الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقابل الدرامي في المجموعة القصصية - لسمر حجازي-

نجية جنة

2013 / 5 / 30
الادب والفن


ا تظل القصة القصيرة جدا الرسالة المشفرة الحديثة التي يعبر من خلالها المواطن العربي، ويوزع بوحه ، ويشرع أبواب فكره وقناعاته عبرها ، فأضحت القصة القصيرة جدا الجنس الأدبي الأكثر انتشارا في عصر التكنولوجيا المتطور باستمرار، ومن أرض فلسطين جنينا باكورة سمر حجازي في أرض المغرب الحبيب ، وبالضبط بالدار البيضاء بمطبعة القرويين سنة 2013 ، مجموعة قصصية قصيرة جدا تحمل عنوان "جدار الحرية" ترجمها في شق الكتاب الثاني المترجم المغربي حسن الغافل بن الطاهر وأعطاها عنوان : La muraille de la liberté
جاء في تقديم الروائي مصطفى لغتيري ص 6 " في النصوص التي تكتبها الأستاذة سمر حجازي ثمة دائما أمل متوار خلف قسوة الحياة...أمل وإن كان زئبقيا ...إلا أنه حاضر من وراء حجاب ..." فجل المواضيع التي تطرقت لها القاصة تلامس مجالات عديدة في المجتمع وتظل عفويتها مخاتلة ، ترصد إحساسها أولا وتعبر عن الآخر بوعي وانضباط ، ويظل شعورها يتخبط بين العقل والوجدان ، والهم الكاتم على أنفاسها تظل ترسم له منفذا إلى عوالم خاصة بها كلها حالمة و متفائلة بغد مشرق .
ككل القصاصين الفلسطينيين ، والذين تطورت القصة القصيرة جدا على أيديهم في بداية الثمانينيات من القرن العشرين أمثال محمود شقير وتيسير محيسن وأمين دراوشة وأحلام بشارات وسما حسن وسماح الشيخ وغيرهم ، تحمل سمر حجازي هم الوطن المستلب والمضطهد ، وهم شعب يرزح تحت وطأة الاستعمار فيكابد الويلات على جميع الأصعدة .
كما أن الكاتبة تلامس مجالات عديدة إلى جانب الوطنية والقومية ، فهي تنطلق من الذات وتعبر عن الآخر بوعي مزدوج ، تتفاعل مع الحركة الإجتماعية ولكن بأسلوب يعتمد على الرموز والدلالات الإيحائية الكثيفة ، لذلك جاءت لغتها مشحونة بالصور والمفارقات والتعابير الملغزة رغم بساطة ألفاظها وسهولة ديباجتها ، فالكاتبة تسرد قصصها بلغة فصحى بسيطة وتراكيب تنسجم مع مخيلتها وتتفاعل مع عالمها المتخيل ، تحكي جل الحكايات مكتملة ، تنتهي بخط سردي هادئ ، تعتمد على الأزمنة المحددة كثيرا مما جعل قصصها أكثر حركية وأكثر تركيزا ، أما الشخوص فلا تجعل لها أي ملامح تظل نمطا تعبيريا تتخذها الكاتبة لتفند الواقع الملغوم بوضعياته المختلفة.ورغم ذلك فالكاتبة ليس لها وجهة محددة ، فهي تنتقل من قصة إلى أخرى وكأنها تلتقط أفكارها المشوشة بواسطة التقابل الدرامي.
كما نلاحظ أن المجموعة القصصية يمكن تصنيفها إلى محاور محددة ، فمثلا علاقة المرأة والرجل والقائمة في أغلب الأحيان على الخيانة والعنف والقسوة نجدها تمثل الحصة الأكثر في المجموعة ومنها: " أشواك" ص 10 و"حب" ص 11 و "العقد" ص 13 و" صعود" ص 19 و" بوح" ص 22 و "مهمة سرية" ص 23 ثم "المصير" ص 25 ، فكل القصص محملة بأحاسيس وانفعالات تتشكل إلى حقيقة موضوعية تقول الساردة في قصة " المصير" " حين احتد الجدال وتعالت الصيحات، خرجت عن صمتها المعتاد، أمسك المكنسة وانقض عليها بوحشية أعادتها إلى صمتها ...رفع يديه أمام الشرطي و الصدأ يصبغهما :
-لم أضربها قط.
كما أنها تخصص جزء من القصص للبوح بهوسها بالكتابة وشغفها بها ، وأنها لا يمكنها العيش من دونها وتلخصها القصص التالية: "خلاص"ص 9 و "المعراج" ص 12 و"تعفن" ص 18 و" قفلة" ص 20 ثم " ملكة" ص 20 التي تقول فيها " انتقلت مع أسرتها إلى بيتها الجديد في حي راق بطرف المدينة ...كادت تفقد صوابها كلما أمسكت بالقلم .. كانت الحروف عالقة في مكان ما.. جن جنونها فكسرت قلمها...وبعد شهر حين ذهبت لبيتها القديم لتسلم مفاتيحه للمشتري الجديد، وجدت قلمها القديم ينزف فوق سطح المكتبة..."
وتظل الفلسطينية ككل الشعب الفلسطيني ، تحمل هم الوطن المستلب ، لتقول في القصة " نظرة" ص 24 " قرر هذه المرة ألا يكتفي بنظرات يسترقها .....
-كأني أعرفك....
يستحيل..لا يسمح لعرب 48 زيارة لبنان.
-هل تستخدمون العبرية في حديثكم؟
-للأسف...نحن تحت الاحتلال.
ضحك بسخرية واستهتار ، بينما كانت شرايينها تنفجر قهرا.
رمقها بنظرة تبدو مختلفة هذه المرة،
علي أن أغادر
"Désolé
الفلسطيني دائما يحمل إحساسه بالظلم والقهر ، إنها تعبر عن المعاناة التي يقاسيها الفرد الفلسطيني ، ولكن المفارقة الساخرة الصارخة في توظيفها للفظة "أعتذر" التي نطق بها اللبناني توضح مدى الاستلاب الذي يعانيه كل المواطنين العرب .
كما أنها تشير لبعض الاختلالات الأخلاقية التي تستشري في المجتمع ومنها الفساد الإداري الذي توضحه قصة " الصدأ" ص 16 والفساد الأخلاقي الذي تتسبب فيه الانترنيت في قصة " صيد وفير" ص 26 بالإضافة إلى الفساد السياسي الذي يتسبب فيه القادة العرب كما توضحه قصة " الريس" ص26 وقصة "حل أزمة" ص 32 .
أما بخصوص ترجمة النصوص بالفرنسية فتظل تحتفظ بنفس المعنى إلا أنها ستعطي للغة هوجو نفسا شعريا أضفى عليها جمالية خاصة تفتقده لدى الكتاب الأصليين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري