الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على أمل أن أفهم مني شيئا

سرمد السرمدي

2013 / 6 / 1
الادب والفن


على أمل أن أفهم مني شيئا على أمل أن أفهم ربما لو اشتريت ورقة يانصيب بدينار وربحت بعد السحب بالحظ جائزة مقدارها ألف دينار, لبقيت أصفها ورقة تلو أخرى على الأرض في خط مستقيم أثناء طريق العودة سيرا حتى أصل لديناري فاحمله وامضي, على أمل . لا ادري ان كان لهذا معنى او ان كان هنالك معنى ما بعد هذا فالشمس تغتصب كل صباح لحظة نوم يتيمة, فما فائدة نوم وصحوة غير ان الحياة طريق نسير متوهمين وجوده في صحراء خلت من غير الرمال في كل محيطنا ولو نظرنا الى الوراء املا في العودة لما استطعنا استباق الريح التي تمحو اثر أقدامنا, وان نظرنا الى الأمام للبحث عن اثار اقدام غيرنا, سيكون للريح قول مشابه بل ومربك, ولن ندرك اننا في صحراء لا اثر فيها للماضي ولا المستقبل الا لو توقفنا, وحينها سنموت . حينما اعيد التفكير في ما يعيش بنا وفينا دون الحياة, حينما اتعب من النوم انهض للصحوة كآخر ملجأ بعد تخبط ليل روتيني ما بين كوابيس مغلفة بأطر الأحلام, لكن هذا لم يعد ينفع معي ليوقف مضي ليلة أخرى نحو تأمل المجهول من هذه الحياة التي لابد لعيشها بهذه الطريقة الإجبارية ان يسفر عن معنى والا ما الجدوى من هذا الهم المثقل بمخلبه الغارز عمقا نحو قلبي ممسكا اياه خانق للنبض متمسكا بمنهج التعذيب دون ان يبوح المشهد اليومي ليومي هذا بجديد غير آخر ينقضي كأي يوم . أتمسك برأسي أعصر ما اعتلاه من شعر لعل الدم يسري حاملا بعض الأمل في خلايا المخ لتقول شيئا لهذا الجسد ان يفعله, اهتز به يمينا ويسار دون وعي حتى الإعياء ثم تركن الجمجمة في سقوطها ما بين يدي ويدي, وحين يزداد ثقلا يهبط غير آبه على سطح منضدة وجدت لتقابل كرسي في اخر زاوية الغرفة تتبادل معه الحديث ليلا لحين ان اقطع عليهم سلسلة حلقات سردية من معاناة مادة تحولت لشيء وشيء سيحال مادة بعد تلفه, وكأن الكرسي يشتكي من ثقلي المتزايد نحو سمنة رأسمالية مفرطة بالقبح الجمالي بعد نحافة اشتكى منها بنطلوني سابق لا سبيل لتفسيرها الا ربما جوع الم ببطني من نباتية وجبات سجن الفقر الغير مدرجة في قائمة مطعم البؤس لاعتماد الارتجال في طبخها حسب ما تجود به فضلات الاشتراكية . يئن هذا القلم من وظيفته الأبدية لحين الزوال وهو يهم بالفرار من بين اصابعي المتكاسلة في حمله لدرجة ان عصره بين حين وحين هو الحل العضلي المتبقي لضمان وجود قلم مستقيم في وقفته على ورقة بيضاء ترمقني بنظرة شر ان لم اكتب ما عاهدتها عليه كل مرة من تلك الكلمات التي لا تجد تفسيرا الا تحقيق هدف صناعة الورق لهذه الورقة , وكأنها تبتسم عند تمزيقها رميا في ارض مهملاتي فلا املك من النظر في الظلام قوة تجعل اصابة سلة مهملات بورقة أمرا طبيعيا, ثم اني اتوقع ان هذه الورقة تطالبني بالذهاب الى رفيقاتها لاجترار حوارهم اليومي عني ومااكتب وكأني لا اعلم ما يقال بينهم فهو جلي حد الوضوح لدرجة ان اشكال الورق المعتصر الممزق تتغير حينما اراها صباحا وهي متراكمة متجاورة في انحاء زوايا الغرفة كدليل على ان النقاش الحاد وصل حد الضرب فيما بينها حسب كل ما حملت احداها ينتهي بسلبية تفرضها تلك التناقضات في ما كتبت عبثا حروفي الممتدة عنوة لتكون بالكاد جملة مفيدة تنتهي بتمزيق ورقة اكثر فائدة في دورة مياه لعامة العبيد في طريق طويل يؤدي الى عمل وبيت ومدرسة وشارع مزخرف بالحفر دون تعبيد . كالسم استخرجه من جسدي لأعود بحالة افضل كما كان لهذا الدم ان ينتقل بالغذاء فتضرب عضلة القلب بدفعاتها نحو ارجاء عضلية متموجة من اليأس ملتفة بحزن حول عظام متكسرة, ظهر متقوس على منضدة اراه في ومضة كلقطة تصوير تذكارية حينما ترى سيكاري النور اخيرا وللمرة الأولى تفرح بكونها وصلت لما وجدت من اجله ذاك الاحتراق الباعث لدخانها كرسالة استغاثة تطلق في هواء الغرفة تقول ان سيكارا يحتضر, وحين ترسم كل ما امكنها من طلبات النجدة ترتفع حرارة شفتي لأن التبغ انتهى حرقه ودخلت النار على الفلتر كإعلان وصول لحظة موت سيكار آخر لتستقبلها المنفضة ضحية من بين ضحايا الحرق الذي وجدت من اجله في الأصل كأي حطب, يتبقى بعض راحة وطعم لها في فمي الذي يلتقط من حنجرتي بعض لعاب ليلفظ مرارة خلفتها السيكار كوصية تلو وصية لهذا اللسان ان يعتاد المرارة حتى مع لفظ كلمة عسل وتمر وسكر, وملح, مع ان الأخير لا علاقة له . تطبق الجفون تتسابق حول من تغلق باب العين اولا, واقاوم كمن تلقى فرصة نصر مزيف ان ابقى غير نائم وانا داخل هذا الكابوس, الا ان عمودي الفقرة المتقوس يطبق هو الأخر حول بطني ليعصرني راكنا اياي على الأرض اخيرا بالقرب من الكرسي الذي بقت يدي تتشبث به على امل ان اراها تطلب الحياة فاتعلم يوما ما ان اشكر وجودها وما البث التفكير في جدوى امساكها بكرسي نصف ساقط على الأرض الا وتنزل هي الأخرى مع الكرسي على قدمي فلا تشتكي القدم من هذه السقطة لكونها متشنجة غير ذي حس بما يجري حولها واعية لما يجري لها فقط . ازحف نحو فراشي أتماها مع ضعفي لأصل الوسادة اخيرا فأنهي مشهد صمت لارحمة فيه مهلهل الأركان غير مبرر عند التفكير به كل صباح غير باكر, التف برأسي حول وسادة واقرر الا انام فانام رغما عني اخيرا, تقفز فجاة طاقة مكبوتة من حيث لا ادري لأرفع جسدي فأستقيم بنومي ويفتح الجفن لأرى من خلال العقل الظلام ولا ادري كيف يحدد العقل ان العين ترى سقفا, رغم اني اجهل كوني نائما على ظهري او اتخذت جانبا متوجها برأسي نحو جدار, ربما هي تلك الجاذبية اللعينة التي تزيد من ثقل رأسي كلما حاولت امالته طمعا في التخفيف من هذا الصداع الذي يشبه سماع صوت قطار رتيب على السكة يجري بي وانا داخله, فلا حل وقتها الا اقتران السمع بالنظر الى السكة الرتيبة المشهد بدورها, لعل هذا يعطي تفسيرا يرضي غرور العقل مؤقتا لحين الوصول الى محطة النزول, لكني الآن لا اجد شيء يوازي رتابة الظلام لأسمعه الا الصمت . ماذا كتبت يا ترى لو امتلكت الجرأة لأعرف ربما انتهى بي الحال ضاحكا او حزينا لدرجة انام معها ان حلت تساؤلاتي حول مايوجد في تلك الورقة الممزقة التي استدير برأسي نحو جهة رميها دون وعي مني وكأن عقلي استجاب لرغبة اخيرا دون انتظار قراري, لما مددت يدي ادركت ان القرار تم اتخاذه عني مني اثناء التفكير في ما يحدث الان, وكأني امسكت بورقتي المنشودة بين اصابعي هي الآن لكن ورقة مجاورة قد لامست يدي ايضا, الآن اتحول بيدي اليها لا اعلم ان كان هذا وفق مقياس اتجاه رمي الورقة في البداية فاليد لها ذاكرة اكيد والا كيف نفتح الباب بالمفتاح كل مرة دون ان نعيد تعلم ذلك كأول مرة, المشكلة ان هنالك ورقة على اليمين واخرى على اليسار وأصابعي تحتار ما تجلب لي رغم تشنج ظهري استطعت ان أقرر ان اسحب يدي فليس ينقصني ان اقرأ ما كتبت البارحة ان كانت الورقة الأخرى قديمة وكيف لي ان اعرف دون ان أقرا الاثنين معا بل كيف لي ان احدد بعد قراءة لكل منهما من التي ستلد كلماتي على فراش عيني لحظة القراءة من منهن حامل بحبري الشرعي لهذه الليلة, ربما قلت لي شيئا, كتبتني لأقرأني, أو قرأتني لأكتبني, عندما تشتد الأسئلة في ضرباتها اميل للنوم كجواب نهائي ساحبا يدي من بين الورقتين متجاهلا وجود ورقة ثالثة لامست يدي في طريق العودة كمن يتشبث بقارب أثناء مقاومة نعمة الغرق في البحر .

الكاتب
سرمد السرمدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل