الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذكرى الرابعة والعشرون لاستشهاد القائد الوطني الفلسطيني عمر القاسم

احمد محمود القاسم

2013 / 6 / 3
سيرة ذاتية


الذكرى الرابعة والعشرون لاستشهاد القائد الوطني عمر القاسم
الكاتب والباحث احمد محمود القاسم
بتاريخ الرابع من حزيران، من كل عام، تطل علينا ذكرى استشهاد القائد الوطني الكبير، والأممي، عمر محمود القاسم، والذي استشهد بتاريخ 4/6 في العام 1989م، بعد اعتقال دام لأكثر من واحد وعشرين عاما، نتيجة للمعاناة والتعذيب الشديد، الذي لاقاه على ايدي جلاديه، من قوات الاحتلال الصهيوني. وتعتبر مدة اعتقاله، اكبر فترة زمنية يقضيها سجين فلسطيني، خلف قضبان الاحتلال الصهيوني، في حينها، وهو يعتبر اول القادة من الفلسطينيين، الذي يعتقل، بمستوى عضو لجنة مركزية. وكان الشهيد القائد عمر معتقلاً، لدى السلطات الأردنية في عمان، عند حدوث نكسة حزيران في العام 1967م.
فور خروجه من السجن-سجن عمّان المركزي-سافر على الفور، إلى مدينة القدس، حيث طمأن أفراد الأسرة، على سلامته، وقال لهم:(اليوم، يبدأ النضال الفعلي، ضد قوى الاحتلال. وبجب أن نعمل على تصعيد المقاومة الشعبية المسلحة، وتنظيم الناس، وتدريبهم على حمل السلاح، والإسعافات الأولية).
جمع الشهيد عمر، بين النضال العسكري، والنضال السياسي بشكل خلاّق، وكان يقول:
"ليس هناك نضال عسكري، ونضال سياسي، هناك نضال ثوري، الكلمة الثورية، يمكن أن تكون طلقة، إذا كانت ذات مضمون علمي، والطلقة، يمكن أن تقتل إنساناً بريئاً، إذا لم تكن موجهة، بالشكل ألصحيح. "الفدائي الغير ثوري، والغير مثقف، لا يختلف عن أي جندي كلاسيكي عادي، وإذا لم يعمل على تثقيف نفسه، ثقافة نضالية ثورية، عليه أن يلتحق بأي جيش نظامي، كلاسيكي بالمنطقة".
شارك الشهيد القائد عمر، بمعركة الكرامة، وقاتل ببسالة وذكاء، وأصيب بيده اليسرى، إصابة طفيفة نسبياً، كان حزيناً جدا،ً ومسروراً جداً، سألته عن سبب حزنه وسروره، ولماذا هذا التغير بحالته؟؟؟ فقال لي، بأنه حزين جداً، لأنه سقط عدد كبير جداً، من الأبطال الفلسطينيين، كان الحماس عند استشهادهم، يغلب على الكفاءة القتالية لديهم، ولو أن هؤلاء الأبطال، يملكون السلاح المتطور، والتدريب العالي، لكانت الخسائر بجانبنا، أقل بكثير، مما أصابنا. أما سروره، فكان نابع من إحساسه بهزيمة العدو، هزيمة واضحة، في هذه المعركة، وأن العدو، تكبد كثيراً من القتلى والجرحى، وعدد كبير من المعدات والآليات. كان الشهيد يقول:
"نحن بحاجة إلى الكادر المقاتل، بهذا الظرف بالذات، لذا، علينا أن نحافظ عليه، ولا يجوز أن ندفع برفاقنا إلى الانتحار، فنحن، نود لهم الحياة، وأهلهم عندما خلّفوهم، خلّفوهم، لا لكي يموتوا، بل من أجل أن يعيشوا".
كان يقول لي: "من منا يحب أن يموت، ومن منا لا يحب أن يعيش، لكن، علينا أن نعيش بشرف، وأن نموت بشرف، وإذا كان لا بد من الموت، فمن العار أن تموت جباناً. ولا يجب أن نضحي برفاقنا بسهولة، فهم أعزاء على والديهم، وزوجاتهم وأولادهم، وأهلهم وأصدقائهم.
كان الشهيد، مسلح بسلاح فكري واسع وعميق، وكان ثائراً على كل القيم والعلاقات الاجتماعية السائدة، لم يكن يعتقد، بأنه يمكن تغيير الواقع بالكلام، كان يرسم ويخطط، وكان يعتبر العمل، أهم من الكلام، وكان يقول: "العبرة بالتنفيذ". وكان يقول لي دائما: " إذا لم نشارك نحن، في تحرير بلادنا، إذنْ، ممن تتوقع أن يحررها لنا؟ فلسطين تنادينا، ويجب أن نلبي نداءها".
كثير من الأهل، كانوا يتوقعوا استشهاده في كل لحظة، كلما سمعوا عن عملية فدائية، أو عن قصف جوي لقواعد الفدائيين، في شرقي النهر، كانوا يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً عليه، وكانوا يقولون له عندما يرونه أمامهم:"اعتقدنا انك ضمن الشهداء، أو ضمن ألجرحى، فكان يجيبهم ببرودة أعصاب:"أنا ضمن ستة من الأخوة، ماذا يضيركم لو استشهد أحدنا؟
فالشهادة، ضريبة علينا، يجب تسديدها نحو الوطن، كثير من الأُسَر، فقدت معيلها الوحيد، نحن لسنا بأفضل منهم".
مَن لَا يَعرف عمر القاسم، لا يعرف الحركة الوطنية الأسيرة... فهو علم من أعلامها، ورمزٌ من رموزها، وأحد بُناتها الأساسيين، وكان على الدوام، عماداً أساسياً من أعمدتها الراسخة ... فكان في حياته قائداً فذاً، ومناضلاً شرساً، وأسيراً شامخاً، ونموذجاً رائعاً، وفي مماته شهيداً خالداً، وقنديلاً لن ينطفئ نوره .
نعم، هذا هو الشهيد عمر القاسم، لمن لا يعرفه، بل يعجز القلم عن وصف خصاله، وتجف الكلمات، حينما تسرد سيرته، وتنحني القامات تقديراً، حينما تتحدث عن بطولاته ومواقفه، وليس بالضرورة، أن تكون قد عايشته في السجون، كي تتعرف على خصاله، أو أن تكون منتمياً الـى تنظيمه، كي تقرأ في أدبياتها عنه، وعن أمجاده وبطولاته ومواقفه .
قال أخي لي مرة: "إذا استشهدتْ، فلا تأخذوا ثمناً لاستشهادي، فروحي فداءً لوطني وشعبي، وأنتم أوضاعكم المالية جيدة، ولستم بحاجة إلى مساعدة مالية من أحد، دعوا غيركم يستفيد منها، فقد يكونوا بحاجة إليها أكثر منكم.
يوم اعتقاله، أعلن ناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أن القوات الإسرائيلية، اشتبكت بالسلاح، مع مجموعة فدائية مقاتلة، وتمكنت من أسر قائدها، البالغ من العمر 27 عاماً، وهو شاب مثقف، من سكان مدينة القدس، يدعى عمر القاسم.
يقول رفاق الشهيد القائد، لولا الصلابة المنقطعة النظير، التي كان يتمتع بها شهيدنا، ولولا عمق ثقافته واتساعها وشمولها، لما أمكن للحركة الأسيرة، أن تنتزع مكاسبها، وكان لاستجابة رفاقه، وزملائه، لأطروحاته السياسية والنضالية، أثر كبير في تحقيق تلك المكاسب.
كان يقول: " لست أنا المعتقل الوحيد في السجن، فكل أبناء شعبي الفلسطيني، في سجن كبير، وليس هناك فرق، بين أن تكون في سجن كبير، أو سجن صغير، فالسجن واحد".
انطلق الشهيد بنشاطه في السجن، من مقولة كان يرددها على مسمع من زملائه:
" في السجن، لا ينتهي دور المناضل، بل يبدأ، وهو نضال مكمل، ومترابط مع النضال الخارجي، ويجب أن نصمد، رغم الاختلال الحاصل، في موازين القوى.
عندما نفّذت القوات المسلحة الثورية، التابعة للجبهة الديمقراطية، عملية "معالوت"، " ترشيحا" في منطقة الجليل، كان من أهم مطالبها هو الإفراج عن الرفيق عمر القاسم. فاستدعته إدارة السجن، وعصّبوا عينيه، ووضعوه على متن طائرة مروحية، واتجهوا به إلى معالوت، ثم وضعوه على ظهر مجنزرة عسكرية، وطلبوا منه، دعوة الفدائيين، لتسليم أنفسهم "ضمن خدعة إسرائيليه، وقد رفض الرفيق عمر القيام هذه المهمة، وخداع رفاقه، وعندما ألحّوا عليه مستخدمين كافة الضغوط الوحشية، أمسك الرفيق عمر بالميكروفون، وقال لهم بأعلى صوته: "أيها الرفاق، نفذوا تعليمات وأوامر قيادتكم بحذافيرها، ولا تستجيبوا لمطالب أحد"، فما كان من الجنود، إلا أن خطفوا الميكرفون، وانهالوا عليه ضرباً، وأعادوه إلى المعتقل، ووضعوه داخل زنزانة انفرادية.
ترتقي صلابة الشهيد القائد، وهو في المعتقل الصهيوني، أثناء مقابلته اسحق نافون، رئيس دولة الاحتلال الصهيوني، وهو في السجن، في العام 1987م، حين طلب منه كتابة تعهد خطي، بعدم القيام، بأي نشاط، ضد دولة الاحتلال، مقابل الإفراج عنه، مع السماح له، بالإقامة بمدينة القدس، حيث كان موقف الشهيد، حازماً وواضحاً، عندما قال له:
"لقد أمضيتُ عشرون عاماً في الاعتقال، ولا يهمني مصيري الشخصي، ما يهمني، هو مصير وقضية شعبي، وطالما بقي كابوس الاحتلال، على صدر شعبي جاثما، سأبقى أناضل ضدكم، وسوف يأتي اليوم، الذي أتحرر فيه" من أغلالكم".
تشير تقديرات رفاق الشهيد القائد، الذين عايشوه في السجن، بأنه تمكن من كتابة ( 126 ) كراساً، عن مختلف القضايا السياسية، والمراحل، التي مرت بها الثورة الفلسطينية، وقد أطلق عليه رفاقه لقب "رائد الفكر والثقافة" بالسجون الإسرائيلية، واستحق هذا اللقب بجدارة.
شاء القدر، بأن يتوقف قلب هذا الإنسان العظيم يوم 04/06/1989م، بعد أن قدم روحه، وفكره وعلْمُهُ، فداءاً لشعبه ووطنه، وقرباناً على مذبح الحرية، وعلى طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التي شقّت طريقها أرواح وجماجم شعب فلسطين المناضل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة