الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى أي مدى يمكن أن يكون نشر تجربة الاعتقال أمرا مفيدا قبل سقوط الديكتاتورية ؟! تعقيب على ما نشره الأخ حسن علي حول تجربة اللجان

نزار نيوف

2005 / 4 / 27
أوراق كتبت في وعن السجن


بعد صمت مطبق دام طويلا ، كما أظن ، بادر الأخ حسن علي الناصر ( وهذا اسمه الكامل)إلى نشر ما يسميه مساهمته في توثيق تجربة " لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية " . وقد نشر حتى الآن حلقتين ، ووعدنا بالمزيد من .. الفضائح والغسيل " الناصع البياض" ، بعد أن أغرقنا في بحر من التفاصيل غير المهمة ، وفي محيط من الأخطاء النحوية التي لا تستقيم لا مع مدرسة أهل البصرة ولا مدرسة أهل الكوفة ، ولا حتى مع "مدرسة "... جامعة دمشق ! وإذا كان صحيحا أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا ، فإن الأكثر صحة هو تعرف كيف ومتى تأتي !
ليس لدي أدنى شك في الدوافع النبيلة التي قادت الأخ حسن إلى نشر هذه " المساهمة " التي ليس فيها أي جديد ، على الأقل بالنسبة لمن خاضوا التجربة ، ومن كان شاهدا عيانا عليها من أصدقاء ومحامين وحتى .. ضباط مخابرات ! ولا يغير من هذه الحقيقة شيئا بعض رسائل " المدح والقدح " التي يقول الأخ حسن إنه تلقاها من هذا الشخص أو ذاك . أقول ذلك لأنني أعرف الأخ حسن علي أكثر مما يعرفه أي إنسان آخر ، ولو أنني لا أعرف أي خبر عنه منذ افرقنا لآخر مرة حين غادرت سجن صيدنايا العسكري إلى سجن تدمر الصحراوي في 6 شباط / فبراير 1993 ، ولم أتلق منه حتى مجرد اتصال هاتفي حين خروجي من السجن في 6 أيار / مايو 2001 يقول فيه " الحمد لله على السلامة " .. كما تعودنا في مجاملاتنا . ولا أذيعه سرا إذا قلت له بأن صدمتي كانت كبيرة ، وإحباطي كان عظيما حين لم أره في عداد وفد المهنئين ، الذي نظمه الصديق العزيز الدكتور عبد الرزاق عيد إلى منزل أهلي يوم إطلاق سراحي وضم العشرات من وجوه مدينة حلب السياسية والثقافية ، والذي شرّفني بأن يكون في مقدمته شيخ مناضلي المدينة أبو عبدو ـ المناضل النقابي والشيوعي الكبير عمر قشّاش ! ولكن هذا مجرد وجه واحد للميدالية التي لها وجهها الآخر كما يقال .
من حق أي شخص أن يسجل وينشر ملاحظاته عن أي تجربة نضالية ، مدحا وقدحا ؛ فكيف إذا كان هذا الشخص ابن التجربة وجزءا عضويا وأساسيا منها مثل الأخ حسن !؟ ولكن الأكثر اقترابا من الحق والحقيقة هو أن نعرف كيف ومتى ننشر هذه الملاحظات . أو ، بتعبير آخر ، أن نعرف مسبقا أن الدروس التي يمكن استخلاصها من النشر ، بالنسبة للتجربة بذاتها والعمل العام عموما ، ستكون أكبر وأعمق من الخسائر التي يمكن أن تترتب على ذلك بالنسبة للأطراف المشار إليها .
أقول ذلك وفي خلفية رؤيتي للموضوع نموذجان لنشر تجربة السجن والاعتقال ،أولهما رواية طاهر عبد الحكيم التسجيلية " الأقدام العارية ،التي رصدت جحيم عبد النصر في " أبو زعبل " ؛ وثانيهما رواية " الشرنقة " للصديقة اللدودة حسيبة عبد الرحمن ، التي عالجت التجربة الانسانية لصبايا حزب العمل الشيوعي في سورية في باستيلات حافظ الأسد . وأنا أتحدث هنا من زاوية " زمن وتوقيت " النشر ، لا من زاوية المعيار الفني والقيمة الأدبية والسياسية والتاريخية ، وحتى " التعليمية " . وهو أمر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نستخدمه في المقارنة بين ما كتبت يا أخي حسن ، وبين ما كتبه طاهر عبد الحكيم وحسيبة عبد الرحمن !
ففي الوقت الذي رفض فيه طاهر عبد الحكيم نشر " الأقدام العارية " قبل رحيل جلاد التجربة جمال عبد الناصر ، وخروج جميع رفاقه من المعتقلات ، سواء منهم من كان منهم عضوا في الجناح الانتهازي للحزب الشيوعي المصري " حدتو " أو في جناح " راية الشعب" ، عمدت الصديقة حسيبة إلى نشر روايتها في الوقت الذي كان فيها العشرات من رفاقها في حزب العمل لمّا يزالو رهن الاعتقال ، وكرباج الجلاد لمّا يزل يصفر فوق رؤوس الجميع !
يعرف العديد من الأصدقاء في لبنان وسورية أنني كنت على وشك نشر الجزء الأول من " دفاتر السجن " ، وهو بعنوان " بين مقبرتين" ، حين تم اعتقال المحامي أكثم نعيسة العام الماضي . وقد سارعت إلى سحبه من " دار النهار" فور أن سمعت بخبر اعتقاله . فقد كان من الصعب عليّ أن ينشر هكذا عمل ، الذي يتضمن فصولا عديدة وكبيرة عن تجربة " اللجان" ، وفيه ما فيه مما لا يسر صديقا ولا حتى " عدو " ، في الوقت الذي كان فيه أحد الأشخاص ، ممن ارتبط اسمه بالتجربة ( سلبا وإيجابا ) مثلنا جميعا ، يتم اقتياده على أيدي الجلادين إلى زنزانة . لأن جميع الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من النشر في تلك الحالة لفائدة التجربة والعمل العام ، سستتلاشى وتتبخر ، أو على الأقل ستتقزم وتبهت ، أمام ما ستحصده السلطة وطبولها وأبواقها من نشر هذا الغسيل !
لقد حرصت في السطور أعلاه أن أقارب القضية من الزاوية العامة ، ولم أتطرق لما تناولني به شخصيا الأخ حسن ، من تقييم وتقويم . فعندما تكون حياة الطفل نفسها هي المستهدفة ، يصبح من العبث أن نرسم دائرة طباشير قوقازية حوله لكي نفسخه ونتقاسمه !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد


.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال




.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا


.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة




.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم