الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرفسنجاني مجددا..فشل البدائل أم اللاخيار؟

نزار جاف

2005 / 4 / 28
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



عودة السيد علي أکبر هاشمي رفسنجاني الى دائرة الاضواء مجددا(من خلال ترشيح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية)، لاتعني إطلاقا إنه کان خارج دائرة اللعبة السياسية الايرانية، أو إنه کان لايحرک خيوطا من خلف الکواليس. الرفسنجاني الذي يتميز بکونه من أکثر قادة الثورة الايرانية راديکالية و براغماتية، عاصر أهم مراحل الثورة و شارک في أکثر أحداثها إثارة و سخونة و إستطاع بإبتسامته التهکمية و تصريحاته الذکية التي تحمل قدرا کبيرا من الحنکة السياسية، أن يدفع خصومه للإعتقاد بکونه يجنح للإعتدال و القبول بالحلول الوسطية. إلا أن ثعلب السياسة الايرانية کان دوما يستفاد من عاملي الزمن و ليونة الخصم لينقض عليه و يدفعه إما الى الإنزواء أو الإنبطاح أمام طموحاته. والحق أن الرفسنجاني الذي تقلد منصب رئيس مجلس الشورى"البرلمان الايراني" لسنين طويلة و منصب رئيس الجمهورية لدورتين کاملتين، يتمتع بسطوة و نفوذ لا تتوفران لغيره من رجال الدين من قادة الثورة(فيما عدا السيد علي الخامنئي)، ويعتقد معظم متتبعي الشأن الايراني أنه لو کان آية الله بهشتي(الذي أغتيل في حادثة تفجير مقر الحزب الجمهوري الاسلامي) حيا، لما سنح القدر للرفسنجاني أن يلعب هذا الدور المتميز و الواضح على الصعيدين الداخلي و الخارجي. ولعل إصطفاف الرفسنجاني"رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام حاليا" الى جانب السيد علي الخامنئي کان يدل على بعد نظر ثاقب سيما حين ساهم بإزاحة آية الله العظمى المنتظري من دائرة الضوء والدور النشيط الذي لعبه في إختيار السيد علي الخامنئي کخليفة للإمام الراحل. وحقيقة الامر أن الرفسنجاني ليس بذلک السياسي التقليدي الذي ينتهي دوره بإنتهاء منصبه السياسي، وقد دلت سطوته طوال السنين الماضية إنه يستمد قوته من قنوات اخرى غير المنصب أو حتى حزب معين، ونظرة متفحصة الى من تقلدوا بعده لمنصبي رئيس مجلس الشورى و رئيس الجمهورية، تبين أن حالة السيد رفسنجاني تحمل خصوصية معينة لاتتوفر إطلاقا لغيره. وحين تم إنتخاب السيد محمد خاتمي محله، راهن الکثيرون على السيد خاتمي سيما وأن الرجل قد حمل راية الإصلاح ومنى بها الشعوب الايرانية التي کانت"ولاتزال" تعيش ظروفا إقتصادية و سياسية صعبة. إلا أن السيد محمد خاتمي قد إصطدم منذ البداية بسد منيع تمثل في الرکائز الاساسية للنظام نفسه، وتبين أن حظ نجاح السيد خاتمي في مهمته الإصلاحية تشبه کثيرا حظ ذلک الذي" يحاول في يوم ريح أن يجمع دقيقا منثورا وسط شوک"، ويحاول البعض من المعنيين بالسياسة الايرانية أن يرجعوا سبب إخفاق السيد خاتمي في إصلاحاته، الى السيد رفسنجاني. ويطرح هؤلاء المعنيون مبررا يحمل قدرا لا يستهان به من القوة مفاده أن النجاح الحقيقي للسيد خاتمي معناه تقليم أظافر النظام الاسلامي في إيران والذي يعني تحديدا تضيق الخناق على رجال الدين و دفعهم الى زاوية قد تصبح ذات يوم فاتيکانية! والذي يدعو للثقة بهذا الإدعاء، هو أن السيد رفسنجاني نفسه کان يحرک الخيوط خلف الکواليس من خلال ساسة محسوبين عليه ضد الإصلاحين الخاتميين کما إنه ذاته الذي کان يتدخل في الاوقات الحرجة لدى المرشد الاعلى لکبح جماح الاصلاحين على الاصعدة المختلفة. فيما يرى رهط اخر الامر من زاوية اخرى قد تتباين بعض الشئ في بعض من الشکليات لکنها لاتختلف من حيث الجوهر، هؤلاء يعتقدون أن السيد رفسنجاني لايريد لعملية الاصلاح" التي کان من أوائل الداعين لها بإسلوبه الخاص" أن تتم على يد غير يده هو شخصيا، وقد تکون حملته الإصلاحية تحمل قدرا کبيرا من الجرأة التي ترافقها جملة من التغيرات التي تثلج صدر الشارع الايراني. بيد أن الذي يدعو للجم هذا التصور و رفضه، هو أن السيد رفسنجاني ذاته من بناة و مؤسسي النظام الجمهوري الاسلامي في إيران، وأن الاصلاح کلمة موجهة بالاساس لقادة النظام الذي هو قطب أساسي من أقطابها البارزين. وبرغم المبررات و المسوغات المتباينة التي تطرح على الساحة لإعادة ترشيح السيد رفسنجاني، فأن عامل الظرف الحساس الذي تمر بها المنطقة" و إيران من ضمنها" والتهديدات التي مافتأت تتوالى على دول محددة تأتي إيران على رأسها جميعا، هما السببان الحقيقيان المباشران لعودة الرفسنجاني الى ثاني أهم منصب سيادي "بعد المرشد الاعلى" في الجمهورية الاسلامية الايرانية. ولئن نجح الرفسنجاني خلال مراحل صعوده السياسي وإستطاع الإستحواذ على عدة مناصب مهمة و حساسة في إيران، إلا أن ذلک لايعني بالمرة أن عهده(لاسيما الرئاسي) کان ميمونا وأنه کان موفقا في دفع عجلتي السياسة و الاقتصاد الى بر الامان. إذ أن معظم المعظلات السياسية و الاقتصادية الحالية هي من ترسبات فترتي رئاسته والتي أطلق خلالهما عليه لقب (راعي إعادة البناء)، فقد شهدت تلک الفترتين أخطاءا سياسية و إقتصادية جمة لم يکن بالامکان إخفائهما طويلا. وقد يکون مشروع "مترو طهران" مثال حي يروي بؤس التخطيط و المتابعة الاقتصاديين في إيران، إذ شهد هذا المشروع تعثرات و معوقات جمة ترتبط جميعها بالفساد الاداري و الاقتصادي المهيمنين على الدولة الايرانية. والواقع لم يسهما أي من فترتي رئاسة السيد رفسنجاني بتحقيق ولو شئ يسير من الرخاء الاقتصادي، وإنما إزداد الطين بلة و تعقدت الحياة المعاشية للفرد الايراني کثيرا مع الارتفاع الجنوني للأسعار والتي بلغت مديات من الصعب على العائلة الايرانية ذات الدخل المتوسط أن تتکيف معها. وإذا کان السيد محمد خاتمي قد يستطاع ولفترة ثمان سنوات عجاف أن يسير الوضع الايراني بالتمني، فأن مهمة السيد رفسنجاني سوف لن تکون بتلک السهولة التي قد يتصورها البعض. محمد خاتمي الذي سوف يودع القصر الرئاسي، مازال الکثيرون من المحللين السياسين ينظرون إليه کحصان طروادة للنظام نفسه، وأنه(أي الحکم الايراني) قد حاول(من خلال خاتمي) طرح بديل"مفذلک" بعض الشئ الى الشارع الايراني الذي بات يتململ بوضوح و يعرب عن إستياءه لما آلت إليه الاوضاع من سوء، لکن الذي حدث هو إخفاق البديل و ظهور عجزه الواضح أمام المراکز القيادية الاخرى في إيران والتي لم يشأ السيد خاتمي على الاصطدام بها ودفع الاحداث الى خطوط قد تصل الى الحمراء. لکن السؤال هو ماذا عن السيد الرفسنجاني؟ هل سيعاود لعبة الاصلاحات على طريقة "الاصلاح الذاتي"؟ أم إنه سوف يباشر باللعبة على الطريقة الواقعية وهو أمر قد يکون المستحيل بعينه!
کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يتسبب بإقالة سفير بريطانيا لدى #المكسيك #سوشال_سكاي


.. فيديو متداول لطرد السفير الإسرائيلي من قبل الطلاب في جامعة #




.. نشرة إيجاز - مقترح إسرائيلي أعلنه بايدن لوقف الحرب في غزة


.. سلاح -إنفيديا- للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي




.. -العربية- توثق استخدام منزل بـ-أم درمان- لتنفيذ إعدامات خلال