الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرة أخرى لاترقصوا في محنة الوطن

ليث الحمداني
(Laith AL Hamdani)

2005 / 4 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


منذ أيام تعرض الزميل سرمد عبد الكريم صاحب وناشر وكالة الأخبار العراقية التي تبث فعالياتها من إحدى الدول الإسكندنافية على شبكة الإنترنت إلى اعتداء على ممتلكاته لأنه انتقد حزبا كرديا في مقال نشره على موقعه. ومنذ يومين نقل لي من أثق به أن سيدة تعرضت في إحدى المدن الكندية إلى حادث مماثل لأنها انتقدت سياسيا عراقيا. , واليوم تلقيت ردا من ( الوطنية للانباء ) على مقالة للزميل عدنان حسين في صحيفة ( الشرق الاوسط ) حول تشكيل الحكومة العراقية تضمن عبارات من قبيل ( الغباء )و (السذاجة ) و( عدم المصداقية ) بالاضافة لاستخدام كاتبه عبارة ( الكاذب ) بدلا من ( الكاتب ) وكنت قد اطلعت على مقالة الزميل عدنان ولم اجد فيها مايستحق هذا الاسلوب في الرد ، والسؤال الذي يطرح نفسه من خلال هذه الوقائع هو: ماذا تعلم العراقيون في مغترباتهم؟
العراقيون شعب حديث عهد بالهجرة والاغتراب، وإن كان إخواننا من المسيحيين قد بدأوا الهجرة المبكرة إلى الولايات المتحدة منذ نهاية الخمسينات واستطاعوا أن يحققوا بعضا من أحلامهم الاقتصادية وظلوا على التصاقهم بالوطن وحبهم له. فإن الهجرات اللاحقة بدأت بعد عام 1970 وتكثفت بعد استلام الدكتاتور صدام حسين للسلطة وإشعاله الحروب التي لم تكن تنتهي حتى تبدأ من جديد. وكان أغلب هؤلاء المغتربين إما هاربين من العسكرة أو من الاضطهاد العرقي كما حصل مع الأكراد، أو اضطهاد سياسي كما حصل مع شرائح الشعب العراقي الأخرى وخاصة بعد انتفاضة آذار التي جاءت بعد حرب الخليج الثانية. بمعنى أن هؤلاء القادمين إلى المغتربات مضى على وجودهم أكثر من عشر سنوات ( تقريبا). جاءوا إلى مجتمعات مختلفة تماما، وكانوا كمن يخرج من زنزانة مظلمة في يوم مشمس. ولذا لن نتحدث عن السنة الأولى أو الثانية وما رافقها من أوضاع يعيشها كل مغترب جديد. ولكن ماذا بعد. المفروض أن يكون هؤلاء قد حققوا جزءا بسيطا من الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة وبدأوا عملية التعامل مع مفردات الحياة اليومية وأهمها هنا احترام الرأي الآخر والتعامل بأسلوب حضاري حين الاختلاف. ولكن، وللأسف ولا أريد الخوض في قضايا استغلال البعض للمؤسسات هنا وهناك بشكل غير أخلاقي باعتبار أن هؤلاء قله وأن في كل مجتمع هناك الصالح والطالح، لكني سأتحدث عن السياسة فقط.
أتابع القنوات الفضائية فأرى العجب العجاب، حتى أشك أحيانا بأن هناك تعمدا باختيار النماذج. فهؤلاء ما أن يستلموا الميكروفون حتى يبدأ الصراخ الذي لا يرتقي حتى إلى حوارات المقاهي. فالاتهامات تطلق جزافا ومفردات التخوين والتجريم على كل لسان، وهكذا تنتهي الحوارات كما بدأت وسيلة لإثارة النعرات القومية والطائفية. أما مواقع الإنترنت العراقية فأغلبها ولا أقول جميعها تزدحم بمقالات تحمل لغة لا يمكن أن تسهم في بناء العراق الديمقراطي الذي يتحدثون عنه جميعا. فبالإضافة إلى مفردات السباب والشتائم تسودها لغة طائفية وعرقية بغيضة مستعارة من خطاب يستهدف تدمير الوطن لا بناءه. وحين تستعرض صحف العراق المتيسرة على شبكة الإنترنت تلحظ الفرق الشاسع في الخطاب السياسي. ففي داخل الوطن خطاب عقلاني يدعو للوحدة وإطفا ء نار الفتنة، ومن خارج الوطن يتوجه مغتربون يفترض أنهم تعاونوا مع مجتمعات ديمقراطية بخطاب شوفيني وعرقي وطائفي مكتوب بلغة تحريضية وانتقامية يعكس لقرائه مدى عزلة هؤلاء المغتربين عن الواقع الذي يعيشونه في بلاد الاغتراب. فماذا يمكن أن نقول عن هؤلاء؟ اختاروا الاغتراب مستفيدين من امتيازاته ويذبحون الوطن بما يكتبون في هذه المواقع.
إن من لا يتعلم ألفباء الديمقراطية في عشرة أعوام يقضيها منزويا يعيش على هامش المجتمعات المتحضرة لا يمكن أن يصبح ديمقراطيا بمجرد سقوط الدكتاتورية في العراق.
قولوا خيرا أو اصمتوا، لا ترقصوا في محنة الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح بين


.. بوتين: كيف ستكون ولايته الخامسة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد -بتعميق- الهجوم على رفح


.. أمال الفلسطينيين بوقف إطلاق النار تبخرت بأقل من ساعة.. فما ه




.. بوتين يوجه باستخدام النووي قرب أوكرانيا .. والكرملين يوضح ال