الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن التدخل في سورية ملاحظات على ملاحظات

سلامة كيلة

2013 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية




يثير الوضع السوري تساؤلات بلا شك، ويطرح الأسئلة، وأيضاً يفضي إلى التشوش. لهذا لا بد من توضيحات مستمرة. فقد أبدى الأستاذ حامد حموي عباس ملاحظات على مقال لي حول التدخل الدولي في سورية (حقيقة التدخل الدولي في سورية ( مداخلة مع الاستاذ سلامة كيلة ) حامد حمودي عباس ،الحوار المتمدن-العدد: 4105 - 2013 / 5 / 27). والملاحظات مبنية على "تقسيم المحاور" كما كان قبل سنوات، دون ملاحظة التغيرات التي طرأت على العالم خلال السنتين الأخيرتين.
وإذا كان الأستاذ حامد لم يجد ما يريد في المقال، فربما يجد ما يريد في مقالات اخرى، لكن أرى أن النقد الذي وجهه لي ينطلق من "التقسيم التقليدي" للمحاور في المنطقة، أي إيران، حزب الله، العراق من جهة، وأميركا، إسرائيل وحلفاؤهما في الخليج العربي من جهة أخرى، "ضمن صراع دولي وإقليمي يراد من نتائجه ان تكون لصالح احدى الجبهتين في نهاية الأمر". لهذا فالمعركة بالنسبة لحزب الله هي معركة مصير. ولهذا فهو يرى أن تدخل إيران وحزب الله في العراق أمر طبيعي لأنه من غير المعقول أن يجد حزب الله أميركا بديلاً في سورية.
وهو يعيد إلى مرحلة "أرسخ"، حيث يقوم الصراع السلفي ضد المد الشيعي.
لكن يمكن أن أبدي هنا ملاحظات على ما قاله، ينطلق من فهم مختلف للوضع العالمي وواقع الصراع. فأولاً يجب أن نلاحظ بأن الصراع الراهن ليس امتداد للصراع السابق، ولا علاقة له بالسلفية والتشيع، أو بالمحاور التي كانت قائمة قبلاً. فقطر كانت "زعيمة الممانعة" وفي تحالف وثيق مع النظامين في سورية وإيران. وتركيا كانت في حلف إستراتيجي مع النظام السوري وفي علاقة جيدة مع إيران. بالتالي لا بد من فهم مختلف لواقع الاصطفافات الجديدة لا يتأسس على الاصطفافات السابقة.
وثانياً لا يمكن أن نبقى نردد ما كان يقال عن دور أميركا خلال العقود السابقة، ليس لأنها لم تعد إمبريالية، بل لأنها لم تعد قادرة على الفعل كما كانت، فهي متأزمة إلى حد الانكفاء. وبالتالي فإن دعمها للموقف الروسي في سورية ليس نابعاً من خوف من حزب الله والحوثيين وإيران، هذه نظرة قاصرة جداً، بل نتيجة أزمتها العامة التي فرضت عليها التقاسم مع روسيا، ومن ثم التخلي عن الطموح في سورية (وهذا لم يأت الآن، بل كان واضحاً منذ بدء الثورة السورية، أو على الأقل بعد اشهر قليلة منها) ودعم الهنب الروسي لسورية. لا الحوثيين من يخيف، ولا حزب الله الذي يتعرض لأقسى الضربات في القصير (ربما مع الأسف)، ولا إيران. المسألة أكبر من ذلك وأهم بالنسبة لأميركا: وضعها الاقتصادي وأزمتها التي لم تستطع تجاوزها.
لهذا فإن كل الكلام عن "ان المحرك الرئيسي للصراع الدائر في سوريا حاليا هو من نتائج السياسة الامريكية والتي بدأتها في العراق ، ثم رعت بعدها عملية خلق الأسباب الداعية لما سمي بالربيع العربي ، وكل ذلك الهدف منه هو مقاومة المد الشيعي في المنطقة ، الأمر الذي خلق تحالفا سنيا عريضا دخلت فيه القاعدة كطرف دخيل عملا بمبدأ ( عدو عدوي صديقي )" لا معنى له، وهو من مخلفات الفهم الماضي للصراع العالمي. أميركا الآن ليست فاعلاً في الصراع السوري، وما تقوم به الآن هو الضغط على "حلفائها" للقبول بالحل الروسي. وأن أكثر الدول التي تدخلت هي قطر (الحليف السابق للنظام) وتركيا (أيضاً الحليف السابق للنظام) وفرنسا التي كانت تجهد منذ زمن لإيجاد موطئ قدم في سورية. ومن ثم السعودية التي دعمت النظام بشكل مباشر، وبأشكال غير مباشرة، لأن أولويتها لا الصراع السني الشيعي ولا الممانعة والتحالف مع إيران بل كيف تواجه الزحف الثوري الذي بدأ من تونس وتوسّع بسرعة شديدة إلى كل البلدان المحيطة بها (اليمن والبحرين وسورية، وجزئياً الأردن والعراق).
أميركا بالتالي كانت تراقب من بعيد (كما كتبت منذ أكثر من سنة)، ولقد "باعت" سورية لروسيا منذئذ. وكان ضعفها يجعل تركيا تتحالف مع نظام تفرض كل أشكال الحصار عليه سابقاً، هو النظام السوري. وتجعل قطر تسير نحو التحالف مع فرنسا، وتزيد من استثماراتها في أوروبا. وأيضاً تجعل السعودية تتعامل بما يناسب وضعها هي. أما حين تدخلت أميركا فها هي تفرض على "حلفائها" القبول بما لا يريدون: الحل الروسي، وسيطرة روسيا على سورية.
أخيراً، لا أريد أن أذكّر بأن في سورية ثورة، وشعب يريد التحرر من سلطة مستبدة ناهبة. بالتالي فإن أولوية المواقف تنطلق من هنا وليس من أي مكان آخر. من هذا المنظور ستكون الثورة ضد النظام وحلفاء النظام، وكل القوى التي تريد تدمير الثورة أو استغلالها من أجل فرض سلطة تابعة، سواء لقطر وتركيا وفرنسا أو لروسيا وإيران.
كل هؤلاء يخوضون صراعاً من أجل تقاسم السيطرة والنفوذ. وبالتالي فهم ضد الثورة بكا صراعاتهم "الطائفية" أو السياسية أو أي شكل آخر. الأساس هو أن الشعب يخوض ثورة من أجل التغيير، وكل من يقف مع النظام أو يلعب من أجل مصالح ضيقة، أو يخرّب لكي لا تنتصر الثورة، هو عدو الشعب السوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا