الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأقصى.. وكل شبر من ثرانا..

قاسيون

2005 / 4 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


المسجد الأقصى هو إحدى القبلتين، وهو رمز ديني هام بالنسبة لجميع المسلمين، لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وللإدارات في البلدان الإسلامية، وخصوصاً التي تدعي تطبيق الشريعة الإسلامية، أو التي تبث أقنيتها الفضائية المواعظ الدينية ليل نهار، وللأصوليين الإسلاميين على اختلاف تلويناتهم.
المسجد الأقصى مهدد من قبل المتطرفين الصهاينة، الذين ينوون هدم المسجد وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه. وفي كل مرة تظهر نية هؤلاء في العلن، يسمع المرء هدير احتجاج، وشجباً، وتهديداً.
طبعاً الاحتجاج والشجب ضروريان، ولكن يتساءل المرء، أليس احتلال القدس نفسها هو مساس بالأقصى؟ اليس تهويد المدينة هو مساس بالأقصى؟ أليس قضم أجزاء الأقصى هو مساس بالأقصى؟ أليس حفر نفق تحته هو مساس بالأقصى؟ أليس حصاره ومنع الناس من الصلاة فيه هو مساس بالأقصى؟ أليس ضم القدس على إسرائيل هو مساس بالأقصى وبالرموز الدينية الأخرى؟ ألا ينطوي الضم على ضم الأقصى على إسرائيل، رغم الإطار الوقفي المحيط به؟
وهناك ما هو أخطر من ذلك: إن إبادة الفلسطينيين الجارية حالياً لا تعني فقط قضية إنسانية، أو قضية قومية أو عدواناً استعمارياً استيطانياً، وإنما تعني أيضاً القضاء على ما يرمز له الشعب الفلسطيني من تاريخ وقيم ومؤسسات، ومن الجملة الرموز الدينية، التي محورها المسجد الأقصى. وذلك، كما قضى الغزو الأوربي لأمريكا على الهنود الأمريكيين (الهنود الحمر)، وعلى ما يرمزون له من تاريخ وقيم ومؤسسات.
لقد أنشئت لجنة القدس، فماذا فعلت، وهل بقي أحد يتذكرها؟
والجامعة العربية، ماذا تؤلف القضية الفلسطينية بالنسبة لها؟ وماذا يؤلف احتلال العراق، واللعب بأوراق لبنان؟ ماذا تؤلف القضايا العربية عموماً بالنسبة لها؟ هل هناك أي نية ولو بعيدة لدى الجامعة، أو لدى الإدارات العربية للدفاع عن النفس، في ظل التهديد القائم والمسلط على رؤوس كل تلك الإدارات دون استثناء؟
هل هناك من أوراق للمواجهة غير النفاق الديني والسياسي؟ هل الاحتجاج على المساس بالأقصى جدي؟ ماذا عن الاحتجاج على السور الإسرائيلي؟ وماذا عن الاحتجاج على الاستيطان؟ وماذا عن الاحتجاج على احتلال العراق؟ وماذا عن الاحتجاج على القواعد العسكرية البرية والبحرية في الخليج؟ هل يبقى المسجد الأقصى سالماً في يد إسرائيل؟ بمجر أنه في يد إسرائيل؟ وهل يبقى المسجد الأقصى سالماً في الوقت الذي تقع فيه المنطقة العربية كلها، بل الشرق الأوسط تحت التهديد الأمريكي ـ الإسرائيلي السياسي والاقتصادي والعسكري؟
طبعاً لا ينتظر المرء، لا من لجنة القدس، ولا من الجامعة العربية، ولا من الإدارات العربية أي جدية في الدفاع عن النفس، وعن القضايا العربية.
الدفاع عن المسجد الأقصى وعن غيره من الرموز الدينية، وعن مختلف القضايا العربية يحتاج النضال، والنضال ليس مسألة فقهية، ولو كان المسجد الأقصى رمزاً دينياً لسببين، الأول هو أن الاجتهادات الفقهية الحالية قد تأتي بالشيء وبعكسه، مثلاً: الاجتهادات الفقهية في العراق قد أتت، بمقاومة الاحتلال، من جهة، وبكون مقاطعة الانتخابات في ظل الاحتلال تعاقب بجهنم، من جهة أخرى. وعلى صعيد (الإرهاب) الذي خلقته الإدارة الأمريكية، تأتي الاجتهادات الفقهية بضرورة القضاء على أنظمة الإلحاد، والقيام من أجل ذلك بعمليات تفجير متنوعة، من جهة، وبضرورة القضاء على التطرف الإسلامي، والإرهاب الذي يتضمنه، من جهة أخرى. وعلى الصعيد الدولي أتت الاجتهادات الفقهية بالتعاون مع الإدارة الأمريكية في أفغانستان وفي البلدان الأخرى، ثم أتت بمحاربة أمريكا والعالم في حرب شمولية ضد الصليبيين. والسبب الثاني هو أنه، مع عدم نكران الدين كقوة روحية تساعد، وساعدت على النضال، فإن النضال هو أداة تحررية واستراتيجية ذات بعد إنساني. فباعتباره أداة تحررية تشترك فيه جميع الشعوب، ومن الجملة الشعب الأمريكي والشعوب الأوربية والثالثية، وإذا لم تتحد الشعوب جميعها على المدى الطويل، فإن الإدارات الاستعمارية بقدراتها العسكرية والاقتصادية والإعلامية الجبارة تستطيع القضاء على أي نضال منفرد، وباعتباره أداة استراتيجية، فإنه لا يخطىء في تحديد العدو، ألا وهو النظام الاستعماري العالمي، الذي تقوده الإدارة الأمريكية، فالتعاون مع هذه الإدارة، مهما كانت دوافعه يؤلف خطأ استراتيجياً، لا ضد شعب المرء فقط، وإنما أيضاً ضد الشعوب الأخرى. والخطأ الاستراتيجي الآخر هو عدم التمييز بين الإدارات الاستعمارية وشعوبها. إن تحالف الشعوب ضد النظام الاستعماري الدولي هو الاستراتيجية الأساسية في النضال، وبذلك فإن النضال هو ذو طابع إنساني وعالمي.
الدفاع عن المسجد الأقصى وعن الرموز الدينية الأخرى غير ممكن في حد ذاته من دون الدفاع عن القدس كمدينة محتلة، وعن الشعب الفلسطيني ضد الإبادة المسلطة عليه، وعن العراق ضد الاحتلال وضد التجزئة وضد النهب الاقتصادي، وضد الهيمنة السياسية.
وكل ذلك يحتاج النضال الوطني المتحالف مع النضال العالمي عبر مختلف التنظيمات السياسية المعادية للاستعمار.
يتمنى المرء أن يدفع الخطر المسلط على المسجد الأقصى المؤمنين إلى الانتقال إلى النضال السياسي البعيد ا لأفق، الذي وحده يحرر الأقصى والقدس، بل والعالم.
■ محمد الجندي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة