الايراني في أعوام2007-2011، قد شجع الروس والصينيين على محاولة كسر القطب الواحد الأميركي للعالم من خلال مجابهة واشنطن في الأرض السورية منذ ذلك الفيتو بيوم 4تشرين أول2011ثم المتكرر في4شباط2012و19تموز2012،قبل أن تقبل واشنطن بالأمر الواقع الدولي- الاقليمي المستجد والجديد وتقر في اتفاقية موسكو يوم7أيار2013بمفتاحية موسكو في حل الأزمة السورية.
هذه المنصة الدمشقية ليست فقط صراعاً في سوريا لقوى دولية واقليمية وإنما هي كذلك وفي الوقت نفسه صراعاً على سوريا:كان(الصراع في سوريا)من أجل تثبيت كتفي واشنطن لكسر القطبية الأحادية الأميركية للعالم،وهو ماتم اعلانه من خلال اتفاقية موسكو التي هي ورقة نعي للقطبية الأحادية وورقة ولادة لعالم متعدد الأقطاب،وليس من دون دلالة أن يعلن ذلك بعد لقاء لوزير الخارجية الأميركي مع فلاديمير بوتين في الكرملين.أيضاً،فإن هذا (الصراع في سوريا)هو بالنسبة لطهران ميداناً لإثبات وتكريس ماحققته من نفوذ وامتداد اقليمي بين كابول والشاطىء الشرقي للبحر الأبيض المتوسط انطلاقاً من البوابة البغدادية في أعوام2007-2011. من جهة ثانية،يبدو أن (الصراع على سوريا)هو بسبب كونها مفتاحاً للمنطقة،بالنسبة للروس كامتداد إلى البحر المتوسط،وبالنسبة للايرانيين بوصفها أيضاً كذلك عبر سيطرتهم على بغداد وهيمنتهم على الحكومة هناك.هذا الأمر بالنسبة للروس والايرانيين لايقتصر على الميدان الجغرا- سياسي،وإنما له شق اقتصادي من خلال اهتمام روسي باكتشافات الغاز في الشاطىء الشرقي للمتوسط والتي وصلت عند شركة غاز بروم للتوقيع على عقود للشراكة في استثمار حقول الغاز الاسرائيلية ويبدو أن هناك مؤشرات على اهتمامات لدى موسكو تجاه الحقول السورية واللبنانية عند ذلك الشاطىء الممتد من الاسكندرونة إلى غزة. عند طهران يوجد نيات معلنة عن مشروع لمد خط لأنبوب غاز ايراني يمتد للساحل السوري عبر الأراضي العراقية،فيماهناك اهتمام تقليدي في بلاد الرافدين باعتبار الساحل السوري مرفئاً للعراقيين ومصباً لأنابيب نفط العراق انطلاقاً من شعور كان يعبر عنه نوري السعيد وصدام حسين بأن العراق "يشبه الزجاجة ذات الفتحة الضيقة"،وهو ماربما الذي دفع الأول إلى طرح مشروع الهلال الخصيب،ثم اهتمام الثاني الكثيف بسوريا وهو ماتجسد في انخراط عملي في أحداث1979-1982إلى حدود طرحه آنذاك لمشروع "حكومة سورية مؤقتة"، يكون مقرها بغداد، على المعارضين في (التجمع الوطني الديمقراطي) أثناء تفكيرهم ب"جبهة عريضة" مع (الاخوان)و(بعث العراق)،كماأن هذا البحث عن نافذة بحرية عراقية هو السبب الذي دفع صدام لشن الحرب على ايران في 1980ثم غزوه للكويت عام1990.
هذا الانخراط الكثيف للروس والايرانيين في الصراع السوري له أيضاً أوجه دفاعية وقائية على الصعيد الاقتصادي: مع تهديد ايران المستمر باغلاق مضيق هرمز،ومع اضطرابات اليمن والصومال والقرصنة البحرية ومع عدم قدرة قناة السويس على أن تعبرها ناقلات نفط وغاز عملاقة،هناك مؤشرات على أن هناك تفكير عند دول الخليج الخمسة(ماعدا عمان،بالطبع)نحو جعل الساحل السوري مصباً لأنابيب النفط والغاز الخليجيين،وفي جعله مرفئاً لبضائع الخليج في الاستيراد والتصدير،ويبدو أن التكلفة الاقتصادية هي أقل من الطرق البحرية لواستعملت القطارات والشاحنات و هي كذلك أسرع . يريد الروس والايرانيين منع حصول ذلك من خلال تثبيت كلمتهم في سوريا عبر الصراع المستعر الآن في وعلى الأرض السورية . عند موسكو هناك هاجس كبير بأن استغناء أوروبا عن الغاز الروسي،الذي يزودها الآن بثلث احتياجاتها،واستبداله بغاز خليجي يصل بسرعة وبتكلفة أقل لها عبر الساحل السوري،أوعبر أنابيب تصل من الخليج عبر الأردن وسوريا وتركية للأراضي الأوروبية،سيجعل روسيا في موقع الضعيف أمام الغرب ويجعلها غير قادرة على التحكم بعصب الاقتصاد الأوروبي،الذي يتهيأ منذ الآن ويخطط لاتجاهات نحو الاستغناء أوالتقليل من واردات الغاز الروسية.من المرجح أن الأتراك يريدون جعل أراضيهم ملتقى أنابيب الغاز والنفط الخليجية،إضافة لأنابيب غاز ونفط القوقاز وآسية الوسطى السوفياتية السابقة،لتكون تركية ممراً لها نحو القارة الأوروبية،وهذا على الأرجح سبب انخراطهم الكثيف في الصراع السوري،إضافة إلى حلمهم بجعل دمشق و"شام شريف"مفتاحاً للمنطقة يشبه مرج دابق في عام1516لتكون اسطنبول من جديد في زعامة العالم الاسلامي السني،وهو مايقلق الرياض والقاهرة،ويثير القشعريرة في طهران.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جنوب أفريقيا: حزب المؤتمر الوطني ينوي إجراء مشاورات لتشكيل ح


.. يديعوت أحرنوت: ليبرمان يفضل انتظار خوض الانتخابات المقبلة |




.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص


.. انهيار مبنى سكني في #إسطنبول #سوشال_سكاي




.. وول ستريت جورنال: إسرائيل أعادت النظر في خطتها في رفح لتفادي