الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف إستُخدمت قضية فلسطين أداة لفرقة العرب

منعم زيدان صويص

2013 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


كان لتأسيس إسرائيل على الأرض العربية الفلسطينية عام 1948 نتيجتان كارثيتان، الأولى تمثلت بمأساة الشعب الفلسطينى وسلبه أرضه، تنفيذا لوعد بلفور، ومن قبل حركة صهيونيةعاتية، لا قبل للعرب بها، مدعومة بشكل كامل من قبل الدول الغربية الإستعمارية والولايات المتحدة. والنتيجة الثانية أن قضية فلسطين، التي أثرت على الشعوب العربية، وخاصة المحيطة بإسرائيل، بسبب الشعور القومي العربي المتعاطف مع الشعب الفلسطيني والإيمان بعدالة قضيته، أضحت عنصر فرقة وأداة إبتزاز إستعملها ويستعملها العرب، أنظمة وحكاما، ضد بعضهم البعض، وحتى ضد جزء كبير من الشعب الفلسطيني. النتيجة الأولى تشكل جزءا هائلا من تاريخ المنطقة وقد أشبعت بحثا وتحليلا، وأما النتيجة الثانية فتطورت حتى أصبحت ظاهرة فريدة من نوعها في تاريخ الشعوب، حوّلت الإخوة إلى أعداء يتآمرون على بعضهم. واحتارأصدقاء العرب في العالم كيف يتعاملون معهم بعد أن إكتشفوا أنهم فاقدون لأي نوع من المصداقية. وكان هناك دائما موقفان من هذه القضية، واحد فوق الطاولة والآخر تحتها.

معظم الحكام العرب إستغلوا قضية فلسطين ليخدعوا شعوبهم وليثبتوا أنظمتهم، واستخدموا إعلامهم للتظاهر بأنهم حماة للشعب الفلسطيني، وانتشرت الإتهامات والإتهامات المضادة والمزايدات. ولكي يبرهن على وطنيته يخترع الحاكم أو السياسي شعارا جذابا، له علاقة بالقضية الفلسطينية، ويتأثر به الناس المتعطشون للثأر من الإسرائيليين، بصورة فورية. فشعار البعث السوري كان "التوازن الإستراتيجي مع العدو الصهيوني." أما صدام حسين فكان ينهى كل خطاباته بالشعار: "عاشت فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر." ولا حاجة للقول أن كل هذه الأنظمة مارست البطش بالشعوب، وساعدت الكيان الإسرائيلى، عن قصد أو غير قصد، لأن تصرفها أدى الى إستمرار ومضاعفة الدعم الغربي واليهودي لإسرائيل .

ولم يقتصر رافعوا هذه الشعارات على الحكام العرب، فقد دخل على الخط آية الله الخمينى الذي صرح بعدائه لإسرائيل والولايات المتحدة. وأحدث موقفه تغييرا هائلا في موقف إيران من إسرائيل والقضية الفلسطينية، وخلق لإيران تأييدا واسعا بين الشعوب العربية ولدى الشعب الفلسطيني، وأعلنت إيران وسوريا حافظ الأسد أنهما توصلتا إلى تحالف أستراتيجي بينهما، ووقف الأسد بقوة ضد العراق في حربها مع إيران على طول الخط، ولم يحم سمعة إيران وسوريا سوى شعاراتهما ضد إسرائل. وعندما برز حزب الله الشيعي في جنوب لبنان دعمته إيران بالمال والسلاح ووجد الأسد في هذا الحزب ضالته المنشوده في إدامة سخونة الجبهة مع إسرائيل في جنوب لبنان ومحاربة إسرائيل بالنيابة، وكانت هذه وسيلة للضغط على إسرائيل للوصول إلى أتفاق يضمن لسوريا الإنسحاب من الجولان بدون أن تتخلى عن وصف نفسها "قلب العروبة النابض." وعندما خرج المقاتلون الفلسطينيون من جنوب لبنان وذهبوا إلى تونس "إستقل" حزب الله في الجنوب وحل محل الدولة اللبنانية في التعامل مع إسرائيل، من خلال دول وسيطة، وهدأت الأوضاع نسبيا في الجنوب وسحبت إسرائيل عام 2000 جيشها من الشريط الحدودي كتنفيذ لقرار مجلس الأمن 425. أما جبهة الجولان فبقيت اهدأ الجبهات.

وقبل عدة سنوات رفعت إيران وحزب الله من سقف الشعارات المتداولة ضد إسرائيل، فقد أعلن أحمدى نجاد أن إسرائيل "يجب أن تزول من الخارطة" وأن إيران ستسعى لتحقيق ذلك، وبشر حسن نصرالله الفلسطينيين أن نهاية إسرائيل باتت قاب قوسين أو أدنى. ومع أن الشعوب العربية بدأت تكشف الذين يستخدمون القضية الفلسطينية كأداة إبتزاز للعرب والفلسطينيين، يستمر حسن نصرالله في الإدعاء أن حزب الله أنما يدافع عن لبنان ضد مؤامره امريكية إسرائلية، قائلا انه إذا سقطت سوريا فستنفذ هذه المؤامرة. وقال في خطابه في 25 أيار إن سوريا هي سند المقاومه ولن يسمح لهذا السند أن "يُكسر." غير أن هناك عدد من الحقائق الثابتة. أولها أن إسرائيل لا تخاف من لبنان أو غيرها وإنما من الشعب الفلسطيني لأنه، أمام العالم، المالك الشرعي لفلسطين ولأنها إغتصبت أرضه وطردته منها، ولن يستقر لها قرار طالما بقي الفلسطينيون على أرضهم، فهم كالشوكة في الحلق. إسرائيل لا تخطط لإحتلال لبنان، فقد إحتلت في السابق شريطا في جنوب لبنان لأنها أرادت إن تبعد المقاومه الفلسطينية عن شمال فلسطين، وقد نجحت في ذلك عندما رحل المقاتلون الفلسطينيون إلى تونس. وعندما إستولى حزب الله على الجنوب توصلت إسرائيل معه إلى إتفاق جنتلمان، عن طريق أطراف أوروبية، بان لا تضرب قرى الجنوب إذا لم يضرب حزب الله المستعمرات الإسرائيلية في شمال فلسطبن، وبقي الوضع هادئا لسنوات طويلة، إلا في حالات محدودة حينما حاول حزب الله أن يحتك بقوات العدو ليستعرض عضلاته، والنتائج كانت كارثية على لبنان، رغم أنها خدمت إيران وحزب الله دعائيا. وفي جميع الأحوال إضطر حزب الله أن يخضع لقرارات مجلس الأمن ويبتعد عن الحدود.

إن إسرائيل ليست بحاجة إلى إحتلال أي جزء من لبنان، لأن ذلك لن يجلب لها أي دعم دولي، ولكنها ستظل تدمر الجنوب بعد كل إشتباك مع حزب الله وستظل إيران تزود حزب الله بالأموال لتعيد ما دمرته أسرائيل، وسيبقى لبنان، الذي كان منارة التقدم والثقافة في العالم العربي، رهينة لإبتزاز حزب الله وأيران وحليفهما بشار الأسد. لقد رمى حزب الله الفرقة بين الفلسطينيين، ودفاعه اللفضي عن القضية الفلسطينية لا يخدم الشعب الفلسطينى بل يسىء اليه لأنه يحاول أن يعلّم الفلسطينيين الوطنية ويحملهم "جميله" بعد أن جاهدوا في سبيل وطنهم قرنا من الزمان. لقد أدت شعارات إيران وحزب الله إلى مضاعفة التأييد الغربى لإسرائيل وأمدادها بالأسلحة المتطورة لكي "تقف أمام تهديدات إيران وحزب الله،" ولم يحدث أي تأييد مقابل، او تقوية، للفلسطينيين، بل إستغلت إسرائيل هذه التهديدات لتقطيع أوصال الضفة الغربية وشجعت نيتانياهو على المماطلة في تنفيذ الإتفاقات الدولية، قائلا إن الأولوية لتهديدات إيران ومحاربة برنامجها النوووي. لقد كشفت المأساه السورية أهداف إيران وحزب الله، وهي تتلخص في سيطرة الحلف الشيعي على الهلال الخصيب، ولكن للأسف لا يزال بعض العرب مخدوعين بهما، ولا تزال الشعارات الكاذبة للقضاء على إسرائيل تخدمهما.

لقدد حقق حزب الله أهدافا كثيرة في جنوب لبنان. ألهدف الأول كان سيطرته على الجنوب بقوة السلاح وشل حركة الحكومة اللبنانيه، واصبح هذا الحزب، الذى مثل شيعة الجنوب الفقراء، دولة داخل دولة والآمر الناهي في لبنان. والهدف الثاني أن حزب الله حقق أهداف إيران وجعل منها لاعبا رئيسيا في الشرق الأوسط، ونحن نرى هذا الآن في سوريا. ولا شك أن زيارة وليد المعلم لبغداد كانت بأمر من إيران. فقد نسي النظام السوري أن المالكي وبقية حكام العراق "دخلوا بغداد على ظهور الدبابات الأمريكية" ونسي المالكي أنه إتهم النظام السوري بإرسال الإنتحاريين ليقوّضوا الإستقرار في العراق وأنه دعا الى محاكمة الحكام السوريين أمام محكمة الجرائم الدولية.

لقد أعلن نصر الله بوضوح أنه سيدافع عن نظام الأسد حتى النصر، وهذا يعني أن سوريا ستصبح جزءا من الحلف الشيعي، ومعنى هذا أن الإرهابيين من جميع أنحاء العالم الاسلامي سيتدفقون لمحاربة هذا الحلف حتى يتم تدمير سوريا ولبنان، ناهيك عن حتمية تدخل إسرائيل باستمرار للمساهمة في هذا التدمير بحجة خوفها من الجهاديين والقاعدة، طبعا بتأييد كامل من أوروبا والولايات المتحدة.

وبما أنه يمثل طائفة بعينها، فقد وسع نصرالله نطاق الحرب الأهليه في سوريا، ولا يستطيع أن يتراجع الآن، وبتهديداته يوم 25 ايار اصبح جزءا فاعلا من قوات النظام السوري، وها هي المنطقة تقترب من حرب دينية لا تبقي ولا تذر، وبدل أن يوجه نصر الله صواريخه إلى إسرائيل اصبح يعتقد أن الطريق إلى القدس تمر من سوريا المدمرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف