الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرس4

ياسين لمقدم

2013 / 6 / 2
الادب والفن



حدث غير مرتقب

خلال الصباح، وفي غمرة انشغال عائلة العروس بتوفير شروط الإقامة والضيافة للوافدين على خيمتهم، وصل أخو الفتاة قادما من كدحه في السهول المروية لحوض ملوية. وكانت تبدو عليه علامات الغضب يستجليها كل من تقدم إليه لتحيته وتهنئته. ألقى بقوة برزمة متاعه على باب الخيمة حيث تتوارى أخته عن الأنظار وسط النسوة، فأصاب بها رأس كلبهم الذي هب إليهِ فرحا بمقدمه، فآلمه ذلك ليتراجع مصدرا عواء حادا. وبمجرد ما خرجت أمه إليه برفقة بعض الخالات والعمات، ودون أن يحييهن، بدأ بالصراخ معبرا عن معارضته الشديدة لهذه الزيجة، والرذاذ يتطاير مِن فيهِ يدفع عنه كل من تقدم إليه لتهدئته.

هرول طفل صغير حافي القدمين صعودا إلى هضبة قريبة حيث والد العروس يتفيأ ظل شجرة البطم رفقة رجال من القبيلة، فأخبره بالحدث . وبعد عودة الأب التزم الشاب صمتا حذرا فتبادل العناق مع والده الذي سحبه بعيدا عن الأعين والآذان، ليدخلا في جدال عن أسباب كل هذا التعنت مستترين عن الناس وراء نبات كثيف للتين الهندي. ولكن الابن كان مصرا على نقض الزفاف وحجته في ذلك عراك دار بينه وبين العريس حول نسبة كل واحد منهما من "العلاليش*" بعد انتهاء موسم رعوي اشتغلا فيه سويا لدى فلاح ميسور. وأبدى استعداده ليرد مبلغ الصداق وكل الصائر الذي أنفقه العريس. دام الحوار الصاخب لمدة طويلة ولم يفلح الوالد في شيء رغم لجوئه إلى التصعيد، فآثر العودة إلى جلسائه بقلب خائب راجيا أن يتدخل الحشد من عقلاء الضيوف لتغيير قرار الابن العنيد.

وبعد أن عاد الابن أدراجه إلى مضربه وسط عيون محدقة وأخرى تختلس النظر من وراء ثقوب حصائر الخيام، أمر الجميع بإيقاف كل مظاهر الاحتفال ولمن شاء البقاء أو الانصراف إلى حال سبيله.

سادت جلَبَةٌ بين الحضور، بين عازم على الرحيل وداعٍ إلى التريث والصبر لعل الوقت يأتي بالجديد. وبعد ساعات طويلة لاحت في الأفق كوكبة من الرجال يحثون السير على بغالهم وحميرهم، فهرع أهل الدوار لاستقبالهم، ليجدوا أنهم من أقرباء العريس الذي غاب عن هذا الوفد ليتجنب أي اصطدام مع غريمه، ويتقدمهم جده ووالده. ترجلوا عن دوابهم التي ربطوها بما وصلت إليه أيديهم من أغصان الأشجار المتفرقة على أرض المدشر. فعيون العريس التي زرعها بالناحية هي من أوصلت إليه الخبر.

ولحكمة الجد طلب بأن يختلي بأخ العروس، فسحبه برفق من ذراعه إلى أن ابتعدا عن القوم بمسافة معتبرة. فأقعى الجد على الثرى بينما قرفص الشاب منكسا ناظريه استحياء لما أتى به من فعل استدعى كل هذا اللغط. ولخبرة الجد قرأ في سحنة الفتى ندمه فما كلمه عن فعلته، وإنما سأله عن ظروف عمله لدى الغرباء في منطقة متنائية عن الأهل. ودعاه للمكوث بالدوار على أن يتدخل لدى أعيان القبيلة ليجد له عملا يغنيه عن هجرته ويمكنه من بناء عش الزوجية، مؤكدا له على ضرورة الاستقرار قرب الوالدين الذين بلغا من الكبر عتيا سيحتاجان فيه إلى من يخفض لهما جناح الذل من الرحمة.

وبعد مدة رجعا إلى الأهل يتضاحكان، وهرع الفتى إلى معاونة والده الذي يجاهد في إدخال القطيع إلى زريبة مسيجة بأشواك السدر بعد أن عاد بها الابن الصغير من المرعى. وبذلك انتهت المحنة التي كادت تعصف بالقِران، وَوُزعت كؤوس الشاي على الجميع و اسْتعرَّتْ نار المراجل لطبخ العشاء. ولم يغادر أهل العريس خيام العروس إلا بعد أن انتصفت ليلتهم وأُكرمت وفادتهم واستُوْدِعوا على أمل اللقاء غدا .

يتبع...

-------------
هامش:

*علاليش : إن صحت كجمع للعلوش فهي المقابل العيني الذي يحصله الراعي المحترف من مستأجره، وهو عبارة عن عدة رؤوس من الضأن أو الماعز يتحدد عددها بناء على حجم القطيع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم


.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?




.. لعبة الافلام الأليفة مع أبطال فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد


.. إيه الدرس المستفاد من فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو ب




.. من شارموفرز إلى نجم سينمائي.. أحمد بهاء وصل للعالمية بأول في