الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فكرة عامة عن الأمم المتحدة

على حسن السعدنى

2013 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


إنشاء الأمم المتحدة واختصاصاتها وأحكام العضوية فيها

12- تأسيس الأمم المتحدة :
من المتفق عليه أن قيام الحرب العالمية الثانية وفشل عصبة الأمم في مجابهة العوامل التي أدت إلى اشتعال نيراانها لا يرجع إلى عيب أصيل في ذات فكرة إيجاد منظمة دولية عالمية النطاق، سياسية الأختصاص، تقوم على حفظ الأمن والسلام في العالم وحل المنازعات الدولية بالطرق السلمية وانما يرجع الفشل إلى ما لا بس انشاءها ثم تطورها من ظروف سياسية انقصت – إلى حد بعيد – من فاعليتها ومقدرتها على القيام بدورها، ومواجهة ما تعرضت له من أزمات متعاقبة ومن ثم كان من المنطقي أن يتجة تفكير الحلفاء – ولما تنتهي الحرب بعد – إلى أن تستبدل بالعصبة منظمة جديدة يكتمل لها ما أفقدته العصبة من أسباب الفاعلية والنجاح.
وقد تبلور هذا التفكير بعد مشاورات متعاقبة في بيان صدر في موسكو في 30 أكتوبر سنة 1943 وقعه وزراء خارجية الإتحاد السوفيتي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وسفير الصين في موسكو معلنين فيه عزمهم على انشاء منظمة دولية جديدة تقوم على حفظ الأمن والسلام في العالم – دونما مساس بسيادة الدول المشتركة فيها ، ثم تأكد هذا العزم في البيان الصادر في طهران في أول ديسمبر 1943، والمتضمن نتائج ما داربين تشرشل وستالين من مباحثات.
وتنفيذاً لما اتفق عليه في موسكو اجتمع ممثلون للدول الأربع في "دمبرتون أوكس" بالولايات المتحدة الأمريكية في الفترة من 21 من أغسطس إلى 7 من أكتوبر سنة 1944 لوضع مشروع أولى للنظام القانوني للمنظمة المقترح انشاؤها والتي تقرر تسميتها "بالأمم المتحدة" وهو الإسم الذي أطلقته على نفسها الدول المحاربة لقوى المحور أعتباراً من أول يناير 1942.
وبالرغم من شمول مقترحات "دومبرتون أوكس" لمختلف جوانب النظام القانوني للمنظمة المقترحة، إلا أنها لم تتناول المسائل الاساسية بالغة الأهمية (خاصة نظام التصويت في مجلس الأمن)، فقد رؤى ترك البت فيها لإجتماع يعقده الأقطاب الثلاثة في مستقبل قريب، وقد عقد هذا الاجتماع بالفعل في شهر فبراير عام 1945 في مدينة "يالتا" بالقرم (الإتحاد السوفيتي) واتفق الأقطاب الثلاثة خلاله على المسائل الأساسية المتعلقة بالنظام القانوني للمنظمة المقترحة، كما أتفقوا على وضع التوازن الذي ينبغي أن يسود العالم في رأيهم بعد إنتهاء الحرب، وعلى تحديد مناطق النفوذ التي سوف تختص بها مستقبلاً كل من الدول الثلاث المنتصره (الولايات المتحدة وبريطانيا والإتحاد السوفيتي). ولا زال هذا الإتفاق كما هو معروف حجر الزاوية في العلاقات الدولية بين الكتلتين حتى يومنا هذا.
وبتمام الإتفاق في "يالتا" على النقط الأساسية المتعلقة بالنظام القانوني للمنظمة، تقرر الدعوة إلى مؤتمر دولي يعقد في مدينة سان فرانسسكو بالولايات المتحدة إعتباراً من 25 من إبريل عام 1945 تدعي إليه كافة الدول الموقعة على تصريح الأمم المتحدة ، وكل دولة تعلن الحرب على ألمانيا أو اليابان في موعد غايته أول مارس سنة 1945. وقد عقد هذا المؤتمر المسمى بمؤتمر الأمم المتحدة للتنظيم الدولي في الموعد المقرر له واشتركت في أعماله خمسون دولة هي دول الأمم المتحدة عدا بولندا، وكل من الدانمارك والأرجنتين وأوكرانيا وروسيا البيضاء.
وقد أنهى المؤتمر أعماله في 26 من يونيو عام 1945 بعد شهرين من الاجتماعات، أنتهت خلالها الحرب في أوروبا باستسلام ألمانيا في 8 من مايو 1945 بالإتفاق على ميثاق يتكون من مائة وأحدى عشرة مادة، وعلى نظام أساسي لمحكمة العدل الدولية، دخلا (النظام والميثاق) في دور النفاذ أعتباراً من 24 من أكتوبر عام 1945 بعد حوالي شهرين من استسلام اليابان في أغسطس 1945، وذلك بتمام إيداع وثائق تصديق الدول الخمس الكبرى والأغلبية البسيطة للدول الأخرى.
وفي العاشر من يناير عام 1946 عقدت الجمعية العامة للمنظمة أولى جلساتها في مدينة " لندن " حيث قررت في الرابع عشر من فبراير عام 1946 اختيار مدينة نيويورك مقراً دائماً لها.

13- نطاق العضوية :
تضم الأمم المتحدة الآن 126 دولة تمثل الأغلبية الساحقة لدول العالم. ومن ثم يبدو واضحاً أن المنظمة قد نجحت إلى حد بعيد في تأكيد صفتها العالمية.
وبالرغم من أنه لا يوجد في أحكام القانون الدولي الوضعي، ما يلزم الدول بالإنضمام إلى عضوية الأمم المتحدة فقد أدى بها إدراكها لأهمية التعاون من أجل الحفاظ على الأمن والسلام في العالم، غلى الاقبال على الإنضمام إلى المنظمة. ولم يتخلف عن ذلك غير القليل من دول العالم ولأسباب متباينة ترجع أحياناً إلى أحساس الدولة بضالتها وبعجزها عن الإسهام الفعال في تحقيق أهداف المنظمة (موناكو – سان مارينو – ليشتنشتين – أندورا – مسقط – البحرين – قطر).
وترجع أحياناً أخرى إلى أعتقاد الدولة بوجود التعارض بين وضعها القانوني الخاص وبين ما سوف يترتب على عاتقها من التزامات نتيجة انضمامها إلى عضوية المنظمة (سويسرا والفاتيكان). كما ترجع في بعض الأحوال إلى ظروف سياسة خارجة عن إرادة الدولة نفسها (حالة الدول الثلاث المشطورة: ألمانيا – كوريا – فيتنام).
هذا ويمكن تقسيم دول المنظمة إلى أكثر من مجموعة ، وفقاً للمعيار الذي ننظر إليها من خلاله. فإذا نظرنا إليها نظرة اقتصادية بحتة أمكننا التمييز بين أقلية نامية تشمل أساساً دول أوربا والولايات المتحدة، وأغلبية متخلفة تشمل دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وإذا نظرنا إليها من خلال واقع السياسة الدولية المعاصرة أمكننا التمييز بين مجموعة شيوعية يتنزعمها الإتحاد السوفيتي، ومجموعة رأسمالية تتزعمها الولايات المتحدة، ومجموعة ثالثة ترفض الإنحياز إلى أي من الكتلتين. وإذا نظرنا إليها أخيراً من وجهة النظر الجغرافية أمكننا التمييز بين أربع مجموعات أساسية هي المجموعات الأفريقية، والأسيوية، والأمريكية، والأوروبية.

14- شروط الانضمام :
أجملت المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة بيان شروط الإنضمام إلى عضوية المنظمة بنصها على أن "العضوية في الأمم المتحدة مباحة لجميع الدول الأخرى المحبة للسلام، والتي تأخذ نفسها بالإلتزامات التي يتضمنها هذا الميثاق والتي ترى أنها قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات راغبة فيه " ، و"قبول أية دولة من هذه الدول في عضوية الأمم المتحدة، يتم بقرار من الجمعية العامة بناء على توصية مجلس الأمن".
والواقع أن هذا الطابع الإختياري البحت إن هو إلا نتيجة منطقية للمبدأ العام الأساسي المسيطر على القانون الدولي الوضعي بشتى نظمه وأحكامه، ألا وهو مبدأ السيادة. فلو أجبرنا دولة ما على الإنضمام إلى عضوية المنظمة دون أن تبدي طوعية رغبتها في ذلك لكان في هذا الإجبار أنتهاك صريح لسيادتها. ولو ألزمنا المنظمة بقبول كل من يتقدم إليها من الدول، ولو لم توافق على ذلك أجهزتها الأساسية – لكان في ذلك إعتداء أكيد على سيادة الدول المشتركة في عضويتها فعلاً.
ويبدو الطابع الإختياري للعضوية من جانب المنظمة واضحاً في الأجزاء ذى المرحلتين المتعين إتباعه للتحقيق من توافر الرغبة لدى دول المنظمة في التعاون مع الدولة الجديدة طالبة الإنضمام، إذ يتعين في المرحلة الأولى عرض الأمر على مجلس الأمن لبحثه والتقدم بالتوصية التي يراها مناسبة إلى الجمعية لتصدر قرارها النهائي في الموضوع.
ولصدور توصية إيجابية من مجلس الأمن والإنتقال بالتالي إلى المرحلة الثانية والأخيرة، يتعين إتفاق الدول الخمس الكبرى على قبول العضو الجديد، ومن ثم يستطيع كل منها بإرادته المنفردة ، أن يحول دون قبول من لا يرتضي التعاون معها من الدول طالبة الإنضمام، ولتجتاز الدولة طالبة الإنضمام المرحلة الثانية (على فرض صدور توصية إيجابية من مجلس الأمن). يتعين أن يوافق على قبولها ثلثا أعضاء الجمعية العامة الحاضرين المشتركين في التصويت (م18/2). فإذا عبرت المنظمة – وفقاً لهذا الإجراء المزدوج – عن ترحيبها بإنضمام الدولة الجديدة إلى حظيرتها، إعتبرت عضواً في الأمم المتحدة أعتباراً من تاريخ صدور قرار الجمعية بالموافقة على قبولها.

15- الالتزامات الاساسية المترتبة على ثبوت وصف العضوية:
تعرض الميثاق لبيان الإلتزامات الأساسية المترتبة على عاتق الدول الأعضاء في مادته الثانية الواردة في الفصل الأول المحدد لمقاصد الهيئة ومبادئها، ويمكن إجمال هذه الإلتزامات في ثلاث أفكار أساسية.
أ- الإمتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها والإلتجاء إلى الوسائل السلمية لحل ما قد ينشأ بين الأعضاء من خلافات دولية. وقد أشارت إلى هذا الإلتزامات الأساسي الفقرتان الثالثة والرابعة من المادة الثانية بنصها على أن "يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر".
ويعتبر هذا النص في الواقع من أهم نصوص الميثاق على الإطلاق، إذ يعد بمثابة ثورة أساسية على مفهومات القانون الدولي التقليدية التي لم تكن لتحرم الإلتجاء إلى القوة كمبدأ عام مكتفية بمحاولة الحد من مداها وآثارها وانشاء بعض القيود على حق الدول في الإلتجاء إليها، بحيث كانت مشروعية استعمال القوة لفض المنازعات الدولية هي الأصل العام. وكانت حالات حظر الإلتجاء إليها بمناسبةالإستثناء الذي لا ينبغي التوسع في فهمه أو تطبيقه، حتى جاء ميثاق الأمم المتحدة فقلب الوضع رأساً على عقب، جاعلاً من حظر استخدام القوة أو التهديد باستخدامها لفض المنازعات الدولية أصلاً عاماً من أصول القانون الدولي المعاصر لا يرد عليها غير استثناء واحد يضمن للدول حقها في ممارسة الدفاع الشرعي عن نفسها وقد أشارت إليه المادة 51 من الميثاق بنصها على إنه "ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذ إعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فوراً، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس – بمقتضى سلطته ومسئولياته المستمدة من أحكام هذا الميثاق – من الحق في أن يتخذ في أي وقت مايرى ضرورة لإتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والامن الدوليأو إعادته إلى نصابه."
ب- تقديم العون إلى المنظمة كلما احتاجت إليه والإمتناع عن مساعدة أية دولة تتخذ المنظمة ازاءها عملاً من أعمال المنع أو القمع. وقد أشارت إلى هذا الإلتزام الفقرة الخامسة من المادة الثانية بنصها على أن (يقدم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من عون إلى الأمم المتحدة في أي عمل تتخذه وفق هذا الميثاق، كما يمتنعون عن مساعدة اية دولة تتخذ الأمم المتحدة إزاءها عملاً من أعمال المنع أو القمع).
جـ- الإلتزام بمبدأ حسن النية في القيام بكافة الإلتزامات المنصوص عليها في الميثاق ويلاحظ أن الميثاق لم يأت بجديد في هذا الصدد فمبدأ حسن النية من المبادئ المستقرة في القانون الدولي التقليدي منذ زمن بعيد.

16- اختصاص المنظمة :
الإختصاص الأصيل للأمم المتحدة هو "حفظ السلم والأمن الدولي (م1/1)، من أجله أنشئت اصلاً، وإليه يمكن أن نرد ما عداه من اختصاصات ليست في حقيقة أمرها سوى الوسائل الاساسية الكفيلة بتحقيق الهدف الأصيل. فالأمم المتحدة – مثلها في ذلك مثل العصبة- أنشئت أساساً كوسيلة للتعاون بين الدول من أجل منع الحروب والقضاء على العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى اشعال نيرانها، وقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم وفقاً لمبادئ القانون الدولي والعدالة (م1/1). ومن ثم حرص واضعوا الميثاق على النص في صدر ديباجة صراحة على أن المنظمة قد أنشئت لإنقاذ "الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف".
ولهذا الإختصاص الأصيل جانبان : جانب وقائي يقتضي من المنظمة "اتخاذ التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم وازالتها" وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام. (م1/1) والتذرع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدالة والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الاخلال بالسلم أو لتسويتها. (م1/1) وجانب علاجي ينحصر في ضرورة اتخاذ كافة إجراءات القمع اللازمة لإعادة الأمن الدولي إلى نصابه – إذا ما وقع الإخلال به فعلاً.
وإلى جانب هذا الهدف الأصيل نص الميثاق على أهداف أخرى متميزة تهدف هي الأخرى – في مرماها البعيد – إلى إزالة كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الإخلال بالأمن الدولي وإلى تهيئة جو دولي يسوده السلام وينأى بطبيعته عن الحرب، ومن ثم يمكن القول بأن اختصاصات الأمم المتحدة رغم تعددها ترتبط كلها بفكرة واحدة مسيطرة هي ضرورة حفظ السلم والأمن الدوليين.
من أجل تحقيق هذا الهدف الأصيل نص الميثاق على اختصاص المنظمة بالمهام الآتية:-
أ- العمل على تنمية العلاقات الودية بين الدول "على أساس المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها" (م1/2).
ب- تشجيع التعاون بين الدول في مجالات الإقتصاد والثقافة والإجتماع والعلاقات الإنسانية على وجه العموم (م1/3).
جـ- العمل " على تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء". (م1/3).
د- النهوض بالأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي والعمل على الوصول بها إلى مستوى حكم نفسها بنفسها (الفصلين 11 ، 12 من الميثاق) واعتبار "العمل على تنمية ورفاهية أهالي هذه الأقاليم إلى أقصى حد مستطاع في نطاق السلم والأمن الدولي أمانة مقدسة في عنق الدول أعضاء المنظمة التي تقوم أو قد تقوم في المستقبل بإدارة أقاليم لم تنل شعوبها قسطاً كاملاً من الحكم الذاتي"(م73).
هـ- جعل المنظمة المرجع الأساسي للدول في تنسيق أعمالها داخل إطاره وتستعين بأجهزته لتوجيه جهودها نحو إدراك الغايات المشتركة السابق الإشارة إليها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا