الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دي خسارة فيه

مها الجويني

2013 / 5 / 29
كتابات ساخرة


بينما كنت أمشي مع صديق السوداني قرب شارع الألفي بوسط البلد ، في القاهرة ، صرخ شاب مصري يعمل بمحل للحقائب اليدوية غاضبا :"دي ولاهي العظيم خسارة فيك" .. ضحك صديقي السواداني وقال :"بصراحة أحييه على صراحته فيه غيرو بيشفوني معاك و ميقدروش إيقلوها" ...قلت في نفسي ماذا سيقولون ؟ و مالذي يدفعهم لقول ذلك ؟ وهل غدى المشي مع السودانيون في شوراع مصر يثير غضب الناس ؟ للأسف نعم ... فهنا علامات العنصرية تلمع في أعين بعض الناس، كيف لا و بنت شابة تمضي مع أسود سوداني .. يا نهار إسود .. هم الرجالة البيض إنقطعوا ؟ عبارات قرأتها في أعين النساء و البنات اللاوتي كن يسترقن النظر لي . و هناك من و أشارت بإصبعها لنا و هي تتحدث مع صديقتها و نحن نمشي قائلة : بصي عاملين إزاي ..
مسكت بيد صديقي بكل روح مرحة و غنيت معه نعان الجنينة المسقي في حيطان لمحمد منير، محاولة بذلك تجاوز ما يحيط بنا من تمييز ، متحدين لأغاني العلبة الذهبية و سعد الصغير التي تسمم الآذان . إتجهنا نحو شارع البورصة الذي يعج بالمقاهي ، هناك قام أحد القهوجية بمناداة صديقيب "يا زولة" ليستضيفنا للجلوس في مقهاه ،تحمل تسمية* زولة * بين طياتها سخرية و تهكم و إحتقار للرجل السوداني الذي يسمى في وطنه زول و ليس زولة . بكل برودة دم لم نلتفت بل ضحكت و أكملت قائلة :في عشق البنات أنا فت نابوليون ...
أرى أن السخرية من السودانين و النوبيين مثل الخبز اليومي و أمر شبه عادي تغلل في شوارع قاهرة المعز ، فأذن صديقي تعودت على سماع أكثر من هذه النعوت ، إذ ناداه مرة سائق تاكسي" بعصمان" بلهجة أهل السودان يعني عثمان ، و يحملنا إسم عصمان لأدوار مثل عصمان السفرجي عبد المنعم البواب " و عبد الله السواق التي لا تفارق الدراما المصرية .حيث تنحصر صورة الممثل السوداني دائما في العمالة المنزلية و حراسة أبواب العمارات ، فهور دائما يظهر بصورة الخادم البسيط الأمي الذي لا يعرف شيء من الحياة سوى ما يراه في بيت الباشا المصري هناك حيث يطيع السوادني سيده المصري دون شروط و يستحمل طيش أبناء سيده و يلبي رغباتهم ، أما المرأة السودانية فهي تظهر دائما على بداوتها و طبيعتها بلباسها التقليدي و لم يتجاوز حضورها دائرة الدادة نعمات"التي تهتم بالأبناء و ترعاهم في ظل راحة أمهاتهم ، الخادمة المطيعة بجالابيتها المزركشة و العجوز التي تقرؤ الكف و تطرد الجان.
إن مظاهرالتمييز ضد السودانين تجاوزت الأعمال الدرامية و السخافات التي يلتفظ بها بعض الناس هنا لتصل إلى مراحل متطورة من العنف المادي و الجسدي فالبارحة مثلا تعرضت طالبة سودانية للعنف من قبل زميلة لها لأنها كانت تلبس لباس سوداني تقليدي ، كما رفض المرة الفارطة صيدلي تقديم دواء لإمرأة سودانية كما قامت إمرأة مصرية بضرب فتاة سوادنية في الباص على مرأى و مسمع الناس ، كل هذه الممارسات تلقى الرفض و الاستهجان في الوسط الحقوقي المصري لكن الاستنكار لا يعدوا ان يترجم في بيان او مقال لا ينزل الى ارض الواقع ليصل لعامة الناس .
و يستمر مسلسل التمييز العنصري ضد أهل السودان و في الحديث عن السودان ألاحظ أن إسم هذا بلد يقلق بعض المصريين من لم يتجاوزوا ذكريات أيام جمال عبد الناصر و القومية العربية وشعارات مصر أم العرب إذ يقول هؤلاء :"أن إسم سودان هو إسم وليد المخططات الإستعمارية و لم تقم أبدا دولة بإسم السودان لقد كانت كلها أرض مصر "... و إن كانت السودان مصرية لكن قائد الأمة العربية جمال عبد الناصر تخلى عنها في 1956 و غدت السودان دولة مستقلة .. فعن أي وحدة بتحدث هؤلاء ؟
. . رغم أن البلدين يتشاركان في نهر النيل ، عفوا هنا النيل ينسب فقط للمصريين كما تنسب لهم فقط الآثار الفرعونية رغم أن جزء كبير موجود منها في السودان لكن هذا لا يذكر ، ربما لأن البعض من النخبة المصرية لم يخرجوا بعد من مرض الآنا و شعار مصر أم الدنيا ، و مصر أم العرب رغم أن مصر المحروسة فقدت دورها الاقليمي في الشرق الاوسط منذ زمان و لا يزال هؤلاء لم يغادروا بعد أفلاكهم العاجية ، ليرو ما يحدث حولهم من جرائم تحاك ضد جماعة من الناس ..
إن إستعمال عباره جماعة من الناس يكون أفضل من عبارة أشقاء عرب و إخوة و أغاني الحلم العربي ، لأن معاني جملة إحنا عرب زي بعض" تغيب و تفقد معانيها إذا تعلق الأمر بالشعب السودانيو بحقوقه في مصر . كيف لا و هم جماعة سود ، تصاغ عنهم عديد النكت في الغباء و في الافراط في الطيبة ، ويشتهرون بالكسل و الخمول و بحب اللحمة و آكل الفول و البداوة و قلة القيافة . فكل سوداني عصمان و كل سودانية خدامة و من هذا المنطلق صرخ ذلك الشاب المصري بأعلى صوته :"دي و لاهي العظيم خسارة فيه" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_