الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجلس الشورى وعصر: -الفسادات-

نصارعبدالله

2013 / 6 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



لعلنا لا نبالغ إذا وصفنا الحقبة الممتدة من عام 1970 حتى الآن بأنها: " عصر الفسادات" ( جمع فساد) ، فقد شهدت تلك الحقبة تصاعدا مخيفا فى معدلات الفساد فى مختلف جوانب الحياة فى مصر، السياسية منها بوجه خاص ، ولا نبالغ أيضا إذا قلنا إن عام 1980( وهو العام الذى أنشىء فيه مجلس الشورى )، يعد علامة فارقة فى تاريخ تطور فساد الحياة السياسية فى مصر، ففى ذلك العام تقدمت مجموعة من الهوانم من عضوات مجلس الشعب المصرى:" نوال هانم عامر:، و"كريمة هانم العروسى "، وفايدة هانم كامل ، تقدمن باقتراح لتعديل المادة 77 من الدستور المصرى الذى كانت فى ذلك الوقت تنص على أن : " مدة الرئاسة ست سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الإستفتاء ، ويجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدة أخرى" ، تقدمن باقتراح لتعديل نصها بحيث يصبح: " لمدد أخرى "، وبمقتضى ذلك التعديل يحل مبدأ الرئاسة المؤبدة محل مبدأ تداول السلطة!!، ولا يدرى أحد على وجه التحديد لماذا جاء هذا الإقتراح أو الإنقلاب من الهوانم بالذات ، هل لأنه جاء فى حقيقة الأمر بإيعاز من السيدة الأولى التى كانت تربطها صلة طيبة بهوانم المجلس، أم أنه جاء منهن بدون إيعاز من أحد لأنهن يحملن فى أعماقهن تراثا معينا يدفعهن إلى تفضيل الرئاسة المؤبدة ، أيا ما كان الأمر فقد لاقى هذا الإقتراح ـ وكان من الطبيعى أن يلاقى ـ رضاء عميقا من الرئيس أنور السادات ، الذى راح يتابع فى انتشاء لا تخطئه العين مهرجانات الزفة للتعديل الجديد ، ومهرجانات التنديد بالمعارضين والمنتقدين لمبدأ التأبيد، وهى المهرجانات التى بلغت ذروتها فى خطاب شهير لفضيلة الشيخ أحمد حسن الباقورى قال فيه : "إن السلطان هو ظل الله في الأرض، وظل الله في الأرض له حرمة ومهابة، فلا يجوز المساس بالسلطان أو الإساءة إليه بكلمة، حتى إن بعض الفقهاء قالوا: إذا كان السلطان يركب بغلة وذيلها مقطوع فلا يجوز التهكم عليه، لأنه ذيل بغلة السلطان، فكيف بالتهكم على السلطان نفسه!؟" .... ( لهذا السبب فقد أطلق بعض الكتاب على عام 1980 وصف عام البغلة) ، وفى إطار هذا المناخ جرت تعديلات مايو 1980للدستور المصرى التى انطوت على حزمة من التعديلات من بينها تعديل المادة الثانية بحيث تصبح مبادىء الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع بدلا من "مصدر رئيسى" ، وهو تعديل جاء ملبيا لمطالب قطاعات واسعة من الرأى العام فى مصر" ..غير أن إنعام النظر فى السياق الذى جاء هذا النعديل فيه يقودنا بوضوح إلى استخلاص أنه قد جاء لتمرير تعديلين آحرين لمصلحة الرئيس السادات نفسه ، أولهما هو اقتراح الهوانم سالف الذكر، وثانيهما هوإنشاء مجلس الشورى الذى لم يكن له من اختصاص واضح سوى أنه سوف يحل محل الإتحاد الإشتراكى فى ملكية الصحف القومية وبذلك يتم السيطرة عليها وضمان ولائها التام للسادات ولحزبه الحاكم وتسخيرها بالكامل للتصدى للصحافة الحزبية ، خاصة بعد أن أصبح للرئيس بمقتضى التعديلات حق تعيين ثلث أعضاء محلس الشورى بالكامل وهو ما يمثل إغواء واضحا للمشتاقين إلى المناصب بأن يسعوا جاهدين لأن يكونوا من بين الأعضاء المعينين فى المرة القادمة حتى إن فاتهم التعيين فى هذه المرةّّ!، ..إن إنشاء مجلس الشورى فى عام 1980 بصلاحياته التى تمتع بها لم يكن فى حقيقة الأمر إلا نوعا من ْالتخريب والإفساد المتعمد لإحدى المؤسسات التى يناط بها صناعة الرأى العام ونعنى بها مؤسسة الإعلام ، وهو ما دفع بالكثيرين من ثوار ثورة يناير2011 إلى المطالبة بإلغاء ذلك المجلس، وقد كان حريا بلجنة التعديلات الدستورية التى ترأسها المستشار طارق البشرى أن تحرص على ألا يكون لأعضاء مجلس الشورى دور فى اختيار أعضاء اللجنة التأسيسة حتى لا تجمع جهة ما بين كونها خصما وحكما فى آن واحد، غير أن الذى حدث هو العكس تماما، وهو من بين ما قادنا إلى ما نحن فيه الآن من مفارقات أليمة ومحزنة ، ولعلنا نعود إلى تناول ذلك فى مناسبة قادمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه