الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأصابع القطرية وسدود النهضة الاثيوبية وخراب مصر !

عبدالله محمود أبوالنجا

2013 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمكن لأى محلل سياسى ، يتابع عن كثب مايجرى فى منطقة الشرق الأوسط من اضطرابات وقلاقل سياسية ، تجتاح العديد من الدول فى تلك المنطقة أن يتجاهل أو يتغافل عن دور المال القطرى فى توجيه الأحداث بما يخدم الطموحات القطرية فى توسيع وتعظيم الاستثمارات القطرية فى كل مكان يتواجد فيه تمثيل دبلوماسى أو اختراق استخباراتى تابع لذلك النظام الطامح فى انشاء كيان امبراطورى على أكبر رقعة من الأرض يستطيع الوصول اليها ، والتأثير فى مجريات الأحداث فيها ، سواء فى منطقة الشرق الأوسط ، أو على مستوى العالم أجمع ، وهذا حق لذلك النظام ، كما هو حق لأى نظام سياسى فى العالم . لكن الذى ليس من حق ذلك النظام الرأسمالى المتغول أو غيره من الأنظمة الأخرى ، سواء أكانت رأسمالية أو شيوعية أو اشتراكية أو ثيوقراطية ، أو أياً كانت صبغتها ، أو أيديولوجيتها ؛ هو أن يتجاهل ذلك النظام أو غيره الأضرار الكارثية التى تلحق بالشعوب الأخرى بسبب المكاسب الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية التى يجنيها ذلك النظام أو غيره من وراء سياساته الأنانية التى لا تضع فى اعتبارها سوى مصالحها الذاتية مهما كان الخراب والدمار اللذان يلحقهما بالشعوب الأخرى . ولن أتحدث هنا عن السياسة الخارجية القطرية فى مجملها ، ولكنى سأتحدث عما يخصنى كمواطن مصرى وماتلحقه السياسة الخارجية القطرية بوطنى مصر وبأبناء شعبى من أضرار بالغة . ان مايفعله النظام القطرى تجاه مصر والمصريين ، لا ينم عن شىء غير الكراهية والحقد الدفين تجاه مصر والمصريين ، مهما كانت عبارات وتصريحات المسئولين القطريين دبلوماسية ووردية اللون . لقد كان العداء واضحاً بين النظام القطرى والنظام السابق ، حتى ان بعض القادة العرب تدخل أكثر من مرة لاصلاح ذات البين ، الا أن النظام القطرى كان مصراً على ازاحة مبارك ونظامه عن سدة الحكم ، وأنفق المليارات فى سبيل تحقيق ذلك الهدف . أنفق المليارات على وسائل الاعلام المملوكة له كقناة الجزيرة وغير المملوكة له كالفضائيات المصرية الخاصة المستقلة ، وبرامج التوك شو فيها ، وحتى بعض العاملين فى القنوات التليفزيونية والاذاعية التابعة للدولة المصرية من أجل تسليط الضوء على سلبيات نظام مبارك كالرشوة والمحسوبية وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها ، واختلاس المال العام وسوء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لبعض شرائح المجتمع المصرى ، وتضخيم هذه السلبيات أمام الرأى العام المصرى والعربى والعالمى . ليس هذا فقط ، بل راح يكيد لنظام مبارك ويحيك حوله المؤامرات على الأرض ، على المستوى الداخلى والخارجى ؛ الاقليمى العربى وغير العربى وعلى المستوى الدولى ، وذلك باختراق كيانات المجتمع المدنى العاملة داخل وخارج الأراضى المصرية مالياً واعلامياً واستخباراتياً ، وكانت جماعة الاخوان المسلمين ومكتب ارشادها فى مصر من أقوى وأنجح التنظيمات التى استطاع النظام القطرى بواسطتها اختراق الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التابعة لنظام مبارك . ليس هذا فقط ، بل استطاع النظام القطرى بواسطة تنظيم جماعة الاخوان المسلمين اختراق القرى والنجوع والعشوائيات وتأليب المواطنين ضد نظام مبارك وأجهزته وخاصة ضد أجهزة وزارة الداخلية بكل مؤسساتها . ولكن ماهو المقابل لتلك المليارات التى أنفقها النظام القطرى على تهيئة الأوضاع لازاحة نظام مبارك عن الحكم واستبداله بنظام الاخوان المسلمين ؟ هل أنفق النظام القطرى كل تلك المليارات من أجل سواد عيون جماعة الاخوان وحباً فى مصر والمصريين ؟!! هل النظام القطرى فى سبيله الى تكوين جماعة عالمية للبر والاحسان ، تكون مهمتها الأخذ بيد الشعوب الفقيرة والمحرومة الى جنات الرفاهية والعيش الحر الكريم ؟ هل النظام القطرى فى طريقه لتأسيس جماعة ضغط دولية يكون من أهم أهدافها تفعيل مواثيق الاعلان الأممى لحقوق الانسان فى طول الدنيا وعرضها ؟ بالتأكيد النظام القطرى لا يسعى الى أىٍ مما سبق . فهو نظام ثيوقراطى رجعى تآمرى لا يأبه الا الى السيطرة على كل ماتطاله أيديه من مقدرات الشعوب وثرواتها ، والا لما تقاسم ثروات الشعب الليبى البترولية وغير البترولية مع دول الناتو التى استأجر جيوشها لازاحة نظام معمر القذافى فى ليبيا . لقد دخلت ناقلات النفط القطرية لسرقة النفط الليبى بمجرد بداية سقوط نظام معمر القذافى . وهاهو يحاول تكرار المحاولة فى سوريا حتى مع صمود نظام بشار الأسد فى وجه مرتزقة الارهابيين الذين يمولهم النظام القطرى بالمال والسلاح ، ويدعمهم دبلوماسياً فى المحافل الدولية وعربياً باستغلال مايسمى الجامعة العربية التى أصبحت ملكية قطرية خاصة ، رغم أن دويلة قطر لم تكن من الدول المؤسسة لتلك الجامعة العربية . وهاهو فى مصر ورغم أن ذلك النظام القطرى هو الذى لعب الدور المحورى فى صعود جماعة الاخوان المسلمين الى سدة الحكم ؛ أى أن الجماعة التى تحكم مصر خارجة من تحت عباءة ذلك النظام ، الا أنه مسئوليه يتلذذون وهم يتابعون مايعانيه المصريون من أزمات طاحنة كالانقطاع اليومى المتكرر للكهرباء ومياه الشرب وتدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية لشرائح عديدة من أبناء الشعب المصرى . يتلذذ مسئولوا النظام القطرى بما يعانيه المصريون من تدهور فى كافة أوجه الحياة فى مصر ، دون أن يحركوا ساكناً ، أو أن يمدوا يد العون الاقتصادى للنظام الاخوانى الخارج من تحت عبائتهم ، على أمل رضوخ جماعة الاخوان للاملاءات والشروط القطرية من أجل السيطرة على مقدرات وأقوات الشعب المصرى ، بالاستحواذ على مفاتيح الاقتصاد المصرى كقناة السويس والسد العالى ، والمزارات السياحية ، والشركات والقلاع الصناعية الكبرى كشركات توليد الطاقة وشركات مياه الشرب والمواصلات والاتصالات ومصانع الحديد والصلب ومصانع الغزل والنسيج وغيرها . وربما كانوا يحلمون بخصخصة الجيش المصرى وجعله تحت امرة حكام قطر يوجهون عديده وعتاده أينما تكون لهم مصالح استراتيجية يأملون فى تحقيقها باستخدام القوى العسكرية فى حال فشلوا فى تحقيقها باستخدام القوى الناعمة ! فالمسئولون القطريون – ولا أقول الشعب القطرى الذى هو مغلوب على أمره كباقى شعوب الشرق الأوسط – يحلمون باعادة اقامة الخلافة الاسلامية من السند والهند شرقاً الى حدود المحيط الأطلنطى غرباً ، لكى يستمتعوا بخراج كل سحابة تقع عيونهم عليها كما كان هارون الرشيد يقول للسحب سوف يأتينى خراجك أينما أمطرت ِ . وهذا ماغرسه فيهم وهم مازالوا صغاراً يوسف القرضاوى مفتى الناتو الذى كان مطروداً من نظام جمال عبدالناصر فى مصر ، فاحتضنه أيامها أمير قطر والد الحاكم الحالى حمد بن خليفة ، فاستغل القرضاوى الفرصة لتعميق كراهية حاكم قطر الأب وأبنائه ومنهم حاكم قطر الحالى ضد نظام جمال عبدالناصر ، وبالتبعية ضد عموم المصريين . هناك حادثة طريفة وقعت ابان حكم جمال عبدالناصر بين حاكم قطر الأب وبين جمال عبدالناصر ، رواها بعض الاعلاميين ، مؤداها أن حاكم قطر الأب غضب من جمال عبدالناصر لسبب ما أو لآخر فامتنع عن حضور جلسات احدى مؤتمرات القمة العربية التى تصادف انعقادها فى تلك الأيام ، فما كان من جمال عبدالناصر عندما أبلغوه بامتناع الحاكم القطرى عن الحضور آنذاك الا أن علق قائلاً : ( وفيها ايه يعنى ؟ لما خيمة ونخلتين يغيبوا عن حضور القمة العربية !! ) وكانت قطر أيامها دولة فقيرة تعيش على الاعانات المصرية وغير المصرية . ويبدو أن مفتى الناتو يوسف القرضاوى استطاع بما كان له من حظوة وقبول وتأثير على حاكم قطر وأبنائه ومنهم الحاكم الحالى ؛ استطاع مفتى الناتو استغلال مثل تلك الأحداث فى تأجيج نار كراهية حكام قطر السابقين والحاليين تجاه حكام مصر والمصريين ، لكن هؤلاء لا يصرحون الا بعكس مايبطنون . هكذا جبلتهم أيام الفقر والسواد والتهميش التى عاشوا معها كل أحاسيس الذل والهوان قبل انفجار مئات آبار النفط والغاز فى أراضيهم والتى راحوا يستخدمون عوائدها المالية المهولة فى الانتقام من كل من يعتقدون أنه أذلهم وأهانهم أيام جوعهم وفقرهم ، والا مامعنى ماتناوله بعض الساسيين المصريين بأن الشيخة موزة أقسمت على تخريب مصر واذلال المصريين ؟؟ !! يبدو أن الشيخة موزة والنظام الحاكم فى قطر ينوون استخدام عوائد النفط والغاز فى اذلال جميع شعوب الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية ، والا فكيف نفسر دعمهم المهول لتيارات الاسلام السياسى فى مصر وسوريا اللتان من أبرز مؤسسى تلك الجامعة العربية ؟!! كان ذلك موجزاً بسيطاً لما يقوم به النظام القطرى محمياً بالنفوذ الأمريكى المتمثل فى تواجد أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فى الشرق الأوسط على أرضى قطر ، ومتعاوناً مع المسئولين الاسرائيليين من أدوار تخريبية فى منطقة الشرق الأوسط وافريقيا ، والتى من أخطرها على مصر وشعبها هو الدور الذى يقوم به النظام القطرى فى بناء سد النهضة الاثيوبى ومايتبعه من سدود أخرى سوف تلحق دماراً هائلاً بكل أوجه الحياة على الأراضى المصرية والسودانية على حدٍ سواء ، وان كان بدرجات متفاوتة فى الخراب والدمار الذى سيلحق بمصر والسودان ، فمصر سوف تكون المتضرر والخاسر الأكبر من وراء اقامة مجموعة السدود التى تعتزم اثيوبيا اقامتها على النيل الأزرق وأنهار أخرى تمد النيل المصرى بمياه الفيضان كل عام . وفى اعتقادى أن استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين قطر واثيوبيا ، وتكرار زيارات المسئولين القطريين للعاصمة الاثيوبية والتى كان آخرها زيارة أمير قطر نفسه لاثيوبيا فى أبريل الماضى ؛ فى اعتقادى أن كل ذلك له علاقة وثيقة بتمويل مشاريع السدود المزمع انشاؤها فى اثيوبيا ، وأن المال القطرى - مع الخبراء الاسرائيليين – سيلعب الدور الأكبر والرئيسى فى تمويل تلك المشروعات ، كاظهار لحسن النوايا القطرية تجاه أديس أبابا ، حتى ولو كان ذلك على حساب أمن الشعب المصرى ومستقبله المائى !! تصرفات النظام القطرى تجاه العديد من الشعوب العربية والمستعربة والتى من بينها مصر ، لا تنبىء عن أية نوايا حسنة أو نتائج بناءة تجاه تلك الشعوب . حتى عندما أراد ذلك النظام الظهور بمظهر من يقدم يد العون الاقتصادى لنظام الاخوان المسلمين الخارج من تحت عباءته فى مصر ، قدم وديعة مالية للبنك المركزى المصرى ، لا تسمن ولا تغنى من جوع ، بدلاً من دعم الشعب المصرى بالمنح المالية التى أعلن عنها هو وغيره من أجل البروباجندا الاعلامية لا أكثر ولا أقل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر