الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جذور الأزمة المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية

رائد محمد حلس
(Raid M. Helles)

2013 / 5 / 29
الادارة و الاقتصاد


تعاني الموازنة العامة للسلطة الوطنية الفلسطينية من خلل هيكلي مزمن, يتمثل في جانبي الموازنة العامة (النفقات والإيرادات), فقد تراكم الإنفاق الجاري وتزايد سنة بعد أخرى ويعزى ذلك إلى القرارات الخاطئة الناجمة عن الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة, وتمثَل ذلك بزيادة التوظيف غير المدروس في القطاعين المدني والأمني والتوسع في تأسيس المؤسسات والوزارات, الأمر الذي أدى إلى تضخم فاتورة الرواتب والأجور. وفي نفس الوقت أصبحت هذه النفقات ملزمة للسلطة الوطنية الفلسطينية ولا تستطيع التخلص منها, ومن ناحية أخرى تعتمد السلطة الفلسطينية في تمويل هذه النفقات الثقيلة من الاعتماد على الإيرادات علمًا بأن الجزء الأكبر من هذه الإيرادات من مصدرين غير مؤكدين وهما: تحويلات المقاصة من إسرائيل, والمساعدات الخارجية. لذلك فإن هناك خلل هيكلي في الموازنة العامة الفلسطينية, ترتب عليه عجز مزمن في الموازنة العامة, أي أنه في حال تأخر أي مصدر من المصدرين السابقين فإن السلطة الفلسطينية تكون عرضة للأزمة المالية .
وظهرت بوادر الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية في بعض السنوات والتي تمثل في أهم مظاهرها عدم القدرة على دفع الرواتب والأجور, والتأخر في تسديد مستحقات القطاع الخاص وغيرها.
وللوقوف على الوضع المالي للسلطة يمكن تقسيمها إلى خمس فترات زمنية, وفقًا للتطورات السياسية والاقتصادية التي سادت خلال هذه الفترات, كما يلي:
1- الفترة (1999-1994)
وهي مرحلة تأسيس مؤسسات السلطة, وكان تمويل الإنفاق الجاري أساسًا من الإيرادات المحلية, وكان عجز الموازنة الجارية في انخفاض مستمر, وتجدر الإشارة أن الموازنة كانت فائضة في عام 1998 ومتوازنة في العام الذي تلاه.
حيث بلغ عدد الموظفين العام نحو 98 ألف شخص عام 1999 (44% للأمن), مع فاتورة رواتب وأجور 524مليون دولار أي أن جوهر الخلل في الموازنة العامة تمثل في ذهاب نحو 55% من الإنفاق الجاري إلى الرواتب, وبالتالي بدأت بذور الأزمة منذ مرحلة التأسيس الابتدائية.
2- الفترة(2002-2000)
شهدت تلك الفترة اندلاع انتفاضة الأقصى وما ترتب عليها من ظروف سياسية قاسية وحصار اقتصادي خانق انعكس خلال هذه السنوات على الموازنة العامة: حيث هبطت الإيرادات المحلية بشكل حاد خصوصًا عندما احتجزت إسرائيل أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة بموجب الاتفاقيات الموقعة (لم تحول إسرائيل سوى 16% من المستحقات المالية حتى نهاية عام 2002) بالإضافة لتوقف حركة العمل في إسرائيل لذلك وجدت السلطة نفسها مضطرة لزيادة التشغيل العام ليصل إلى 124 ألف موظف تقريبًا عام 2002, وبلغت الرواتب والأجور نحو 665 مليون دولار سنويا.
ولتمويل العجز في هذه الفترة اعتمدت السلطة على مصدرين وهما المساعدات وامنح التي بلغت 471 مليون دولار في عام 2002, والاقتراض الداخلي والذي بلغ 456 مليون دولار خلال الفترة (2003-2000) وبمعدل فائدة مرتفع للغاية.
ومع نهاية عام 2002 بلغت الأزمة المالية عنق الزجاجة وتراكمت الديون الداخلية والخارجية عل السلطة إذ بلغ مجموع الدين العام 1.2 مليار دولار عام 2002.
3- الفترة (2005-2003)
تعتبر هذه الفترة بداية الإصلاح المالي, نتيجة لضغوط الدول المانحة على السلطة في تأسيس ( الحساب الموحد) وتجميع ثروات السلطة الوطنية في صندوق الاستثمار بالإضافة إلى وضع سقف للتوظيف العام مما ساهم في نجاح الإصلاح والبدء بإعادة أموال المقاصة ووعود من الدول المانحة بتوفير المساعدات.
حيث بلغ عدد الموظفين في القطاع العام 146 ألف موظف نهاية عام 2005, وشهدت فاتورة الرواتب والأجور زيادة حادة في عام 2003 أدت إلى زيادة الرواتب بمقدار 20% ( زيادات تراكمية منذ العام 1998, على ضوء قانون الخدمة المدنية), بالإضافة إلى زيادة أخرى بمقدار 20% في عام 2005 ويضاف إلى تم إضافة 31 ألف موظف جديد نهاية 2005, الأمر الذي أدى إلى زيادة فاتورة الرواتب والأجور لتصل إلى 1001 مليون دولار.
4- الفترة (2007-2006)
شهدت نلك الفترة فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية وتشكيلها للحكومة الأمر الذي ترتب عليها تعطيل تحويلات المقاصة وانخفاض تحصيل الضرائب وقيام المصارف المحلية بتقليص انكشافها تجاه الديون الحكومية خوفًا من العقوبات والملاحقة القانونية من الخارج عبر خصم الضرائب التي يتوجب عليها دفعها من رصيد ديون الحكومة.
قامت الحكومة بتقليص نفقاتها على كافة الجبهات ولم يحصل الموظفين العموميين سوى 40% من رواتبهم. وبالرغم من التقشف فإن الإنفاق ظل أعلى من الإيراد وتم سداد العجز في الموازنة العامة بسحب دفعات تحت الحساب من صندوق الاستثمار الفلسطيني.
بلغ عدد الموظفين في عام 2006, نحو 159 ألف موظف موزعين مناصفة بين القطاعين المدني والأمني.
تشكلت حكومة وحدة وطنية عام 2007, ولكن تعش لأكثر من نصف سنة بسبب انقلاب حركة حماس على السلطة وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة , الأمر الذي أدي إلى الانقسام السياسي الداخلي والذي كان تأثيره سلبيًا على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والقطاع الخاص والموازنة العامة.
5- الفترة (2012-2008)
ظهرت بوادر تحسن على الموازنة العامة في بداية تلك الفترة تمثلت في ارتفاع صافي الإيرادات من 1.6 إلى 1.9 مليار دولار وجاءت هذه أساسًا من زيادة إيرادات المقاصة, وفي مقابل زيادة الإيرادات المحلية الصافية بمقدار18 % ازداد الإنفاق بنسبة طفيفة فقط نتيجة السيطرة على صافي الإقراض انخفاض بنحو 45 % انعكس هذا الانخفاض بانخفاض العجز الجاري قبل المساعدات الخارجية بمقدار 28 % إلى نحو مليار دولار في عام 2010, ومن ناحية أخرى انخفضت المساعدات للنفقات الجارية من 1.76 مليار دولار إلى 1.13 مليار دولار بين 2008,2010.
وفي العام 2012 اشتدت الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة بسبب عدم تحويل الاحتلال لأموال الضرائب المستحقة للسلطة كعقاب لتوجهها للأمم المتحدة لنيل الاعتراف الدولي بفلسطين كعضو غير مراقب و كذلك لعدم التزام الدول العربية بتوفير شبكة الأمان المالية للسلطة ، وضعف الموارد والجباية المحلية لعدم توفر السيولة المادية لدى المواطنين.
هذا يجعلنا نبحث عن البدائل العملية لإيجاد حلول دائمة للأزمة المالية مقترحا مجموعة من الحلول للخروج من الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الوطنية :
اولاً : إحالة جميع الموظفين المدنيين والعسكريين الغير مؤهلين أكاديميا والذين تجاوزوا ال 45 عاماً إلى التقاعد المبكر بحيث يحصل الموظف الذي تجاوز ال 15 سنة خدمة على 70% من راتبه ، ويحصل الموظف الذي لم يتجاوز ال 15 سنة على 50% من راتبه.
ثانياً : إعادة تقييم الموظفين المدنيين والعسكريين الذين تقل أعمارهم عن 45 سنة .. فهناك مدراء ومدراء عامون مؤهلهم العلمي لا يتجاوز الثانوية العامة
ثالثًا : دفع المواطنين الذين يعيشون في مناطق السلطة الوطنية للمستحقات المطلوبة منهم خاصة الكهرباء والمياه وتراخيص المباني وأي رسوم أخري مستحقة .. وعلى وجه التحديد الموظفين في القطاع العام والوكالة والجامعات والقطاع الخاص .
رابعًا : التعاقد مع أطباء عالميين من روسيا ودول أوروبا وبعض الدول العربية لعلاج الحالات التي يتم تحويلها للخارج ...هذا سيوفر مبالغ كبيرة لخزينة السلطة يستطيع تحديدها القائمين على القطاع الصحي .
وفي الختام المطلوب خلق اكتفاء ذاتي داخلي مع بعض المساعدات المالية العربية الخارجية يكفلان لنا الاستمرارية في عملية البناء والتطوير والازدهار والتنمية بعيداً عن الأزمات المالية المتلاحقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما تداعيات قرار وزارة التجارة التركية إيقاف جميع الصادرات وا


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 3-5-2024 بالصاغة




.. بلومبرغ: تركيا تعلق التبادل التجاري مع إسرائيل


.. أبو راقية حقق الذهبية.. وحش مصر اللي حدد مصير المنتخب ?? قده




.. مين هو البطل الذهبي عبد الرحمن اللي شرفنا كلنا بالميدالية ال