الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهضة اثيوبيا .... وخراب مصر !!!

عبدالله محمود أبوالنجا

2013 / 5 / 31
مواضيع وابحاث سياسية



من البديهى أن يكون لكل دولة حرة ذات سيادة كاملة على أراضيها ، الحق فى استغلال مواردها وثرواتها الطبيعية ، بالشكل الذى يكفل لكل مواطن من أفراد شعبها ، الحياة الحرة الكريمة ، ويؤمِّن لذلك المواطن وتلك المواطنة حاضراً ومستقبلاً ، تتكفل فيهما الدولة ونظامها الحاكم بتلبية الحاجات الضرورية للمواطنين والتى من أهمها على الاطلاق الحصول على فرص عامل مقابل أجر يُمَكـِّن هذا المواطن أو تلك المواطنة من الانفاق على الأسرة التى يعولها وتلبية متطلباتها من مأكل ومشرب وملبس وصحة وتعليم وترفيه وغيرها من الاحتياجات الانسانية ، سواء أكان نظام هذه الدولة أو تلك رأسمالياً أو اشتراكياً أو شيوعياً أو أياً كان شكل النظام الذى تتبناه الدولة ! المفهوم الحديث لماهية الدولة هو ذلك الكيان السياسى المرتكز على انتخابات حرة نزيهة لرئيس وبرلمان يعبران عن ارادة الأغلبية ممن يحق لهم التصويت فى الدول الديمقراطية ، سواء أكان النظام السياسى جمهورياً أو برلمانياً أو كان نظاماً ملكياً دستورياً . وأياً كان نظام الدولة السياسى فى عصرنا هذا ، فالمسئوليات الملقاة على عاتق ذلك النظام تكاد تتلخص فى قيام هذا النظام أو ذاك فى الحفاظ على مقدرات الدولة وحدودها واستقلالية جميع قراراتها بما يكفل لمواطنيها حياة حرة كريمة فى حاضرهم ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم . وذلك هو ماتتبناه الحكومة الاثيوبية فى الدفاع عن استراتيجيتها السياسية فى اقامة بعض السدود الضخمة على الأنهار التى تمد نهر النيل بمياه الفيضان كل عام بهدف معلن وهو توليد كميات ضخمة من الكهرباء ، بما يكفى لسد احتياجات الشعب الاثيوبى ، واستثمار مازاد عن ذلك بتصديره الى الدول الافريقية الأخرى التى تعانى من نقص فى موارد الطاقة الكهربائية بأسعار تضخ مبالغ هائلة من العملة الصعبة فى خزانة الدولة الاثيوبية ، التى ستقوم بدورها بانفاق تلك المبالغ المهولة على احتياجات الشعب الاثيوبى والدولة الاثيوبية من تعليم ومأكل ومسكن وملبس ومشرب وصحة وتعليم وخلافه ومتطلبات أمن داخلى خاصة بالشرطة وخارجى تخص تسليح الجيش الاثيوبى ! باختصار هو مشروع طموح يهدف الى نقل الدولة الاثيوبية من دولة نامية الى قوة عظمى فى أقصى شرق وسط قارة افريقيا ، تتحكم فى منابع النيل الأزرق والروافد الأخرى التى تغذى نهر النيل بمياه الفيضان سنوياً . وليس مستبعداً أن تقوم الدولة الاثيوبية بتطوير قدراتها العسكرية البرية والجوية بشكل يمثل تهديداً وخطراً صريحاً على استقلال الدول المجاورة لها كالصومال والسودان وكينيا واريتريا ، وليس من المستبعد أن تقوم الحكومة الاثيوبية بالاطاحه بنظام الحكم القائم فى اريتريا وضم أراضى تلك الدولة الى الأراضى الاثيوبية بزعم أن الأراضى الاريترية كانت جزءاً لا يتجزأ من الأراضى الاثيوبية ، قبل حصول اريتريا على الاستقلال فى 25 مايو من عام 1991 م ، وبذلك تستطيع الحكومة الاثيوبية أن تتحكم فى الملاحة الدولية فى البحر الأحمر من ناحية الجنوب ، إذ أن إريتريا تقع عل الشاطئ الغربي للبحر الأحمر في نقطة حاكمة عند مدخله الجنوبي وعلى مقربة من مضيق باب المندب ذي الأهمية الإستراتيجية البالغة؛ فهي تشبه مثلثا محصورا بين إثيوبيا والسودان وجيبوتي، وتبلغ مساحتها حوالي (120) كم2 تتنوع فيها التضاريس والمناخ، وتمتلك شاطئًا يمتد ألف كيلومتر على البحر الأحمر، يمتد من "رأس قصار" على الحدود السودانية شمالا إلى باب المندب في "رأس أرجيتا" في جيبوتي جنوبًا، ويقع في هذا الساحل أهم موانئ البحر الأحمر وهما: "عصب" و"مصوع".
ربما كان ذلك النذر اليسير من الطموحات التى تعول الحكومة الاثيوبية على تحقيقها من وراء مشروعات اقامة مجموعة سدود لتوليد الكهرباء والاستثمار فيها ، والتى بدأتها يوم الأربعاء الموافق 30 مايو 2013 باحتفال شعبى ورسمى بتحويل مجرى النيل الأزرق تمهيداً لانشاء السد الأول ، الذى أطلقت عليه [ سد النهضة ] ، ضمن مجموعة من السدود المزمع اقامتها على مجموعة الأنهار التى تقع فى الأراضى الاثيوبية والتى تغذى معظمها نهر النيل !
ولكن ماذا عن التأثيرات السلبية لتلك السدود على أوجه الحياة فى مصر ؟ فى دراسة تلخيصية قامت بها اللجنة الوطنية المصرية المشكلة من جامعة القاهرة، ومجموعة من خبراء الرى والفنيين المصريين ، ونشرت ملخصها جريدة الموجز المصرية ، عن التأثيرات السلبية لسد النهضة فقط على مصر أظهرت الدراسة (1) ، استنادا إلى المعلومات التى وفرتها إثيوبيا من خلال اللجنة الدولية لدراسة سد النهضة ، أنه أثناء ملء الخزان وفى حالة تزامن الملء مع فترة الفيضان أقل من المتوسط، فإن الآثار ستكون « كارثية»، حيث يتوقع عدم قدرة مصر على صرف حصتها من المياه، بعجز أقصى يصل إلى 34% من الحصة، أى ما يقارب 19 مليار متر مكعب، وبعجز متوسط 20% من الحصة السنوية طوال فترة ملء الخزان، فى حالة الافتراض بملئه على مدى 6 سنوات. وذلك معناه أن العجز فى كميات المياه، سيصحبه انخفاض فى انتاج الطاقة من كهرباء السد العالى وقناطر نجع حمادى، بإجمالى عجز سنوى يصل إلى 40% من الطاقة الكهربائية المنتجة. مما يدفع بالسلطات المصرية الى اللجوء للسحب على المكشوف من فائض المخزون الاستراتيجى للمياه المخزنة فى بحيرة السد العالى طوال فترة احتجاز مياه الفيضان بواسطة سد النهضة الاثيوبى وذلك من أجل تعويض نقص كميات المياه المحتجزة أمام سد النهضة فى اثيوبيا ، وفى حالة نفاذ فائض المخزون الاستراتيجى بسبب حجز سد النهضة لكميات الفيضان التى تغذى بحيرة السد العالى فإن عمق المياه فى بحيرة السد العالى سوف يقل ببمقدار يزيد على 15 مليار متر مكعب، ليصل منسوب المياه إلى 159 مترا مما سينتج عنه كوارث بيئية واجتماعية تنعكس على حياة المصريين فى جميع أنحاء القطر المصرى وخاصة فى الدلتا واقليم القناة ومدن البحر الأحمر والساحل الشمالى وعلى جانبى الوادى ، إذ أن نقص كل 4 مليارات متر مكعب من المياه، يعنى بوار 1 مليون فدان وتشريد 2 مليون أسرة، وفقد 12% من الإنتاج الزراعى، وزيادة الفجوة الغذائية بمقدار 5 مليارات جنيه، فضلا على زيادة التلوث والملوحة وعجز فى مأخذ محطات مياه الشرب نتيجة انخفاض المناسيب، وتأثر السياحة النيلية وتداخل مياه البحر فى الدلتا، مما يزيد من تملح المياه الجوفية. وذلك معناه ببساطة حدوث مجاعة شاملة على أرض مصر قد تفنى أكثر من 60% من عدد السكان فى الدولة المصرية ، ان لم يكن بسبب نقص الغذاء فبسبب العطش الذى سينجم عن ندرة المياه فى كافة أنحاء القطر المصرى ، وهذا هو السيناريو الأسوء على الاطلاق فى تاريخ الدولة المصرية منذ تأسيسها قبل سبعة آلاف عام ، وذلك فى حالة اصرار الجانب الاثيوبى على التصرف بمفرده وتخزين كل مياه الفيضان فى أمام سد النهضة دون مراعاة لاحتياجات مصر المائية ! ترى كيف سيتصرف النظام المصرى الاخوانى فى مواجهة كوارث بهذا الحجم تهدد حياة عشرات الملايين من أبناء الشعب الذى أقسم النظام على رعاية مصالحه رعاية كاملة ؟ الاجابة متروكة للنظام الاخوانى والرئيس الاخوانى الذى يشاع أنه جاء بانتخابات شفافه وحرة نزيهة ولم يأتِ بواسطة التهديد بحرق مصر كما يقول معارضوه ، ومتروكة للشعب المصرى صاحب المصلحة الحقيقية فى كل مايجرى على أرضه وداخل حدوده وفى محيطه الاقليمى !
بقلم / عبدالله محمود أبوالنجا










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصويب
عبدالله محمود أبوالنجا ( 2013 / 5 / 31 - 14:30 )
ورد خطاً فى المقال أن مساحة اريتريا هى (120) كم2 بينما المساحة هى (121320 ) كم2 أكرر اعتذارى وأسفى على هذا الخطأ الغير مقصود

اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال