الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تؤسِّس حزباً سياسياً.. في الأردن؟

جواد البشيتي

2013 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


ما هو "الحزب السياسي"؟ وكيف تؤسِّس حزباً سياسياً؟
إذا أردتم إجابة تَجُبُّ ما كان قبلها من إجابات، وتَصْلُح للتأسيس لـ "نظرية جديدة" في "الأحزاب (والحياة الحزبية)"، فما عليكم إلاَّ أنْ تتوفَّروا على دراسة وتحليل التجربة الجديدة في تأسيس "الأحزاب السياسية" في الأردن؛ وهي تجربة، إنْ عاينتها، أو سمعتَ بعضاً من أخبارها وقصصها، لَتَجِدَنَّ فيها متعة لا تدانيها متعة؛ ولَمَّا سَمِعْت صَدَّقْتُ أمْرَيْن: "بعض الحقائق تَفُوق الخيال في غرابتها"، وقول طرفة بن العبد "ستُبْدي لكَ الأيام ما كنت جاهلاً، ويأتيكَ بالأخبار من لم تُزوِّد".
ما أكثرهم حين تعدهم؛ ولكنَّهم في النوع والجنس واحِدٌ، أو "الواحد وقد تعدَّد"؛ ولن تَجِدَ لديهم ما يعينكَ على تمييز بعضهم من بعض؛ فـ "الرؤية"، و"الفكر"، و"البرنامج (الحزبي السياسي)"، و"الوثائق (الحزبية)"، وسائر ما يَجْعَل الحزب حزباً، هي أشياء، إنْ وُجِدَت، أو وُجِدَ ما تيسَّر منها، "عديمة الأهمية"، وتتشابه معنىً ومبنىً حتى أنَّكَ تَظُنُّ (وإنَّ بعض الظنِّ إثم) أنَّ كاتبها واحِدٌ، يَقَع في خارج الحزب، وكتبها بثَمَنٍ يعدل ثلاثين من الفضة؛ ولا تَسْتَغْرِب أنَّ يكون واحداً ما دام قارؤها أقل من واحد.
وإنَّ "الخصوبة الحزبية" هي أهم ما يُميِّز التجربة الحزبية الجديدة في الأردن؛ فالأحزاب تَكْثُر وتتكاثر؛ وكل يوم نُرْزَق بحزب جديد، أيْ جديد باسمه فحسب؛ ومع ذلك، لا وجود لـ "حزبٍ حاكمٍ"؛ فهل هذا يعني أنَّ لدينا من الحياة الحزبية نسيج وحده؛ فكل الأحزاب معارَضَة، ولا وجود للحزب الحاكم؟!
عندنا فحسب أتوا بالمعجزة؛ فالتُّفاحة أكلوا نصفها، واحتفظوا بها كاملةً تامَةً، في الوقت نفسه!
أحد "المؤسِّسين"، وكان على خلق عظيم، أراد (على ما أظن) أنْ يشرح صدري لحزبه، فتجشَّم مشاق شَرْح الحزب لي، فشرحه بما جعلني أظن أنني مدعو إلى الانضمام إلى "نادٍّ"، هو، بمزاياه التي شرحها، وأحسن شرحها، أقرب ما يكون لمكان للتسلية واللهو، وقد يجتمع فيه الأعضاء على مائدة فيها ما لذَّ وطاب من الطعام والشراب؛ أمَّا كلام المجتمعين فمداره الطعام والشراب أيضاً؛ فإنَّ لكل مقام مقال.
وكم اسْتَسْخَفْتُ نفسي إذْ سوَّلت لي نفسي أنْ أسأله، وهو يكابد شرح ما لا يحتاج إلى شرح، عن "الرؤية" و"البرنامج"، وغيرهما من توافه الأمور، أو ما هو أقرب إلى "الشكل" منه إلى "المحتوى" في حياة الحزب؛ فَصَمَت، ثمَّ "تَذَكَّر"، ثمَّ أجابني قائلاً، في لهجة قائل "وجدتها": نَعَم، لدينا كل هذه الأشياء؛ وإنَّي لأُفضِّل أنْ تقرأها بنفسكَ، ولسوف أُوافيكَ بها. ولقد حدَّثني عنها بما جعلني أظن أنَّه لم يَقرأها هو بَعْد.
ولمَّا قرأتها، عن خجلٍ واستحياءٍ، شَعَرْتُ أنَّ "الحكومة" و"المعارَضَة" يختلفان في كلِّ شيء إلاَّ في "الرؤية" و"الفكر" و"السياسة"، وأنَّ "الحكومة (أو ما تَفَرَّعَت عنه الحكومة)"، وفي وجهٍ آخر من وجوه دعمها للأحزاب الوليدة، الناشئة، الفتية، تزوِّدهم تلك "الأشياء" التي لا تضر، ولا تنفع؛ لكن يكتمل بها "الشكل"، أيْ "شكل الحزب".
"الحكومة"، أعانها الله، وسدَّد خطاها إلى ما فيه خَيْر الحياة الحزبية، هي التي على يديها، أو على يديِّ إحدى وزاراتها، وهي وزارة الداخلية لا وزارة السياحة، تُوْلَد الأحزاب؛ فولادة حزب إنَّما هي "شأنٌ داخلي (لا خارجي)"، وينبغي، من ثمَّ، لـ "وزارة الداخلية" أنْ تبته؛ ومراعاةً لـ "النزاهة" و"الموضوعية" و"الحيادية" في الترخيص للحزب في الوجود، اسْتُحْدِثَت "شروط قانونية"، لا بدَّ للحزب من أنْ يُلبيها ويستوفيها، إذا ما أراد أنْ يشغل حيِّزاً من حياتنا الحزبية، وأنْ يحصل، من ثمَّ، على "الدَّعم الحكومي"، أو على مزيدٍ منه؛ فـ "الحزب"، ويا له من "إغراءٍ لا يُقاوَم"، سيحصل سنوياً؛ لكن بعد مضي سنة أو سنتين (لا أَذْكُر) على تأسيسه، على مبلغ مالي (50 ألف دينار، وقد يُزاد، ليصبح 75 ألف دينار) لا بأس به في زمن اشتداد واستفحال "البطالة الحزبية".
وهذه "النعمة الحكومية"، نعمة أنْ يُنْفِق الحزب ممَّا رزقته الحكومة، التي تنفق ممَّا رزقها الشعب الكافر بالأحزاب، تتلوها "نعمة حكومية أخرى"، هي مَلْء بعض المناصب الشاغرة في الدوائر الحكومية بأعضاء من الحزب (المعارِض) تختارهم قيادة الحزب، أيْ "الرَّجُل الأوَّل" في الحزب، والذي منه يستمدُّ "الحزب" معناه؛ فإنَّ معنى عبارة "حزب الرَّجُل" هو "أعوانه، مؤيِّدوه، جُنْده".
"الحكومة"، أعانها الله، مرَّة أخرى، لا تُنْشئ لنا (بواسطة الشعب نفسه) برلماناً فحسب؛ وإنَّما كل ما لذَّ وطاب من صنوف "الأحزاب"؛ لكنَّها، والحقُّ يُقال، لا تخلط الأمور بعضها ببعض؛ فـ "البرلمان"، وعلى وجه العموم، أو من حيث المبدأ والأساس، يجب أنْ يكون شاغراً من "الحزبيين"، وإلاَّ بِمَن تملأ الحكومة المناصب الشاغرة في دوائرها؟!
إنَّ لهم "الدوائر الحكومية"؛ وهي خير وأبقى من "المقاعد النيابية"؛ ويمكن إذا ما تبيَّن للحكومة أنَّهم عند حُسْن ظنها بهم أنْ تُفضِّلهم على "برلمان الشعب المختار"، فتُوَزِّرهم، مُؤكِّدةً بهذا "الفعل" أنَّ حقَّ "الحزب" في الوصول إلى "السلطة" في الحفظ والصَّون!
هي لا "البرلمان" صاحب الحقِّ في الترخيص للأحزاب في الوجود؛ وهي لا "البرلمان" صاحب الحق في "تمويل الأحزاب"؛ وإنَّه لتمويل يشبه، لجهة شروطه، تمويل "صندوق النقد الدولي" للدولة عندنا.
إنَّها حكومة طموحة؛ ولو كان لها من القدرات ما يعدل طموحها، لغَيَّرت الشعب نفسه، وأعادت خلقه بما يجعله شبيهاً بها سياسياً (لا معيشياً).
ثمَّ يسألونكَ عن "الأحزاب" عندنا، قُلْ "الأحزاب" من أمْر الحكومة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مسجدا يؤوي نازحين في دير البلح وس


.. مقتل وإصابة طلاب بحادثة انقلاب حافلة في كولومبيا




.. رحلات الإجلاء تتواصل.. سلوفاكيا تعيد رعاياها من لبنان


.. ما الذي قدمته إيران إلى لبنان منذ بدء الهجوم الإسرائيلي؟




.. فرنسا.. مظاهرات في باريس تنديدا باستهداف المدنيين في لبنان و