الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكل الصحراء المروكية

كوسلا ابشن

2013 / 5 / 28
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


مشكل الصحراء الماروكية

تعد شمال افريقيا عامة والماروك خاصة من بين الدول القليلة في افريقيا ذي التاريخ العابر للزمن بتنظيمه السياسي في اطار دولة مستقلة سبقت الدول الاستعمارية الكبرى وجوديا وتنظيميا ( مملكة موريطانيا الامازيغية , القرن 3 ق. م ) , ولم يرتبط وجود الماروك وكيانه السياسي بالقوى الاستعمارية اوبالاحداث الكونية كما هو الشأن لاغلبية الدول الافريقية .
ظلت الارض الامازيغية ( الماروك ) , من المتوسط حتى نهر السنيغال تتعرض اما لانقسامات قبائلها تارة واتحادها تارة اخرى , حسب قوة المركز وعدالته او ضعفه واستبداده , مرة تتوحد القبائل الامازيغية ومرة اخرى تتفرق لاسباب داخلية او لتدخلات خارجية , ومن بين الفترات الذهبية للامبراطورية الامازيغية والتي تشكلت انطلاقتها من الجنوب الماروكي ( بين الصحراء وموريتانيا ) قادتها قبيلة صحراوية صنهاجية امازيغية , حكمت جميع اطراف شمال افريقيا ( تامازغا ) , وظل الجنوب خاضع للمركز السلطوي , الا انه كلما برزت خلافات بين السلطة والقبائل تؤدي الى تمرد القبائل عن المركز السلطوي , وبحلول الجيوش الاستعمارية انتزعت بعض الاطراف عن الوطن الام ( الماروك ) , احتلال الصحراء سنة 1883 الى 1975من طرف الاسبان , واحتلال موريتانيا سنة 1902من طرف الجيش الفرنسي حتى اعلان الاستقلال 1960 .
مشكل الصحراء الماروكية ليس وليد المسيرة الخضراء , نوفمبر 1975 ولا دخول الجيش المخزني للصحراء ( الساقية الحمراء ) 1976 , بل قد طرح مشكل الصحراء قبل ذلك على طاولة البحث في اروقة الامم المتحدة , وخصوصا مبادرة الدولة الاستعمارية اسبانيا 1966 , المطالبة بتقرير مصير الصحراويين , او مطالبة موريتانيا بحقها في الصحراء , اومناقشة مشكلة الصحراء في الجامعة العرقية ( العربية ) من 26 الى 29 نوفمبر 1974 بالرباط , حيث اعرب الرئيس الجزائري السابق بوخروبه ( هوري بومدين ) على ان مشكل الصحراء يخص الماروك وموريتانيا وحدهما وان الجزائر تساندهما من اجل تحرير كل شبرمن الارض المحتلة ليس في الصحراء فحسب بل كذلك المدن والجزر المحتلة في شمال الماروك من طرف الاسبان .
الموقف الاسباني الاستعماري من تقرير مصير الصحراويين اعتمد على تصور خلق كيان اسطناعي كرتوني يسيره المركز الاستعماري من مدريد وتتحكم الشركات الاسبانية في ثرواته الطبيعية الهائلة , الا ان موت فرانكو والمستجدات الحاصلة في الوضع الاسباني عجل في اطلاق المفاوضات المباشرة بين الرباط ومدريد من جهة ومدريد ونواكشوط من جهة ثانية وخصوصا بعد اصدار تقرير محكمة العدل الدولية سنة 1975 يقر بالترابط الثقافي والتاريخي بين الصحراء من جهة والماروك وموريتانيا من جهة ثانية ( ثبوت الانتماء الواحد للمنطقة) , وفي 1976 يدخل الجيش المخزني منطقة الساقية الحمراء ومن الجنوب يدخل الجيش الموريتاني منطقة واد الذهب وتقر الدولتين على مبدأ التقسيم .
بعد هذا الحدث سيتغير الموقف الجزائري من موقف المساند للماروك وموريتانيا الى موقف معادي للدولتين وخلق كيان اسطوري من اللاشئ سمي ّ بالجهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ّ ( خلق كيان عروبي سادس في ارض الامازيغ ) والاعتراف بجبهة البوليساريو الممثل الوحيد للصحراويين وهكذا اعلنت السلطة في الجزائر حربها بتجنيد ديبلوماسيتها واموال الشعب الجزائري لجلب تأييد دولي لمسألة وهمية لا تخدم شعوب المنطقة , و اشعلت الجزائر نيران حرب مدمرة في المنطقة لم ينطفئ لهيبها بعد ,وأكيد ان الجزائرلم تنطلق من موقف مبدئي , فالجزائرلها اطماع في المنطقة الغنية بثرواتها الطبيعية وموقعها على الاطلانطيكي من جهة ومن جهة ثانية الاعتقاد ان الضغط على المروك واضعافه اكثر بحرمانه من ثرواته الطبيعية واغراقه في مستنقع الصحراء وتكبده لخسائر فادحة ماديا وبشريا , سيجعل من الجزائر اقوى دول المنطقة وقادرة لقيادة المنطقة ( الوهم بالتفوق مزروع في كل جزائري متعلم او أمي , فقير او غني ) .
السلطة في الجزائر والماروك تعاملتا مع مشكل الصحراء من منطق الغنيمة على حساب الشعب الماروكي عامة والقبائل الصحراوية خاصة , السلطة الاستطانية العلوية العروبية هي المسؤولة الاولى عن احتلال الماروك وعن تمزيق اراضيه وهي من استقدمت الاستعمار وهي من ساومته , حمايتها والاعتراف بشرعيتها كسلطة حاكمة على ما تبقى من التراب الماروكي , مقابل عدم مناقشة ملف الصحراء وسبتا ومليلت و جزر اشفرن ( الجزر الجعفرية ) في لقاء مدريد 1956 والتكلف بنفسها بالقضاء التام على جيش التحرير في الشمال وكذا في الجنوب , وبالفعل لبت السلطة الاستطانية شروط الاستعمار الاسباني , بالقضاء على مقاومة جيش التحرير والسكوت عن احتلال المدن والجزر الماروكية , كما لبيت شروط الدولة الاستعمارية الفرنسية بالتبعية السياسية والاقتصادية لباريس .
باعتبار المخزن سلطة استطانية فقد تعامل مع القضايا الوطنية بمنطق اللامبالات او بمنطق المحتل ومنطق الغنيمة , اللامبالات في مطالبة بالصحراء حتى 1975 و المدن والجزر المحتلة الى الوقت الحاضر , تحالفها الاستعماري بالقضاء على المقاومة المسلحة ضد الاسبان واغتيال قيادتها وعلى رأسهم الامازيغي عباس لمساعدي , التعامل بمنطق المحتل ومنطق الغنيمة , قبول مبدأ التقسيم وعلى اساسه قسمت الصحراء 1976 بين موريتانيا والماروك , مبادرته لاستفتاء الصحراويين بين الانفصال والانضمام للماروك , قبول المفاوضات المباشرة ,و انتهاج سياسة عشوائية سواء لاستمالة شيوخ القبائل وشراء ولاءها او محاولة عملية الاندماج من خلال تشجيع الشماليين للعمل في الصحراء وتشجيع الصحراويين بالاتجاه نحومناطق الشمال والوسط والحصول على بطاقة دعه يعمل دعه يسير , تعطي لحاملها امتيازات في كل المجالات حتى في خرق القانون وبسببها خلق النظام عداوة وصراعات مجانية بين الصحراويين المتهورين وابناء المناطق الاخرى , انتج الحزازات بين الجنوبيين والشماليين , ومن جهة اخرى فالنظام الاستبدادي , وظف سياسته الامنية حتى في الصحراء ولم يغيرتكتيكه في التعامل مع الصحراويين ومارس القمع ضد الحركات الاحتجاجية ذي المطالب السسيو- اقتصادية , وسياسته الفردية همشت النخبة الصحراوية في التسيير المحلي , هذه الساسية خدمت جبهة البوليساريو في تمرير خطابها في الداخل وكسب متعاطفين مع المشروع الانفصالي ومنخرطين في زعزعة الاستقرارفي الداخل , فالسياسة اللاوطنية للسلطة الاستطانية الماروكية و مواقفها الغير المشرفة من قضايا دولية ومساندتها للقوى الرجعية والامبريالية ساعدت في خدمة حملة الجزائر الدبلوماسية ( المتحدث الرسمي باسم جبهة البوليساريو ) على الصعيد الدولي في الحصول على اعتراف عشرات الدول ومنها اعتراف منظمة الوحدة الافريقية ( الاتحاد الافريقي ) بالكيان الورقي.
سياسة التفرد بملف الصحراء مني بالفشل , فالسياسة الامنية المكرسة لانتهاك حقوق المواطنين الصحراويين وشراء الولاءات القبلية , لم تخدم السلطة المخزنية بالظفر بالغنيمة الصحراوية , باعتبار المخزن الاستطاني هو اداة الاستفادة من الغنيمة وليس عامل وحدة , فالوحدة مبنية على مكانيزمات حضارية , تاريخية وثقافية وجغرافية , هذه الاليات تحاشتها السلطة الاستطانية باعتبار السلطة ردة على الواقع الموضوعي ونفي له , فانكار هوية لمتونة الصنهاجية الصحراوية خالقة الحضارة المرابطية الامازيغية هو انكار للهوية الامازيغية للصحراء , رغم ان المعطيات الموضوعية العلمية بارزة في التراب الصحراوي من معطيات انتروبولوجية واثنوغرافية واركيولوجية , وهذه المعطيات لو وظفت في ملف الصحراء لكانت الاساس المتين للصد للاطروحة العرقية الجزائرية-البولساريو في اجادة دولة عرقية سادسة في المنطقة ( الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ) .
مقترح الحكم الذاتي للصحراء مخطط لتصحيح فشل الذاتية الاستبدادية في التعامل مع هذا الملف , الا ان النظرة الضيقة في حصر المشروع في الاستجابة للمجتمع الدولي في انهاء الصراع , فهو قد لا يلبي طموح الداخل ولا الطرف الاقليمي الجزائري الطرف الحقيقي في مشكل الصحراء واستكمال الوحدة الترابية , وما البولساريو الا اداة تفيلية تقتات بفضلات المشكلة المصطنعة . ويصطدم المشروع كذلك مع غياب ارضية قانونية تنصف جميع المواقع المضطهدة من السياسة العرقية الاضطهادية للسلطة الاستطانية .
يجب الطرح مشروع الاستقلال الذاتي في اطار الحل الشامل للمجتمع الماروكي المتعدد في جهاته والموحد في هويته , وليس مجرد حل طارئ لمشكلة انفصالية او ارضاء لجهات خارجية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعبئة رياضية وسياسية في مباراة تركيا | الأخبار


.. لماذا سيواجه الرئيس الإيراني صعوبة في إخراج بلاده من العزلة




.. فرنسا.. موعد مع الجولة الثانية للانتخابات التشريعية | #غرفة_


.. استشهاد عدد من عناصر الشرطة الفلسطينية أثناء تأمين منازل الم




.. نشرة إيجاز - وزارة الصحة بغزة: مجزرة في مخيم النصيرات