الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجار العملة والدين عندما يصدرون قانونا!!

هانى جرجس عياد

2013 / 5 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أثار حكم المحكمة الدستورية العليا بأحقية رجال الجيش والشرطة الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات عاصفة من ردود الأفعال، بين مؤيد ومعارض وبينهما متحفظ، ورغم اتساع شقة الخلاف، إلى درجة التناقض، بين الطرفين (المؤيدون والمعارضون) إلا أنهما التقيا –تقريبا- عند نقطة إلقاء المسئولية على عاتق المحكمة الدستورية العليا، أو إعادة الفضل إليها.
المؤيدون يشيدون بحكم المحكمة الذى أعاد الحق إلى أصحابه، فرجال الشرطة والجيش مواطنون كاملو الأهلية وليس من حق أحد حرمانهم من بعض حقوقهم (التصويت)، والفضل فى ذلك يعود –حسب ما يقولون- إلى المحكمة الدستورية، بينما على الجانب الأخر يسهب المعارضون فى تعدادا مساوئ وتبعات الحكم، وبتفاصيل طويلة ومملة غالبا، ثم يلقون باللائمة على المحكمة الدستورية، إلى حد أن بعض الأصوات طالبت مرسى بإصدار قرار بحل وإلغاء المحكمة الدستورية، وكأنهم لم يبرحوا بعد عصر القبائل والخيام، حيث شيخ القبيلة له وحده حق الحل والربط.
وكذلك أصبحت المحكمة الدستورية العليا، بين ليلة وضحاها، صاحبة الفضل عند هؤلاء، وسبب البلاء والكوارث القادمة عند الآخرين، بينما واقع الأمر غير ذلك تماما. «الفضل» -إن كان ثمة فضل- يجب أن يرد إلى أصحابه، وكذلك الأزمة -إن كانت هناك أزمة- يجب أن يتحملها من صنعها.
مهمة المحكمة الدستورية تقف عند حدود كشف مدى تطابق، أو مخالفة، القوانين المعروضة عليها مع النص الدستورى، لا أكثر من ذلك ولا أقل. وهنا تقف مسئوليتها عند حدود أنها ربما تكون قد أخطأت أو تعسفت فى تفسير هذه المادة أو تلك، أو أغفلت نصا هنا أو فقرة هناك، سواء فى الدستور أو فى القانون المعروض عليها، وهذا وارد إلى حد كبير، فرجال المحكمة الدستورية هم فى أول الأمر وأخره بشر يخطئون ويصيبون، وقد نظم القانون كيفية الطعن على أحكامها. ولا تقع على عاتقها أية مسئولية أبعد من ذلك (خطأ التفسير)، ولا يعود إليها أى فضل أكثر من ذلك (صحة التفسير).
جوهر الأزمة يعود إلى ترزية القوانين الذين فصلوا الدستور على مقاسهم رغم أنهم يفتقدون أية خبرة قانونية، فضلا عن الخبرة الدستورية، فجاء دستورهم مهلهلا، لا يحقق حتى ما أرادوه هم، ولشدة جهلهم قالوا عن هذه الهلاهيل إنها أفضل دستور فى العالم، وعلى سبيل تنشيط الذاكرة فقد أراد ترزية الدستور حرمان أعضاء الحزب الوطنى الذين كانوا أعضاء فى برلمان 2005 أو فى برلمان 2010 من ممارسة حقوقهم السياسية، لكن الصياغة التى وضعوها هم قضت -على غير ما أرادوا- بحرمان من كان عضوا فى الدورتين معا، ليس فقط فى أى منهما، ثم أن قانون الانتخابات الذى فصله الترزية أنفسهم جاء متعارضا مع الدستور الذى كانوا قد انتهوا من تفصيله قبل أيام قليلة.
ومثلما فات على ترزية اللجنة الدستورية إحكام صياغة المادة التى تقضى بحرمان أعضاء الوطنى فى أى من الدورتين البرلمانيتين، يبدو أنهم «نسوا» إضافة مادة دستورية تقضى بحرمان رجال الجيش والشرطة من ممارسة حق التصويت والانتخاب، فما هو ذنب (أو فضل) المحكمة الدستورية، وهى تحكم بما هو لديها من نصوص؟
جوهر الأزمة ولبها يعود إلى هؤلاء الذين أثبتوا أن أقصى خبراتهم تقف عند حدود إدارة سلسلة مطاعم أو تنظيم معارض للسلع المعمرة، أما إدارة دولة وكتابة دستور وصياغة قوانين فهى مهام أبعد ما تكون عن خبراتهم وقدراتهم.
ولو تأملنا الأمر قليلا، سوف نضع أيدينا على جوهر الأزمة وأصلها عند «الجماعة» وحواشيها وتوابعها، ومعها كافة الجماعات الإسلامية، لا أستثنى منهم أحدا، فمثلما يجيد هؤلاء تفصيل الفتاوى الدينية المضروبة والمتضاربة، كذلك يجيدون صياغة النصوص الدستورية والقانونية المتعارضة والمتناقضة، وبما يتوافق –دائما- مع هوى أصحاب الخزائن المفتوحة لهم عبر البحر الأحمر، من حيث تأتيهم الأموال والأوامر، ويلبى متطلبات مشروع التمكين البائس، ويحيل مصر إلى ولاية «مصرستان»، ووهم أو عنجهية «أستاذية العالم».
لا تلوموا المحكمة الدستورية إن كانت هناك تبعات كارثية لتصويت رجال الجيش والشرطة، ولا تراهنوا عليها إن رأيتم أن تصويت هؤلاء أمر إيجابى، راهنوا على الشعب وحده فى مواجهة الذين يتاجرون بالدين مثلما يتاجرون بالعملة، وقد أصبحوا فى غفلة من الزمن يحكمون مصر ويتحكمون فى شعبها.
ثوروا لتسقطوهم أو أصمتوا مرة وللأبد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون