الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى اين نحن ذاهبون ؟

جمال الهنداوي

2013 / 6 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تثير الاحداث المؤسفة التي تعصف بالمشهد السياسي والامني الكثير من الجدل هذه الايام –وبنحو مقلق-عن ماهية العلاقة التي تربط بين ابناء الشعب العراقي وعن طبيعة التعايش المستقبلي بين مكونات الوطن واطيافه وعن الاطار الجامع التي يجب ان نتقدم به الى الآخر القابع فيما وراء الحدود والذي يتابع نفس هذا التدافع وان كان بقلق اقل..
والمقلق في هذا الجدل انه يبدو انه قد حسم امره تجاه تثبيت صورة العراق على انه اطار قسري لجمع خليط من الاقوام والمتبنيات المتنافرة على ارضية وواقع الخلاف الداخلي المستمر مما يقدم المناخ الملائم لكل هذا الانحراف الذي نرتطم به يوميا نحو المنعطفات العنصرية والطائفية والقبلية بسلاسة ويسر تتعارض مع الممارسة الطويلة للتعايش والتواشج المستند على وحدة الدين والتاريخ والجغرافيا.
ومثل هذا الخلل للرؤية الوطنية الجامعة يكون اكثر تطرفا وانغلاقا عند الحديث عن الوجهة الحضارية المستقبلية وعن الهوية التي نودّ أن نُعرف بها..وفي الاجابات على الاسئلة الحائرة حول من نحن، وما هو تاريخنا المشترك، وماذا يجمعنا حالياً، وما هو الرمز او الخطاب الذي يعبر عن كينونتنا الوطنية ..والاهم هو الى أين نحن ذاهبون.
لم يكن من المنتظرأن تصل الأوضاع الحالية إلى ما وصلت إليه من تأزيم لولا ذلك الاسراف في كل تلك الشعاراتية والتحشيد «الإيديولوجي» المركبة تركيبا قسريا على الواقع العراقي والتي اعتمدت الانغلاق والتقوقع والتريب المستمر من الآخر المختلف فرعيا كأساس مكين لتحليل طبيعة الوضع والعلاقات على الارض. والمؤسف ان هذا التوجه ليس ممارسة تختص بها القوى المناهضة للعملية السياسية بقدر تمددها وشمولها لفئات مشاركة محسوبة على السلطة..
الخطورة في هذا التوجه الذي اصبح يقترب من الممارسة اليومية تكمن في تذبذبه المتعدد الاتجاهات بناء على معطيات وتحولات الاحداث الاقليمية والدولية وتجاوزه لمصالح وتطلعات وآمال الشعب العراقي –حتى لدى الاطراف التي تدعي احتكار الخطاب والتمثيل الفئوي –نحو تغليب مطامح ومطامح واجندات قوى وكيانات خارجية تجد مصلحتها في استمرار التناقض بين مكونات الشعب العراقي الواحد..
قد يكون مخرجاً-ومبرئاً-للبعض احالة الاحتقانات الطائفية والايديولوجية التي يعاني منها المجتمع الى كونها ناتجا عرضيا لنشاطات بعض الاحزاب والتيارات السياسية او للممارسات الاعلامية المغذية للتقاطع الفئوي وتغليب الاطار النمطي للمجتمع ..ولكن هذا لا ينفي انه سيكون من الاجحاف الشديد نقل هذه الامور من خانة العوارض الى المسببات..
فلن نكون مجانبين كثيرا للصواب لو توجهنا باللوم الى الهيكلية السياسية واسلوب ادارة العملية السياسية في العراق ضمن اطارها المؤسسي في الدولة، وتهاونها في تحصين المجتمع من انعكاسات هذه العوارض والتفلتات على المجتمع والحياة العامة والى هذه الدرجة من السوء الاقرب الى التخريب المتعمد..
وان الدولة مطالبة في ان تزامن جهدها الامني في محاربة قوى التطرف والارهاب مع مناهضة الخطاب الافنائي المتطرف المتصاعد من جميع القوى والكيانات السياسية رغم تباين طروحاتها ورؤاها ومتبنياتها الايديولوجية..
ان الدولة مطالبة بتخليق واستنباط الوسائل التي تحقق الاندماج بين جميع اطياف الشعب واعلاء الشعور بالمواطنة الحرة الجامعة ..بدلا من الانحدار نحو الانتماءات الطائفية والعرقية المشظية لمجمل التاريخ النضالي المشترك لقوى الشعب ضد الديكتاتورية والاستبداد وسياسات الاقصاء والتهميش والاستئثار..وعلى الدولة ان تكون الوعاء الحاضن للجميع ..وان تحافظ على مسافتها من الجميع ..وان تكون الخيمة التي يستظل بها الجميع..
نعتقد ان الأوان لم يفت بعد على ان ننفتح على إمكانات التواصل مع بعضنا بعضا..وان الدولة ما زالت في الموقع الذي يؤهلها للمبادرة في اعلاء مبدأ سيادة القانون وحل الخلافات عن طريق احترام الدستور والاحتكام اليه واشاعة ثقافة مناهضة لممارسات القوى المعادية للحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والتي تجد في عتمة الغبار التي يثيرها التعثر الرسمي في حل التناقضات السياسية وسيلة مثلى للامعان في سياسات التشهير والتشطير عن طريق اشاعة العنف والتخريب والتحريض وانتهاك حقوق المواطنين و تحشيد الكتابات المتطرفة التي تحاول ربط مجريات الأوضاع الداخلية بما يدور حاليا على المستوى الإقليمي أو العالمي.
واننا نستطيع من خلال الحوار والمكاشفة والاحتكام الى الآليات الديمقراطية والدستورية ..ان نعمل على معالجة المتعلقات والمخلفات التي ما زالت تحتاج الى الكثير من البحث والدراسة المعمقة والواعية والمستندة الى الوضوح والشفافية والطرح الحر الشجاع..وليس عن طريق اللجوء الى استخدامات الامكانات المجتمعية والمؤسسية في ادارة النزاع والصدامات السياسية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية