الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعوب العربية ومحنة الابداع

ثائر الربيعي

2013 / 5 / 30
حقوق الانسان


عندما أسافر للبلدان المتقدمة وأعني بذلك الدول العظمى أما لغرض التجارة او السياحة او للمشاركة في مؤتمر فكري أوسياسي او اعلامي ،تلك الدول قطعت اشواطاً طويلة من الزمن واختصرت المسافة لتصل على ماهي عليه الان،فالنهضة فيها على مختلف الصعد سواء الرقي في العمل السياسي او الاقتصادي او العلمي، فيشدني قبل مشاهدة ناطحات السحاب التي تعانق الغمام ،والمولات العملاقة الكبيرة التي يجد المر فيها ما يحتاجه كما يقولون (من الابرة للطيارة ) وفعلاً هو كذلك ،أنني اجد نفسي التي ابحث عنها في زحام الفوضى بعد ان ضاعت بين شعارات الامبريالية ،والدفاع عن الحقوق العربية المغتصبة وغيرها من الاوهام التي زرعتها الانظمة الاستبدادية في مخيلة شعوبها ،كما أرى النظام وسلطة القانون التي تفرض نفسها في اية من تلك الدولة ،وتكفل للجميع العيش بروح الاخوة والوئام ،بعيداُ عما يقوله السياسيون في بعض الأنظمة عن حديث الإقصاء والتهميش وسلب الحقوق واللجوء لخيار طبول الحرب ،تنتابني تساؤلات عديدة ويتصدرها سؤال جوهري لماذا لا تستطيع البلدان العربية من اللحاق بهم ومسايرة ركب التطورالذي تشهده ساحاتها العلمية والانسانية ؟وما تقدمه للعالم من بحوث تفيد بها الشعوب العالمية باسرها ، فالحيرة بعدم الاجابة تحاصرني ولا احد يجيب والسؤال ذاتها يتفرع لعدة اسئلة وكلها مثيرة للجدل والنقاش ومن يتجرأ ليشخص العلل والعلة الموجودة فالحكمة ليس بالذهاب للطبيب وانما بالكشف الصحيح عن الداء وإعطاء الوصفة المناسبة ،فالدواء متوفرة في جميع الصيدليات لكن غير متوفر في ذهن الطبيب الماهر.
فالوطن العربي من أقصاه شماله الى جنوبه غني لدرجة التخمة بالخيرات الطبيعية وفي مقدمتها (البترول) فهو رحمة اذا استغل بالشكل الصحيح في إسعاد الشعوب وحفظ كراماتهم وحقوقهم وبناء كل مايحتاجه المرء من بنى تحتية ،وجامعات ومدارس ومستشفيات ومجمعات سكنية تنقذ البشر من رذالة العيش بالعشوائية ،وهو نقمة لاستخدامه في اضطهاد الناس وتعريضهم للاحتقار والتحكم بقوتهم وسلب حرياتهم وشراء الاسلحة المتطورة الفتاكة لقمع الحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية الافراد المجتمع والتقاتل مع الدول الأخرى بسبب نزاعات شخصية بين الحكام والملوك دفع ثمنها الجماهيرالي تنظر بعين الرحمة لولي امرها ، الذي يفضل البذخ والترف لنفسه والكفاف للآخرين وكان الزينة والحياة الجميلة هي مباهج الشيطان .
فالطاقات البشرية موجودة ومهيأ للانتاج والابداع لكنها تفتقرللطريق الصحيح التي تسلكه لتمضي بسلام وتحريرها من عقد الخوف فالحضارة تبدأ من حيث ينتهي الاضطراب والقلق ،لانه اذا ما آمن الانسان من الخوف تحررت في نفسه دوافع التطلع وعوامل الابادع والانشاء ،وبعد ئذ لاتنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمضي في طريقه الى فهم الحياة وازدهارها .
فالامم السابقة علمت بحضاراتها البشرية القراءة والكتابة ووضعت لها القوانين لتنظم حياة الإنسان وتستبدله عن حياة الغابة التي تسودها القوة ومصادرة حقه ،فماذا أصابها اليوم ؟
ان محنة الابداع التي تعيشها الشعوب العربية والقيود التي تكبلها،لم تاتي من فراغ او من صدفة وانما بسبب تعسف الانظمة التي غطرست على صدورمواطنيها ،وعقدتها الدائمة من المبدعين والمفكرين لانهم لديهم القدرة بتغيير المجتمع ،واستخدام ابشع الاساليب المروعة بحق حملة العقول والفكر ،مما اضطرهم للسفر(الهرب) خارج بلدانهم والبحث عن اوطان اخرى تعرف قدرهم وتحترم مكانتهم العلمية .
المواطن العربي نجده مسلوب الارادة يعيش حالة الخمول والاستهلاك المستمر لما تقدمه الدول الصناعية من منتوجات مختلفة ،وكأنه مقدرعلى هذه الشعوب ان تكون خيراتها بيد حكامها الذين يتمتعون بازدواجية قل نظيرها ،فهم يثورون على الظلم ويقمعون شعوبهم ويتحدثون عن الفضيلة ويرتكبون الرذيلة ،وينادون للمنطق ولغة الحوار وهم متعطشون يرتوون بدماء أبرياء والى متى ستبقى هذه الشعوب مطالبة بدفع ضريبة انظمة فاسدة ومستبدة ؟وعزلة الانتاج والابداع والرقي اسيرة بيد الجهلة يطبقون عليها فلا حياة متطورة اقتصاديا ولا ارتفاع في مستوى دخل الفرد ولاكرامة للانسان فعين تنظر للثورات التي تهدرعلى ليالي حمراء وخضراء وجلسات الطرب ،وعين تتابع وتراقب عن كثب التكنلوجيا التي تتطور وتتقدم وهم جالسين يندبون حظهم العاثر وقدرهم المؤلم في ان يتسنم اقزام مقدراتهم ويتلاعبون بحرياتهم ،فالمدرعات والدبابات والصواريخ والاسلحة المتوسطة تشترى بحجة الدفاع عن فلسطين والذود عن حرمة الوطن،وعندما تنتفظ الشعوب لتعبر عن رفضها للمظلومية التي لحقت بها نجد ترسانة الأسلحة وعديمي الضميريسحقون افراد مجتمعهم ،ويردد الشعب لا نريد أبداع وتطور نريد ان لا نموت ونرضى بالعيش بخضوع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين


.. الأمم المتحدة التوغل في رفح سيعرض حياة الآلاف للخطر




.. السلطات التونسية تنقل المهاجرين إلى خارج العاصمة.. وأزمة متو


.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص




.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة