الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


!!المقابر الجماعية.. ولجنة التنسيق

هادي فريد التكريتي

2005 / 4 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مساء يوم 23 نيسان ،أحيت لجنة تنسيق القوى السياسية العراقية في مدينة يوتوبوري / السويد ، للسنة الثانية ، ذكرى شهداء المقابر الجماعية في العراق ، المناسبة هي العنوان الأكثر دلالة على همجية القومية العنصرية ـ الطائفية التي ارتكبها بحق الشعب العراقي ، البعث الشوفيني ونظامه المقبور ..وهذه الذكرى يتطلب منا الحرص عليها وأن تبقى خالدة في ذاكرة كل العراقيين ، من العرب والكورد وباقي أطيافة ، يستعيدون هولها وفضاعتها ، ويجددون ذكرى شهداءها الضحايا المقرونة بوحشية ولا إنسانية الجلاد وقوميته .. وإذ يجسد العراقيون ، سنويا ، هول الجريمة ومأساوية الفعل الشنيع المرتكب ، إنما يحولون دون بعث جديد للفاشية والعنصرية تحت أية مسميات جديدة ..ولم تتورع قوى من هذا النوع في ظرفنا المعاصر ، من ارتكاب مجازر مماثلة في بقاع الأرض المختلفة ، قوى غاشمة تبنت وجسدت نهجا عنصريا أو طائفيا في الحكم ، حققت من خلاله نصرا ، مؤقتا ، نتيجة لظرف ما ، خدعت بشعاراتها البراقة الجماهير ، باسم القومية أو الطائفة ، وأعطت لنفسها الحق ، لوحدها دون غيرها ، أحقية المحافظة على كيانات مغرقة في رجعيتها باسم الدين أو القومية أو الطائفة ، والتاريخ شاهد على ما ارتكبت هذه القوى من فضائع في التاريخ الماضي القريب ، ليس البعث هو مثالنا الأوحد فيما ارتكب من جرائم يندى لها جبين الإنسانية ، من غير العرب ، وإن كانت جرائمه هي الأقبح والأحدث والأكثر بشاعة في التاريخ الحديث ، فها هي أنظمة توارت قبله ، تعلَم ونهل منها وطور في بشاعة ما ارتكب من جرائم ، ألمانيا وإيطاليا واليابان وإسبانيا وشيلي والسعودية وإيران ، فالمصدر واحد والهدف واحد ، و شعارها دائما هو المحافظة على القيم القومية وأصالة العنصر ونقاءه ، والخوف على الدين من المفسدين والضالين ، والطائفة هي الأخرى مهددة من علمانية العلمانيين وكيدهم ، والنتيجة لا محالة فرض فاشية وظلامية ..دعاوى هذه القوى غطاء لسلب حرية المجتمع وإذلاله ، والمطلوب منا كشف زيفها وتعرية المروجين لها ، والتصدي لهم بشجاعة ، من دون هوادة أو تساهل في كل ظرف ومناسبة ، فالتهاون قد جربناه وكانت نتائجه وخيمة علينا ، ليس أقلها ترويضنا على قبول الأمر الواقع والرضوخ لاحقا لديكتاتورية أو فاشية باسم الدين أو القومية لا فرق !
الحفل أقامته قوى سياسية عراقية متعددة ومختلفة باتجاهاتها ، وهذه نقطة إيجابية نسجلها لهذه القوى آملين تكرارها وتعميق مبدأ التعاون فيما بينها ، الحضور كان كثيفا ومن مختلف الاتجاهات السياسية والفكرية ، والملاحظ أن لجنة التنسيق قد أخذت بعين الاعتبار الواقع الطائفي ، البغيض ، للقوى السياسية المتمثلة في الجمعية الوطنية ، وهذه نقطة سلبية ، حيث أعطت إدارة الحفل لممثل قائمة الائتلاف ، والمحاضرة | الشيقة | لممثل المنظمات الكوردستانية في الإتحاد الوطني الكوردستاني ، أما الآخرون فكانوا مجرد تشريفات وديكور لإضفاء طابع الطيف العراقي على الحضور ..
نتساءل بداية عن عريف الحفل ، هل كان هو الأكفأ بين القوى السياسية من حيث القدرة على تقديم الفقرات بلغة عربية سليمة من أي لحن ؟ حيث كان يصر على رفع خبر كان ، ورفع الحال ورفع اسم إن ، على الرغم من أن عينيه متسمرتان في الورقة التي يقرأ فيها ، فروعة ورونق اللغة العربية ، كامن في إتقان قواعدها التي يفتقر إليها عريف الحفل ، وجمال لغة القرآن ، يكمن في ضبط قواعدها وإيقاعها ، وتصورتُ أن إبراز جمالها أكثر سيكون على لسان عريف حفل ذي نهج إسلاموي ، إلا أن هذا كان مخيبا للظن ، مما تسبب في إزعاج سيبويه في نومه الهانئ ، رغم تخاريجه المحتمله لحالات اخرى متشابهة ..
وحب الإمساك بالمكريفون لم يكن من نصيب عريف الحفل فقط ، بل شاركه بذلك المتحدث باسم المنظمات الكوردستانية في الاتحاد الوطني الكوردستاني السيد ملا بختيار ، حيث قد اخذ قدرا من الوقت اكثر مما هو مخصص لكل المتحدثين ، ورغم أنه لم يلتزم باحترام الحضور والتقيد ببرنامج الأمسية المخصصة لضحايا وشهداء المقابر الجماعية ، بل استغل الفرصة المواتية بوجود ميكرفون وجمهور لينفرد بهما ( في الحقيقة ما كان بحاجة لميكرفون لطبقة صوته العالية ) ، وليبدأ بإلقاء محاضرة طويلة لها أول وليس لها آخر عن القضية الكوردية ونضال الكورد منذ بداية الحكم الوطني وحتى اختيار مام جلال لرآسة الجمهورية ، معرجا على الحدود الجغرافية لكوردستان المستقبل ، وكركوك العاصمة وما تعرضت له من تعريب وتهجير في الماضي والحاضر وربما المستقبل من يدري !، معرضا بتشف واضح ، باد على قسمات وجهه ، بالواقع الحالي لعرب العراق وما يلاقيه الشعب العراقي من إرهاب وتقتيل من قبل قوى الإرهاب الصدامي والسلفي ، ولم يحترم بحديثه ما هو قائم من وحدة الأرض العراقية وتحالف القوى السياسية العراقية ممثلة بأعلى سلطة عراقية يقودها السيد جلال الطلباني الذي يتحدث السيد ملا بختيار باسمه ، إن الإساءة للحفل لم يكن من هذا المنطلق فقط ، بل بخطابه الارتجالي والمنفعل وبلغة موجهة للكورد فقط ، وبدى الكثير من مقاطعه بأنه كان خطابا ذو ملامح استعلائية وشوفينية دون ترجمة لما قاله عن قصد ، وعندما سئل عن عدم ترجمته :أجاب بغطرسة وزهو أن أكثر الحضور هم من الكورد ، وهذا مجاف للحقيقة حيث كان الحضور باغلبية عربية ..فهل كانت الإساءة مقصودة من حضوره .ربما ؟
الدرس المستنبط من هذه الواقعة ، على القوى التي ستساهم مستقبلا بمثل هذا الحفل ـ الذي نأمل أن يتكرر ـ هو أن لا تقبل مداخلات غير مكتوبة للمساهمين في حفل احتفالي ، أيا كانوا، كما يهيأ مترجم لكلا اللغتين العربية والكوردية ، فالسياسة الشوفينية للحكم البعثي الساقط قد عمقت من غربة العرب مع الكورد بعدم تعليم اللغة الكوردية في المدارس والمعاهد العراقية..
نتمنى على لجنة التنسيق أن تطالب السيد ملا بختيار بالاعتذار للحضور ليس فقط عن الوقت الذي أضاعه في الإستفاضة عن التاريخ الكوردستاني ، الذي لم يكن وقته ولا مكانه، بل لاستهانته بالحضور ومغادرته المكان حالا وعدم بقائه لسماع بقية الخطباء ، حيث انصرف بعد | محاضرته | وكأن الحضور ما جاء إلا لسماع ما سيقوله السيد بختيار ، ولا بأس من تنظيم أمسية خاصة له ليقول فيها ما يشاء من أراء سواء عن القضية الكوردية أم عن أمور أخرى ، وليناقشه الجمهور وليسمعه ما لا يشاء سماعه من أجل أن لا يعتقد السيد بختيار أن كل ما قاله هو الواقع وما على الآخرين سوى السماع والتسليم ، وهنا نذكِر فقط ، ربما تنفع الذكرى :إن مثل هذا الموقف ما هو إلا بداية لأسلوب ونهج قمعي طريقه تفضي إلى ما أفضى إليه النظام القومي البعثي الذي أدى لكوارث ، قد تحدث هو عنها وبقية المتكلمين في هذه الأمسية..
أعاد بذاكرتنا وحسنا فعل ، الأستاذ حامد الحمداني ، إلى نهاية أربعينيات القرن الماضي ، عندما شنف مسامعنا بخريدة الجواهري الخالد الذكر ، يوم الشهيد ، والتي تكاد أن تقول ما أشبه اليوم بالبارحة ، فمأساة العراق واحدة رغم بعد المسافة أو قربها ، وملامسة الجروح ونزفها كانت ولا زالت هي هي رغم اختلاف الزمان وأهله :..يوم الشهيد وكل يوم قادم ***ستريه كيف الجود والإكرام
ثم كانت كلمة الحزب الشيوعي العراقي عن شهداء العراق في كل عصوره ومحطاته ، والوقوف عند جرائم العصرألأكثر مأساة ودموية كما هي في الأنفال وحلبجة والقبور الجماعية التي كانت بحق العار الذي جلل هام البعث كنظام وقيادة وأعضاء ..
ثم جاء دور نادي بوروس الثقافي ، المتمثل برئيسه السيد رشيد كرمة ، حيث ألقى كلمة بالمناسبة عرج فيها على كل الجرائم التي ارتكبها النظام البعثي ، مطالبا ب " اعتبار شهداء المقابر الجماعية ومن غيبوا واعدموا وفقدوا منذ 8 شباط 63 شهداء للوطن ..." كما طالب كل القوى السياسية ب " الأمانة وعدم إضافة مئات الأسماء من الشهداء إلى تنظيماتها لغايات معروفة .."والمطالبة بعدم زج الدين في السياسة وكبح جماح المتطرفين العابثين بأمن البلد ومشيعي الرعب في أروقة الجامعات ، معتقدا أن " مايحصل في العراق هو المحصلة لنتاج فكر شوفيني .." ومحذرا من عواقب ما قد يحصل من نهج له نفس سمات ماسلف من نظم قومية عبر التاريخ .
كان مقدرا لحفل المقابر الجماعية أن يكون وقعه في نفوس حاضريه أكثر فاعلية وعمقا لو لم تكن هناك بعض ما أشرت إليه من ملاحظات آمل أن يتم تلافيها ، وأن تكون اللقاءات المشتركة القادمة أكثر تنظيما غايتها تقريب وجهات النظر بين القوى السياسية المختلفة ، وتفهم مشترك لمواقف بعضهم للبعض الآخر من منطلق ديمقراطي تسوده الشفافية وتقبل الرأي والرأي الآخر ، والحرص على وحدة العراق أرضا وشعبا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل إيريك : كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟ • فرانس 24 /


.. ثاني أكبر جامعة بلجيكية تخضع لقرار طلابها بقطع جميع علاقاتها




.. انتشار الأوبئة والأمراض في خان يونس نتيجة تدمير الاحتلال الب


.. ناشطون للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية: كم طفلا قتلت اليوم؟




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد تطورات الموقف الإسرائيلي من مقترح باي