الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رهان الموت المجيد ..

صادق البصري

2013 / 5 / 29
الادب والفن



فبل زمن طويل ، حين كنت في السادسة من عمري كنت العب لعبة الموت الخالد ، كنا أربعة أولاد بنفس العمر وفي نفس المرحلة الابتدائية ومن نفس الحي ، وبيوتنا متلاصقة ، نجتمع فوق سياج المدرسة التي تقع قريبة إلى بيوتنا ، تبدأ اللعبة بعد أن يعلق كل منا الوشاح الأسود فوق كتفه ، ونلبس القمصان السود ورباطات الرأس السوداء والرايات ، وكنا نجلب ذلك القماش الأسود من بيوتنا وكان عبارة عن عباءات أمهاتنا التي تهرأت و استحال لونها إلى الاصفرار وما عاد مرغوب بها فتقع بأيدينا فنعمد إلى تقطيعها ونعمل منها القمصان والأوشحة والرباطان تحضيرا للعبة، تبدأ اللعبة ، بان يقوم الذي اختير راميا بأخذ موقعه مضطجعا على بطنه كأي محارب متدرب على السلاح أسفل تل الرمل بجانب السياج، واحدا بعد واحد كنا نسقط نحوه ليلتقي كل منا موته الخالد على يديه ، سقوط بعده دحرجة على كثيب الرمل كان بعضنا يواجهه بمسدس خشبي أو سيف وبندقية خشبية ذات مقابض طويلة ، كنا نسقط وبعناية كنا نختار جزء من أجسامنا سيستهدفه الرامي المختبئ أسفل تل الرمل ، والراية ثابتة بيده ، كنا نمسك ذلك الموضع ونسقط متدحرجين من الاطلاقة المفترضة ، هكذا كنا نموت مرات ومرات ميتاتنا الخالدة تلك ، كنا نسقط وكنا عالمون بأننا سننهض ثانية ، ومن يمت موتته الخالدة يأخذ دور الرامي ليميت غيره ميتة خالدة ، وهكذا تستمر اللعبة ببراءة وبفرح طاغ وعفوية .. ولكن الموت اليوم في العراق ليس لعبة نلعبها ولا خلود لمن يتناثر أشلاءأو يحترق أو يقتل غيلة في شارع أو سوق ، كما إن راع الموت في هذي البلاد غير مستبعد تغيير مكانه والبحث عن وسيلة أخرى أو الكف عنه أو إعطاءه لسواه ، كونه ينجز فعله على أساس أن الآخر لن يقوم ثانية !؟..

************************************************
صادق البصري / بغداد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق


.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس




.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي