الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإقليم الكردستاني ضد نفسه

عارف آشيتي

2013 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


1
بدأت في الآونة الأخيرة معالم الحرب المرتقبة بين مشتق الـ"ب.ك.ك." والإقليم تقترب. ربما تكون في الأيام القليلة القادمة، ولكن المؤشرات لا تؤكد ذلك. فالمؤكد هو أن تلك الحرب قادمة، ضحيتها شعب غرب كردستان ونتائجه الوخيمة هي على القضية الكردية بمجملها.
عندما تحرر العراق ومن ضمنه الإقليم الكردستاني هناك، بشر الكرد في الأجزاء الأخرى عن انتهاء محنتهم؛ حيث سيصبح الإقليم القلعة الحصينة والسند القويم لهم. ما إن ارتقت قيادة الإقليم عتبة الباب حتى بدأ الشك يدب في أوصال الكرد شرقا وغربا، شمالا وجنوبا. مرت الأيام وتوالت الأعوام والكرد في الأجزاء الأخرى يترددون على الإقليم طالبين العون لمواكبة المتغيرات المجتاحة بالمنطقة، لم تكن للإقليم آذان صاغية ولا أعين ترى ما ستؤول إليه أوضاع الأجزاء، فانزوى بنفسه وتبارى بشقيه على مرضاة دول الجوار عسى أن لا تلتهمها تلك الدول، بالرغم من ربض القطب الأوحد على أراضيهما، وهو الذي أوجد الإقليم أصلا. واحتار كرد الأجزاء الباقية منه (الإقليم) حيرة النبي موسى من النبي خضر عليهما السلام، وانتظروا أن يوضح خضرا الإقليم لهم عما يفعلان في مباراتهما هذه مع دول الجوار. وأخيرا تيقنوا أن خضري الإقليم ليسا بخضر النبي موسى فحز ذلك في نفوسهم، وتأسفوا على ما أضاعوا من وقتهم وما بنوا من آمال على الإقليم وخضريه. لم يكن تحقيق الآمال وخيبة الأماني وحدها خسارة غرب كردستان، بل حصل أن حرم هذا الجزء من الفرصة المتاحة للشعب السوري ككل حرمانا تاما. حوّلهم الإقليم إلى متسولين على أعتاب المعارضة السورية، ولم يتح لهم المجال في إيجاد منافذ لدى المحافل الدولية بوعوده الباطلة لهم. هكذا فوت الإقليم عليهم تلك الفرصة التي كانت ممكنة اقتناؤها خلال جاليتهم في الخارج. والمصيبة الأخرى فرض عليهم الإقليم تأسيس مجلس وطني كردي سوري، ومن ثم أجهض هذا المجلس ليحل محله الهيئة الكردية العليا التي ساوت المجلس مع توابع حزب الاتحاد الديمقراطي، والتي بقيت خارج المجلس نتيجة مطالبتها ببضعة مقاعدة زائدة عن الأحزاب المشكلة له. وهذا كانت ضربة قوية لأحزاب المجلس، لكنها قبلت بالأمر الواقع. عندما تحقق سيادة الإقليم أن الهيئة العليا أصبحت كالمجلس لا تحقق شيئا، عدل عنها إلى التحالف السياسي بين أربعة أحزاب على أساس دعمه ليكون سندا للشعب الكردي في سوريا، باعتبار حزب الاتحاد الديمقراطي وتوابعه في نظر الشارع السوري هو تابع للنظام، ولكون الأخير يُكلف بحماية حقول البترول ومؤسسة البترول هي حكومية مائة بالمائة، يكفي أن يكون دليلا قاطعا على التبعية للنظام، ولكن الادعاء السافر الذي واجه به الاتحاد وتوابعه الجماهير الكردية والعالم أجمع أنه حرر المناطق الكردية لا تمت للحقيقة بصلة، في الواقع العملي. عدا هذا النظام بأمنه ومؤسساته موجود في القامشلي وبقوة، رغم ذلك يدعي الاتحاد وتوابعه أن المنطقة تحت سيطرته. لهذا ولنماذج أخرى مماثلة أيقنت الجماهير أن الاتحاد هو مؤتمر بأوامر النظام وجزء منه. والإقليم بتصرفه ذاك أدخل الشك في قلوب جموع الشعب وبالأخص المثقفين والجماهير الغفيرة من الشارع الكردي أنه إما متعاون مع النظام لِمَا للأخير من أياد بيضاء عليه، أو أنه لا يجيد السياسة وتعقيداتها. في كل الأحوال يؤدي الإقليم خدمة سيئة لغرب كردستان في هذا المسلك المتمسك به راهنا.
من الممكن أن لا يكون فهم الواقع الحالي حسب المطلوب، لذا علينا الرجوع إلى الخلف ليكون سندا لنا في إدراك بعض جوانبه، التي بدونه يصعب معرفتها.
الإقليم واتفاقية الجزائر
استطاع الخالد البارزاني الأب ورفاقه منذ صراعهم مع الإنكليز إلى تحقيق بيان الحادي عشر من آذار عام 1970م، وأن يثبتوا للكرد عن جدارتهم في تحقيق مطالبهم ليس في الجزء العراقي وحده، بل في الأجزاء الأخرى، ولكن الأخ الأكبر للسيد مسعود المرحوم إدريس وجماعته قدموا كفاح كل تلك السنوات الطويلة إلى شاه إيران ليعدل بها اتفاقية عام 1914م بخصوص شط العرب، التي بموجبها لم يكن لإيران حدودا فيه، مقابل الجانب العراقي، سوى خمس كيلومترات، وكانت على السفن الإيرانية خارج هذه الكيلومترات الخمس رفع العلم العراقي على سفنها. إضافة إلى الاتفاقية تخلى العراق عن ثورة ظفار وعمان وعن جزر الطمب الكبرى والطمب الصغرى وجزيرة أبو موسى تلك التي كانت العرب تطالب بها وتعتبرها جزرا عربية، ولكون العراق البعثي هو عربي من المحيط إلى الخليج، فكان عليه الدفاع عن تلك الجزر. هكذا تكون الثورة الكردية بقيادة إدريس قد خدمت إيران وحدها طوال كفاحها الطويل ضد الحكومات العراقية من عهد بريطانيا إلى عهد البعث العروبي، علما أن الخالد البارزاني والمرحوم صالح اليوسفي لم يكونا موافقين مع المرحوم إدريس وجماعته.
الإقليم وتحرير الكويت
عندما دخل العراق الكويت قررت الدول الغربية برئاسة الولايات المتحدة الأميركية تحريرها. فشكلت تحالفا لذلك، كرر الكرد نفس الخطأ عندما أعلنت الجبهة الكردستانية عن كرد هذا الجزء (العراق): "أنهم عراقيون قبل أن يكونوا أكرادا!". وكذلك أعلنت الجبهة أنها لن ترضى بهيمنة الإمبريالية على المنطقة! في حين كان الاتحاد السوفيتي يحتضر وغورباتشوف قد أمد جورج بوش الأب بما لديه من معلومات عن العراق. وقف الإقليم برئاسة الكاك مسعود والجبهة الكردستانية مع الموقف الإيراني والسوري. وعقدت هذه الجبهة اجتماعين أحدهما في بيروت وأخرى في دمشق. وفي كلاهما ثبتت الجبهة موقفها الموالية لطهران ودمشق. في حين كانت دمشق مشاركة مع التحالف لتحرير الكويت. هنا يطرح سؤال نفسه لماذا لم يفكر قادة الجبهة وعلى رأسهم الكاك مسعود بالموقف السوري المزدوج هذا، ولم يحذو هو وقادة الجبهة حذو دمشق في موقفه من قضية الإمبريالية وتبنوا مواقف أيتام الشيوعية المحتضرة أمثال إيران وليس سوريا في حالتنا هذه؟
تحرير الكويت وحرمان الكرد
كان واضحا تحرير الكويت منذ البداية، ولكن الكاك مسعود والمام جلال وجبهتهما أدركوا به بعد عملية التحرير! فمالوا إلى الغرب الإمبريالي وزاروا صداما ليقبلوا وجنتيه على ما أمطر الكرد من غاز الخردل في حلبجة. لم تكتفِ قيادة الإقليم بهذا فحسب، بل ظلت متعاركة فيما بينها، حيث استنجد المام بالإيرانيين ليطرد الكاك من إربيل، هذا الكاك الذي وقف مع إيران في مسألة الهيمنة الإمبريالية على المنطقة. ما كان عليه إلا أن يستنجد هو بصدام وعليّه الكيماوي لاستعادة أربيل من خصمه الكردي. ما يوحي لنا هذا أن المام والكاك لا يزالان على أيام تحارب القبائل والعشائر في غابر تاريخ المنطقة. بالرغم من تواجدهما في القرن العشرين وركوبهما الطائرات والسيارات العصرية، واستخدامهما التلفونات ومشاهدتهما التلفاز وغيرها من معالم العصر الحديث، إلا أنهما في مسألة التخاصم لا يزالان في قرون ما قبل المدنية الحديثة. في أفضل الأحوال يعيشان في زمن ملاحم عليكي بطى وصوفي إبراهيم الـﮕ-;-ﮋ-;-الي وغيرهما.
يتبع
----------------------------------------------------------------------------
سأتابع كتابة هذا الموضوع على حلقات؛ حيث أرى من الضروري اطلاع الجماهير الكردية في غرب كردستان، على الأقل، على ما هو عليه قيادة الإقليم بشقيه، وما كان عليهما من واجبات تجاه الأجزاء الأخرى. لو أنهما التزما بواجباتهما تجاه تلك الأجزاء لكان وضع الكرد في الأجزاء الثلاثة مختلفة تماما الآن. فالظروف الملائمة موجودة أن تكون القضية الكردية في الأجزاء الأربعة على المستوى الدولي بكل ما تحمله الكلمة من معنى. للأسف تعيش قيادة الإقليم في عصر غير العصر الحالي؛ مما يوحي إلينا أن الدائرة ستدور على الكرد أكثر من غيرهم، وأن الفرصة المتاحة ستضيع إن لم نكن قد ضيعناها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف