الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقطة قصيرة تعبر عن مأساة كبرى

هويدا طه

2005 / 4 / 27
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


عشنا، فاعتدنا، القضية الفلسطينية منذ نعومة أظفارنا.. حتى صارت في حياتنا شيئا عاديا.. لا تثير فينا تطوراتها إلا القليل من المبالاة! أخبارها على رأس نشرات الأخبار.. لا تثير لدينا أي تساؤل من أي نوع، لا تثير لدينا سوى.. استعجال سماع- أو مشاهدة- الخبر التالي.. لعله يكون أهم! مفاوضات.. وماذا في ذلك! عمليات فدائية.. عادي! خلاف بين الفصائل.. لا جديد! اجتياح إسرائيلي لقرية هنا أو بلدة هناك، في غزة أو بالضفة.. هذه من طبائع الأمور! تجريف للأراضي الفلسطينية، أو هدم لمنازل الفلسطينيين، أو قتل طفل هنا أو امرأة هناك.. أحداث عادية لا تستوقف أحدا، ماذا غير ذلك! امرأة تلد على حاجز تفتيش... حدث يومي، هات جديدا! أدر محطة التليفزيون.. جنازة شهيد.. مشاهد عادية.. غيره!.. مظاهرات.. وفود دولية تدلي بتصريحات عند مبنى المقاطعة.. لا بأس، زيارات فلسطينية لعواصم العالم.. ومزايدات عربية بشأن فلسطين... كذب، ماذا بعد! أخبار عن التطبيع مع إسرائيل.. وماذا في التطبيع مع إسرائيل(سياسيا)؟!.. فالتطبيع حدث منذ زمن بعيد، لا مع دولة إسرائيل فقط.. بل مع(ما تفعله بنا)دولة إسرائيل... فكل تلك المشاهد التي سربها التليفزيون إلى عقولنا.. بالتدريج البطيء.. على طريقة: جرعة جرعة.. هي أسمى آيات التطبيع! لا تطبيع أكثر من(اعتياد)صوت المسئولين الإسرائيليين.. وحفظ وجوه المسئولين الإسرائيليين.. والإنصات بلا اكتراث لمنطق المسئولين الإسرائيليين.. وهم يشرحون نبل إرهابهم.. لحماية شعبهم.. ضد إرهاب القتلة الفلسطينيين، مخترعي القنابل البشرية.. التي لا تتمتع بنبل ونظافة التكنولوجيا الحديثة عالية التقنية! فلا داعي إذن لمناقشة تلك الأشياء من توافه الأمور!
لكن مشهدين ضمن تلك المشاهد- العادية- بشأن القضية الفلسطينية، عبرا على شاشة الجزيرة سريعا.. لعلهما مختلفان.. لعلهما(مؤلمان)بأكثر مما ينبغي.. طبقا لحالة الاعتياد.. المشهد الأول كان جزء مقتطفا من حديث مستوطن يهودي، أدلى به لوكالة رويترز للأنباء.. كان حول سؤالٍ(عادي)بشأن مسألةٍ(عادية)هي مسألة إمكانية إعادة قطعة أرض فلسطينية..استولى عليها هذا المستوطن.. إلى صاحبها الفلسطيني(وكأن باقي القطع ليست فلسطينية!) قال المستوطن.. والكلمات تتدفق بثقة من خلف لحيته الطويلة:"لم يثبت تاريخيا أن أعيدت أرض تم الاستيلاء عليها.. بلا ثمن"! المشهد بدا وكأن الأمر انتقل إلى حالة(عارية)من.. اللعب على المكشوف! فليست عرضة ً لانتقادٍ أخلاقي كلماتٌ مثل(إعادة)أو(تم الاستيلاء عليها)، بل المسألة برمتها عرضة هنا لامتحان.. حول(القوة)وحول(الشروط)وحول(الثمن)، لا مجال هنا للجدل بشأن كلمات مثل(الوطن)أو(الحق)أو غير ذلك.. من تلك الأشياء القديمة!
مشهد آخر.. ليس جديدا بدوره، لكنه- لا أدري لماذا- يسبب(وخزا)في نفس من يراه، فبعد كل ما جرى ويجري للفلسطينيين.. بعد كل هذا الامتهان الإسرائيلي لأرضهم وأرواحهم وممتلكاتهم وأطفالهم وحقوقهم وتاريخهم، مر خلال الأخبار مشهد.. قد لا تزيد مدته عن أربع ثواني، آلاف العمال الفلسطينيين يتزاحمون ملتصقي الأجساد.. بوجوهٍ تفيض جوعا وحاجة.. يتجمعون عند أحد المعابر.. توسلا لنيل ترخيص العمل.. داخل إسرائيل! وحديثٌ قصير لموفاز يعلق على الأمر قائلا:" نحن نحاول أن نسهل للفلسطينيين سبل الحياة والعمل"! الوخز في نفس من يرى المشهد- بغض النظر عن تعليق موفاز!- لا يحمل لوما لهؤلاء الذين تركهم العالم.. عراة.. بل قد ينبع من تساؤلٍ حائر مؤلم: ترى أيهم يأتي أو ينبغي أن يأتي أولا.. النضال لأجل الوطن؟.. النضال للثأر وصون الكرامة؟.. أم.. يجّبهم جميعا.. ولو على حسابهم جميعا.. النضال ضد.. الجوع؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في الضفة الغربية المحتلة: سياسة إسرائيلية ممنهجة لجعل حياة ا


.. إسرائيل تصادر أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية منذ اتفاقيات




.. مشاركة كبيرة متوقعة في الانتخابات التشريعية البريطانية


.. غزة.. أطفال شردهم القصف الإسرائيلي ونازحون ينزحون من جديد




.. ماذا قدم حزب المحافظين للبريطانيين وما مصيره؟