الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية العبودية القسم الثاني والأخير

اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني

2013 / 6 / 4
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ان انهيار امبراطورية ما لا يمكن ان يأتي بشكل اوتوماتيكي , بل يجب ان يكون هناك تحولات داخلية في الدولة المعنية, و ان تداعي و انهيار الدولة الرومانية بدأ يظهر في الوقت الذي لم يكن احد يلاحظ وجود اي شيء سيؤثر على هذه الدولة و يهددها.
لقد بدأ انحلال الدولة الرومانية يظهر في اواخر القرن الأول بعد الميلاد, و ذلك عندما بدأ نظام المزارع الذي يعتمد على عمل العبيد يتحلل تدريجيا, حيث لم يكن لهؤلاء العبيد اي مصلحة ذاتية في عملهم, حيث انخفض مستوى الانتاج بشكل رهيب مما ادى بملاك العبيد في المقاطعات الرومانية الى تشديد العمل على العبيد و تشدد بذلك الصراع الطبقي القائم, و قد توصل الأغنياء و اسياد العبيد في العديد من المقاطعات الرومانية الى تقسيم الاراضي الواسعة الى اراضي اصغر, و و اعطاء اجزاء صغيرة من القطع المقسمة الى العبيد للحصول منها على ناتج معين مقابل محصول عيني في بعض المزارع و مقابل ايجار نقدي في مزارع اخرى, ثم راح بعض هؤلاء العبيد يتحررون تدريجيا من العبودية و يصبحون فلاحين احرار نسبيا.
لقد تحولت هذه الأزمة الى اعصار حاد يعصف بالنظام العبودي في اوائل القرن الثالث بعد الميلاد و قد شملت جميع قطاعات المجتمع العبودي بأسره, لقد خلق الوضع التالي- وضع عدم وجود حوافز لعمل العبيد المقدمات المادية الضرورية لتحريرهم عن طريق انه قام الكثير من ملاك العبيد بالتخلي عن الاسلوب الاجباري لالزام العبيد على العمل, و بذلك تكثفت التناقضات الطبقية حيث بدأ الفلاحين الأحرار و مجاميع العبيد المحررين نسبيا و الذين عملوا في اشغال مختلفة بالانتفاض في جماهير واسعة ضد اسياد العبيد و اشتد الميل الى الانفصال في المقاطعات الرومانية البعيدة, و لعبت بعض قطاعات الجيش الروماني دورا كبيرا في دعم هذه او تلك من مجموعات المنتفضين.
لقد لعب نظام اقطاعات الاراضي التي حدثت دورا كبيرا في تحلل اسلوب الانتاج العبودي تدريجيا, فقد كان الفلاحين الموجودين في الاراضي مرتبطين بشكل كبير بها, و كان قد تحول هؤلاء الى اسرى حقيقيين للأرض التي يعملون بها, و لكن لا يمكن القول بعد , انه في هذه الفترة , اي في القرن الرابع بعد الميلاد, لا يمكن القول انه قد تحول اسلوب الانتاج العبودي الى اسلوب اقطاعي, فلقد كان النظام السياسي القائم نظام عبودي يكبح تطور علاقات الانتاج الاقطاعية, و يمكن القول في سياق هذا انه كان هناك تفتت سياسي عميق في الدولة الرومانية انذاك, فلقد كان ملاك الاراضي منفصلين عن حكم الدولة وقد راح الفلاحين الذين يعنلون في الأراضي ينحازون لملاك الأراضي المنفصلين عن الدولة, و تعمقت الأزمة السياسية و الاجتماعية في البلاد ومن مظاهر تجلي تلك الأزمة انقسام الامبراطورية الرومانية في اوائل القرن الرابع الميلادي الى شرقية و غربية.
عند الحديث عن علاقات الانتاج العبودية و النموذج الكلاسيكي لها و المتمثل في الدولة الرومانية يجب ان نذكر البناء الفوقي الذي كان سائدا في الدول العبودية, و بالأخص عناصر الادراك الاجتماعي.
ان ازدهار النظام العبودي في روما و الدولة اليونانية قد وسعت الفجوة بين ايديولوجية الكتل المستقلة و الشعوب في تلك المناطق, و بين الأيديولوجية الرسمية التي كان النظام الحاكم يعتنقها و يروج لها, و في السياق الفلسفي صراع حاد بين الفلسفة المثالية و الفلسفة المادية, حيث كانت الفلسفة المثالية دينية مسيطرة, بينما كانت المادية فلسفة تنكر الأصل الالهي للانسان و الطبيعة.
لم يكن العلم الذي ظهر اثناء تشكل المدن الاغريقية قد انقسم بعد الى فروعه المعروفة, و قد كان السبب في ضالة حجم المعرفة بسبب تخلف القوى الانتاجية, و قد بدأت الانقسامات المعرفية بعد القرن الخامس قبل الميلاد, و قد دفع العلم الى بلوغ هذا التقسيم حملات الاسكندر التي ادت الى اثراء ثقافات شعوب الغرب بالشرق, هذا العصر هو الذي جلب للعالم علماء مشهورين من امثال هيرودوت عالم الجغرافيا و ارخميدس العالم الميكانيكي., و لقد وجدت هذه الاتجاهات العلمية القادمة من المدن الاغريقية ترحيبا كبيرا في روما, وقد اسس هذا لمزيد من التطور و التقدم العلمي, و يعرف في روما ماركوس ترينتيوس كعالم عمل على الكثير من المؤلفات العلمية, و اشتهر الرومان كثيرا في علم القانون و التشريعات.
بالنسبة للفن فلقد ساهمت اليونان القديمة و روما في اغناء العالم بالكثير من الأعمال الفنية الخالدة, و لم يكن الأدب الروماني مجرد نسخة منقولة من الأدب اليوناني المعروف, بل كان لديه الاسلوب الخاص به, و من ابرز الشعراء الرومان كان كاتولوس و هوراسن, و لقد انتشر الفن المسرحي في روما و اثينا بشكل هائل جدا, و اصبح جزء لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية الى جانب الأشكال البربرية من مصارعات العبيد في الكولسيوم و الساحات المخصصة لذلك في المقاطعات, و كان هذا الشكل دارجا كأحد رفاهيات ملاك العبيد, و تطورت الخطابة ايضا في كلا من روما و اثينا كثيرا, و من ابرز المخاطبين الأقوياء شيشرون المعروف في روما. و تطور الرقص و النحت كثيرا, و لكن في غضون ازمة الدولة الرومانية في القرنين الرابع و الخامس الميلاديين شهدت تحلل كبير في الثقافة بفضل الديانة المسيحية, فقد شنت حربا قاسية ضد الفلسفة و النحت الذي كان يصور الجسد الانساني (الاثم) وضد كتب الزندقة.
يجب الحديث في هذا السياق عن نشوء المسيحية, التي ساعد على وجودها الى الصدارة حالة البؤس الشديدة للعبيد و الفلاحين و الشعب المقهور, فقد كان اسياد العبيد, و الطبقة الحاكمة يقمعون الحركات الثورية للعبيد بالمجازر الدموية الشرسة,ادى الى حالة يأس ادت بدورها الى رواج الديانات الشرقية القديمة التي بشرت للناس بحياة افضل في العالم الاخر,و لقد اخذت المسيحية الصاعدة الكثير من تعاليم تلك الديانات, و لقد كانت المسيحية في بداية نشوئها دين المضطهدين و العبيد, و لكن اعتنق المسيحية عدد من اغنياء المدن و بعض اسياد العبيد و ملاك الأراضي و الذين كانو اثناء ازمة الدولة الرومانية ضد نظام الحكم الروماني لهذا السبب او ذاك, و ادى الاستقطاب الطبقي الحاد في الدولة الرومانية و ازدياد الثروة في ايدي ملاك العبيد و ملاك الأراضي من معتنقي الديانة المسيحية الى انعزال هؤلاء و نشوء الكهنة, و فيما بعد تأسس جهاز كنسي معقد جدا, و قد حل القرن الرابع الميلادي و حل معه ترسخ المسيحية كدين رسمي مؤسسي.
ان القرنين الرابع و الخامس للميلاد شهدا ازمة عميقة و حادة لاسلوب الانتاج العبودي, حيث كانت الهندسة الزراعية و حساب الأراضي قد وصل مرحلة متطورة تطورا يتناقض مع امكانية استغلاله, و تطبيقه كان يتطلب (عامل) يهتم الى هذا الحد او ذاك بنتائج عمله, و كان اسلوب الانتاج العبودي يقف عائقا امام تحقيق ذلك, ولقد لعبت الهبات الجماهيرية, و ثورات العبيد دورا هاما في اضعاف الامبراطورية الرومانية بشكل كبير و استنزافها, و عدا الهبات الجماهيرية و ثورات العبيد في افريقيا الرومانية, و ايضا عدا الهبات الجماهيرية في الشمال في الغال و اسبانيا, كانت الامبراطورية الرومانية الغربية تتعرض لهجمات القبائل المعادية لها و المتاخمة لحدودها, و قد حاولت الامبراطورية الرومانية الغربية استخدام المرتزقة الألمان كفرق عسكرية للتصدي للقبائل المعادية و لكنها لم تفلح, و في سنة 476ميلادي, كان الميقات التاريخي لانهاير الامبراطورية الرومانية عسكريا و سياسيا , ولان اسلوب الانتاج العبودي قد وصل الى نهايته في الدولة الرومانية, فيمكن من الناحية النظرية اعتبار سقوط الدولة الرومانية اهيارا للنظام العبودي من وجهة النظر التاريخية العامة.

المصادر و المراجع:
1- المادية التاريخية لفلاديسلاف كيللة و ماتفي كوفالسون, في دراسة نظرية المجتمع الماركسية
2- تاريخ المجتمعات, خاتشيك مومجيان
3-اصل العائلة و الملكية الخاصة و الدولة, انجلز
4-تاريخ العبودية (ديمتري ديميسلوف)
5- اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | تعطل حركة الطيران في مطار ميونخ، والسبب: محتجون في


.. إسبانيا: آلاف المتظاهرين ينزلون إلى شوارع مدريد للدفاع عن ال




.. لماذا تتبع دول قانون السير على اليمين وأخرى على اليسار؟ | عا


.. مظاهرات في القدس تطالب بانتخابات مبكرة وصفقة تبادل والشرطة ا




.. Boycotting - To Your Left: Palestine | المقاطعة - على شمالَِ