الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في تهديدات السيد الشهرستاني لاسرائيل

حسين القطبي

2013 / 6 / 4
مواضيع وابحاث سياسية




يلاحظ الباحث العراقي د. فالح عبد الجبار ان اهم سمات "ثورات" الربيع العربي هي اندلاعها في البلدان التي ابتعدت عن شعارات العداء للصهيونية، مثل تونس ومصر التي ارتبطت بمعاهدة امنية مع اسرائيل، واتجاه ليبيا القذافي لعمقها الافريقي، وانشغال اليمن بصراعات داخلية تفاقمت اثر التوحيد القسري لليمنين، وكمحصلة: هبوط نسبة العداء للصهيونية في الوجبات الاعلامية اليومية التي يتغذى عليها مواطني هذه البلدان.

وكتأثير مباشر لهذا الانكفاء الاعلامي الى الداخل، بدأت الشعوب بالكف عن ترحيل اسباب ازماتها المعيشية الى الخارج، والى المؤامرات الاجنبية والصهيونية على وجه الخصوص، وانشغلت بالبحث عن جذورها الداخلية.

كما ان الجيل الجديد، محرك ومؤجج هذه "الثورات" لم يدمن شعارات العداءات الخارجية مثل الاجيال التي سبقته، وهذا بالضرورة قاد الشعوب الفتية في هذه البلدان الى البحث عن حلول لازماتها المعيشية في داخل بلدانها، ملقية باللوم على الانظمة السياسية الاجتماعية المهيمنة في ما تعانيه من غبن اجتماعي، ومطالبة بتهديم هذه الانظمة او تجديد بنائها.

ولاشك اذا ان تعمل الانظمة - الايديولوجية منها على وجه الخصوص - على العودة للشعارات التعبوية الموجهة للخارج - الصهيونية على وجه التحديد - حفاظا على ديمومة انظمتها السياسية الاجتماعية وهي تستشعر الخطر الداخلي، الذي تقودة فئات من الشباب المتحمس والتي تمتلك من وسائل التواصل البريدي (الالكتروني) ما ينافس قدرات الدولة نفسها ويفكك قوالبها الاعلامية الجامدة.

ومن هنا يأتي تهديد السيد حسين الشهرستاني، المفاجئ، لاسرائيل، وكأنه عودة بخطوتين الى الوراء، الى عقود خوال، حين كانت شعارات مثل هذه تحضى بصدى جماهيري.

الا ان السبب الاهم لغرابة هذه التهديدات هو ان شعارات العداءات الخارجية هي ليست من اولويات النظام السياسي في العراق اليوم، لأنه مازال يعيش في مرحلة الصراعات الداخلية، التي تسبق بناء دولة متراصة الصفوف ذات عداءات خارجية، بعد، والعراق اليوم لم يجتاز عتبة الوحدة الداخلية ولم يفكر بالعودة لصراعاته الخارجية في المستقبل القريب، لا مع اسرائيل ولا حتى مع بلدان اقل قوة في الجوار.

بينما وفي الوقت نفسه هنالك بلدان مجاورة اضحت في امس الحاجة الى شعارات تتجه وفق تلك البوصلة، خصوصا تلك التي تعاني من بوادر ربيع في داخلها، والعراق ليس واحدا منها.

لذلك فان تهديدات السيد الشهرستاني لا يمكن قراءتها الا وفق سياقات اقليمية ليس للعراق دخل مباشر فيها، قد تكون جزء من الصراع المذهبي المستعر هذه الايام في المنطقة، اي محاولة زرق المزيد من حقن "الشرعية" في جسد التوليفة الاقليمية للطائفة الشيعية، في مواجهة التسقيط والتخوين الفعال اعلاميا من قبل الجهة المذهبية الاخرى.

لماذا الشهرستاني:

المتتبع لتصريحات السيد الشهرستاني يعرفه دائما باستخدامه للغة الخطاب الاعلامي المتشنج، وقد كانت على الدوام داخلية صرفة، تبعا للضرورة التي يمليها الصراع الطائفي والقومي الناشئ منذ 2003، وقد تخصص خلالها الشهرستاني بترحيل ازمات المواطن العراقي الى اربيل، واعتبار كردستان هي السبب المباشر لانعدام الخدمات في المحافظات الاخرى بسبب نسبة الـ 17% المخصصة للاقليم، وبسبب تورط اربيل ببيع النفط "الكردستاني".

ورغم ان التعبئة التي قادها السيد الشهرستاني بالضد من كردستان، لم تحقق وبرغم الاهتمام الاعلامي الزائد بها، سوى نجاحا طفيفا على مستوى الشارع العراقي، ساعدته فيها ضروف التخندق الطائفي، الا ان الرجل يظل احد ابرع كفاءات المنطقة الخضراء في مجال التحشيد الاعلامي، يعادل "وزير اعلام غير موزر" فهو رغم تواضع مقدرته الخطابية، الا انه يتبع خطوات اكاديمية مدروسة مثل مواصلة الطرق على عقلية المتلقي برتابة ونفس طويل، الى تشخيص ملامح العدو وايضاح الصورة التي يرسمها له عبر تكرار سيناريو ثابت الخ.

وبالعودة لاراء الباحث المتخصص د. فالح عبد الجبار، اذ يبرر فشل امتداد الربيع العربي للعراق، في فبراير 2010، بأن مطاليب الشباب بتهشيم النظم السياسية الاجتماعية في بلدان الربيع العربي، قد تحققت في العراق على يد الامريكان في العام 2003، بحيث انتفت الحاجة لربيع عراقي مشابه لما هز المنطقة، ولو صح هذا التعليل فان العراق، الذي يجد نفسه في مأمن من رياح التغيير، لم يعد بحاجة الى خطاب اعلامي يتمحور حول فكرة المؤامرات الخارجية، والصهيونية، لذلك لا ارى ان تهديدات السيد الشهرستاني الاخيرة تمثل توجهات عراقية، او تشير الى ولادة خطاب اعلامي جديد في العراق ابدا.

التهديدات ليست استجابة لحاجة عراقية اذا، بل ربما هي اكثر اهمية لايران، منها لأي بلد اخر، فالثانية تعيش فترة ساخنة من التحضير لانتخابات مصيرية (بعد عشرة ايام)، تهيأ لها الاصلاحيون وكأنهم امام شن ربيع ايراني سلمي ربما تكون من تبعاته دق اول مسمار في نعش النظام السياسي الحاكم الذي يطلق عليه نظام (ولاية الفقيه)، ومن مصلحة النظام في ايران توجيه الانظار خارجيا لتوفير غطاء كاف للاجراءات الاحترازية التي تسبق الانتخابات عادة في الداخل الايراني.

الا ان هذا لا يعني بالضرورة بان السيد الشهرستاني متورط في خدمة الاجندات الايرانية في العراق اكثر من خدمته للقضايا العراقية، بقدرما يعني ان المواقف الرسمية العراقية ماتزال طرية، ليست من النضج وصلابة العود بعد لتتمكن من الحفاظ على استقلالية قرارها السياسي، وان تأثير التجاذبات الاقليمية وانعكاساتها في العراق هو اقوى من القرار العراقي ذاته.

وهنا مكمن الخطورة للتهديدات هذه، وهي انها تتزامن مع ضروف شد وتخندق اقليمي، مذهبي، طائفي، وتشير الى ان العراق غير قادر على حماية نفسه من انعكاسات هذه الضروف في الداخل، وانعكاسات الاحتراب الاقليمي الى الداخل العراقي لها من الخطورة بحيث تزيد حدة التوتر في العراق، وتعمق الشروخ بين "المكونات" التي وجدت نفسها من عقد من الزمن في مواجهة احتراب داخلي.

ولو عدنا الى رصيد السيد الشهرستاني في خطابه الدائم التشنج داخليا "عربي - كردي" في الغالب، نرى انه لم يحيد هذه المرة، فبقدر ما خدم النظام في ايران، بهذه التهديدات، اضر المواطن في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في جباليا ورفح بينما ينسحب من


.. نتنياهو: القضاء على حماس ضروري لصعود حكم فلسطيني بديل




.. الفلسطينيون يحيون ذكرى النكبة بمسيرات حاشدة في المدن الفلسطي


.. شبكات | بالفيديو.. تكتيكات القسام الجديدة في العمليات المركب




.. شبكات | جزائري يحتجز جاره لـ 28 عاما في زريبة أغنام ويثير صد