الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معدل الاستهلاك الثقافي في العراق

سرمد السرمدي

2013 / 6 / 3
الادب والفن


معدل الاستهلاك الثقافي في العراق هل لدينا هوية ثقافية, ذات حدود وملامح أدبية وفنية ومسرحية يمكن الإشارة إليها بكل وضوح من قبل ثقافة أخرى ! , كم هو محزن ان يتشبث بعضنا بالحلم فيحال وهما لو لامس الواقع, أن أسوأ ما قد يمر بك وأنت تحاول صياغة بداية السطر هو أن تلتف كل المواضيع لتتنافس حول هذه المكانة المرموقة زيفا, فما كان في مقدمة الأمور التي تقرأها عادة في صفحة ما لن يبقى عالقا في الذاكرة بوصفه مجرد مدخل عام او بديهي ينطلق منه السياق لتؤسس عرضا للفكرة بشكل أوسع يحال بعدها لنتائج قد ترتقي للبقاء في الذاكرة, كقولنا في مقدمة, ان الشمس تنير صباحا والقمر يضيء ليلا , ثم يأتي الموضوع, ربما يكون الظلام هو سبب رؤيتنا للقمر, ماذا لو بدا السطر بهذه الفكرة المعروضة والتي قد تقلب ميزان أهمية الضوء لصالح الظلام, سيكون هنالك الكثير من ردود الفعل الأستباقية التي تضمن عدم استمرار القارئ بمجاراة الكلمات لآخر ما قد يشوقه الوصول إليه من نتائج جديدة, إلا أن المفاجئة قد تكون محبطة لو انتهى القارئ بمجرد معلومة استبدلت مكانها من المقدمة لتكون الماء الذي فسر بعد الجهد به, مجرد وهم.

إن مشكلة الثقافة ليست في الدستور أو البرنامج الحكومي, فمن قبيل البديهيات ان تتضمن كل من هذه المحددات للمشهد السياسي ما لذ وطاب من الترحاب بازدهار منقطع النظير في كافة المجالات على الصعيد النظري تحديدا وعلى اقل تقدير, والغريب ان اللوم وبعض العتب ينصب على مؤسسة كوزارة الثقافة او وزارة الشباب او حتى الداخلية في انحدار مستوى الوعي مما يعده البعض سببا رئيسيا لانتشار العنف في العراق, لكن هذا البعض مع شديد الأسف من القدرة الفكرية بمكان احتله بجدارة تنويرية يفتقد اليها هذا المجتمع المنهك أثناء سيره ما بين ظلمات متاهة السياسة في تاريخ العراق المعاصر.

ربما استطعت مناقشة أي فنان في أي موضوع فني بكل حرية وبدون قيود, لكن الأصعب هو مناقشة موضوع الفن بحد ذاته بوصفه غير قابل للنقاش من ناحية وبوصف هكذا نقاش نوع من إضاعة الوقت والجهد في غير ذي هدف وفي منحى غير مجدي بل وغير منتج لما هو جديد إلا كون الفن واقع حال مهما انخفض أو ارتفع مستواه حسب العوامل الزمكانية اجتماعيا, ولن تخرج من محاولة فتح باب النقاش في موضوع الفن المسرحي بكثير خاصة وان كان النقاش مخصصا للبحث في فن المسرح العراقي, وهذه الخصوصية لعقم النقاش لها من الأسباب ما يبررها نوعا ما على صعيد كونه غير فاعل اجتماعيا بالدرجة التي تؤهله ليكون بهذه الأهمية حاليا, فاعتباره من الأمور الثانوية التي تأتي بعد الأمن والخدمات بدرجات كثيرة تطمسه في قعر قائمة أولويات أي برنامج حكومي لقيادة دولة العراق حاليا, والتي تحكم برلمانيا من خلال انتخابات ديمقراطية وفق دستور منفتح على الثقافة في تحديده لحرية التعبير على الأقل, إلا أن التعامل مع الثقافة والفن والمسرح خصوصا من هذا المنطلق النظري الواسع الأفق لن يجد له واقعا يضيق به تطبيقا لو لم تأتي تلك النقاشات بمسار واضح لستراتيجية دور المسرح في العراق, الآن.

وهم الاستقلال الثقافي في العراق يجرنا الى الهاوية, ان معظم العراقيين الآن يصرفون على استيراد ثقافات غيرهم من الشعوب ما يكفي من الأموال لبناء هوية وطنية مستقلة ثقافيا ترتقي لمستوى تصديرها كمثال تتوسل مكانته الشعوب المستلبة الأخرى في عالمنا المتصارع حول الريادة في تقديم أنموذج الإنسان المعاصر, لا يمكن القول بأن قراءة التاريخ ثقافيا على مختلف مجالاته الأدبية والفنية ستشعرنا بالاطمئنان الى هذا الخزين الاحتياطي الذي يمكن الرجوع اليه عند كل نكبة ثقافية كما يحدث عند ازمة اقتصادية من عملية الرجوع لاحتياطي الذهب في البنك المركزي, ليساهم في استقرار مؤقت لحين إثراء الخزين والعودة الى حالة الطمأنينة المزيفة, فكثير من هذا الخزين لا يعبر عن القيمة الواقعية لنزعة الاستقرار المتخيلة, والتي تهتز لمجرد ان هنالك ازمة ثقة فيه, فيسارع القائمون على الثقافة للتأكيد بأن كل شيء بخير ونحن محصنون ضد أي اختراق ومن قبيل هذا التخدير اللاموضوعي. ا

ن عملية إنتاج ثقافة الهوية لا يمكن ان تكون رهنا بتوجه حكومي عام, أي لا يمكن ان تنال مرافق الدولة اجازة لمجرد ان هنالك خطابا سياسيا يتضمن في سياقه كلمة الثقافة بشكل عفوي وربما بالصدفة, فالسؤال عن كون معدل واضح لأنتبها المجتمع لمستوى الوعي بأهمية هويتنا ثقافيا, يعد كتصفح صفحة الأبراج في الجريدة الحكومية كل صباح املا في ان نجد تكرارا لجملة سبق وتم ذكرها في عدد سابق ليكون هذا الكشف دليلا نتشبث به لنؤكد عدم اكتراث الدولة بمستوى ثقافة شعبها للدرجة التي استطاعت ان تستغفله دون أي وعي مجتمعي رادع, ناهيك عن محاولة اصطياد ثغرة لا يكون صيادها مؤهلا لغير التهليل بها, فالأجدى ان يكون قادرا على اقتراح ما يسد أي ثغرة بوصفها جزء مهم من بناء هويته سواء قبل بهذا الجزء الذي يمثل دورا تدحرج تحت قدميه متوسلا ان يؤديه ان لم يقبل, لكن من نطالب لنعرف كم نقرأ وكم نكتب وكم نشاهد سينما ومسرح, وهل هي فعلا فنون وآداب تمثلنا, لأن محاولة إجابة السؤال عن الهوية لمحاولة السير حافيا على الجمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل