الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تزويج الضحية للجلاد، مكافأة وليس عقاب

محمد صالح

2013 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


تقدم المستشارون البرلمانيون (أحمد الزيدي، إدريس لشكر، رشيدة بنمسعود، عائشة لخماس، حسن طارق، أحمد رضى شامي، السعدية الباهي، حسناء أبو زيد، رشيد حموني، الحسين ودمين، علي اليازغي و عبد الخالق القروطي)، بمقترح قانون يرمي إلى تعديل الفصلين 475 و 485 من مجموعة القانون الجنائي المغربي في 20 مارس 2012 بعد أن طفى إلى سطح نقاش كبير، خاصة في العلاقة مع الفصل 475، نتيجة إقدام الفتاة القاصر أمينة الفيلالي ، التي تمّ تزويجها من مغتصبها، على الانتحار ، وما نتج عن ذلك من غليان حقوقي بالمجتمع، حيث أقدمت مجموعة من المنظمات النسائية والحقوقية على تنظيم وقفة إحتجاجية أمام البرلمان للمطالبة بتعديل قوانين الإغتصاب، كما أصدرت منظمة طلائع المغرب بيانا في الموضوع تعتبر فيه أن التعديل أمر لا مفر منه ، إضافة إلى الدور الكبير الذي لعبته الإعلام سواء على المستوى الوطني (مقالات في الجرائد الوطنية، برامج بقنوات الوطنية والتطرق للموضوع من خلال نشرات الأخبار...) أو الإقليمي والدولي (حلقة خاصة في برنامج "عن قرب" بقناة md1 tv، ربورتاج لقناة tv5 monde، قناة CNN، جريدة الشرق الأوسط...) وكذا الخطوة التي قام بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان المتمثلة في زيارة وتعزية عائلة الضحية .
كل هذه التحركات كانت تعتبر النصوص القانونية الجاري بها العمل، بمثابة مشجع للمغتصبين على ارتكاب جرائم الاغتصاب، لأن أغلبهم يفلتون من العقاب باختيارهم الزواج من “الضحية”، وهو حل غالبا ما تقبل به أغلب العائلات تجنبا لـــ “الفضيحة”.
وبعد مخاض طويل دام عدة أشهر بين الحكومة في شخص وزير العدل وأعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين، بدأت معالم الإستجابة تلوح في الآفق، حيث بدأت تصريحات المسؤولين تنم عن إستعداد الحكومة للتفاعل الإيجابي مع المطلب، فقد سبق للوزير مصطفى الخلفي أن إعتبر الإنتحار حدث مؤلم، وأن القضية لا يمكن تجاهلها، وأكد ان الحكومة تفكر في تغليظ عقوبة المغتصب . قبل أن تشير الحكومة في بيان لها بالإيجاب ، وبقبول المقترح الذي تقدم به المستشارون المشار إليهم أعلاه، والمتعلق بحذف الفقرة الأخيرة في الفصل 475.
هذا المقترح الذي تمت المصادقة عليه في جلسة عمومية بغرفة البرلمان يوم الثلاثاء 22 يناير 2013، وحضي بتنويه كبير من طرف العديد من فعاليات المجتمع المدني، إذ أشادت سندس صبري بالتعديل، شأنها في ذلك شأن خديجة الرياضي التي صرحت بأن :" ما حدث أمر إيجابي لكنه لا يلبي جميع مطالبنا... فلابد من إصلاحات جوهرية في القانون الجنائي، لأنه يكرس التمييز ضد المرأة..." وغيرهم من المناضلين وممثلي المجتمع المدني الذين ذهب أغلبهم في نفس الإتجاه .
ويهم هذا المقترح إلغاء وحذف الفقرة التي تسمح لمن اختطف أو غرر بقاصر إذا تزوج بها بعد ذلك بالافلات من العقوبة، وهي الفقرة التي أثارت حفيظة عدد كبير من المنظمات الحقوقية داخل الوطن وخارجه، كما أثارت غضب الهيئات النسائية وتسببت في انتحار عدد كبير من الفتيات اللواتي وجدن أنفسهن ضحية تشريع غير عادل يرسخ قيم الميز ودونية المرأة والخدش في كرامتها .
وانطلاقا من مبدإ قدسية الكرامة الذي لا يمكن السماح بإخضاعه إلى المفاوضات بعد خدشها تحت ذريعة تجنب العار والفضيحة أو ذريعة الأعراف والتقاليد أو ذريعة الحكم المسبق على الفتاة بأن أحسن حال لها هو أن تتزوج ، ولو كان ذلك عن طريق التغرير والاختطاف أو ربما الاغتصاب .
وأمام كل هاته المبررات فإنه لم يعد يمكن للقانون الجنائي المغربي أن يتضمن مثل هذه الأحكام بأي وجه كان، لذلك عمل عدد من البرلمانيين على طرح هذا المقترح بعد أن أثــثوا له بما يكفي من المبررات الحقوقية والقانونية والاجتماعية بجانب المعطيات الاحصائية – 34 ألف فتاة قاصر تزوجت خلال 2010 ومعضم هذه الزيجات جرت في القرى والبوادي ، إضافة إلى ما تستلزمه التزامات المغرب في إطار المعاهدات والمواثيق الدولية، وما تقتضيه إصلاحات البلاد من ضرورة تطوير منظومة قوانينه تحصينا ودعما لموقفه التفاوضي في مختلف مجالات علاقاته الدولية مع شركاءه.
ولقد ارتأت الحكومة أن تبادر إلى تتميم مقترح القانون بتعديل من طرفها يسعى إلى تشديد العقوبة كوسيلة لحماية القاصرين، فأضافت ثلاث فقرات تتعلق الأولى بمضاعفة العقوبة الحبسية إذا ما ترتب عن الاختطاف أو التغرير علاقة جنسية، ولو برضى القاصر أو هتك العرض المنصوص عليه في الفصل 488 من القانون الجنائي، برفع العقوبة القصوى إلى 10 سنوات.
أما الفقرة الثانية فتتعلق بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في الفصلين 485 في فقرته الثانية والفصل 486 في فقرته الثانية – حسب الأحوال- إذا ترتب عن الاختطاف أو التغرير هتك العرض بالعنف أو الاغتصاب، أي تحديد العقوبة بالسجن من عشر إلى عشرين سنة .
أما الفقرة الثالثة فهي تتعلق بالحالة التي ينتج فيها وقوع الافتضاض في حق المجني عليها، فإن العقوبة تصل إلى ثلاثين سنة.
إذن من خلال تتبعنا للمسار الذي قطعه هذا القرار، يتضح بالملموس الدور الكبير الذي لعبه المجتع، الذي أثر بمختلف مكوناته (فاعلون جمعويون، مواطنون، وسائل الإعلام ....) على الحكومة ولم يترك لها أدنى خيار غير الإمتثال إلى إرادته والإستجابة لمطلبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رد فعل لا يصدق لزرافة إثر تقويم طبيب لعظام رقبتها


.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصفه بنى تحتية عسكرية لحزب الله في كفر




.. محاولات طفل جمع بقايا المساعدات الإنسانية في غزة


.. ما أهم ما تناوله الإعلام الإسرائيلي بشأن الحرب على غزة؟




.. 1.3 مليار دولار جائزة يانصيب أمريكية لمهاجر