الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تعيد المصافحة للعراقيين قتلاهم؟

احمد عبدول

2013 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


استقرت الأمور, وارتفعت الشرور, وغيض المحذور , وقضي الأمر واستوت سفينة العراق على جبل الأمن والأمان والسكينة والاطمئنان ,حالما تصافح القادة السياسيون,والفرقاء المتخاصمون , على ضوء مبادرة السيد عمار الحكيم الذي بدأ متفائلا مبتسما مطمئنا بجمع القوم ممن اختلفت وجهاتهم وتباينت توجهاتهم وتقاطعت مبانيهم والتوت مقاصدهم .قضي الأمر واجتمع القادة السياسيون تحت سقف مصالحهم ومظلة طموحاتهم فتصافحوا وتحاضنوا فقبل بعضهم بعضا وشم بعضهم ريح بعض لترتد إليهم إبصارهم وتفتح بصائرهم ويجدوا ما ظل عنهم من رشد وحق وصواب . قضي الأمر وكأن شيئا لم يحصل وكأن امرا لم يقع .قضي الأمر فالتمّ شمل الساسة ورتق فتق القادة فعادت الأرواح التي زهقت والجثامين التي شيعت الى أهليها وذويها راضية مرضية بعد ان تجرعت كأس المنون غصة بعد غصة .قضي الأمر فانتصب القادة السياسيون فوق أرائكهم مسرورين متقابلين وادعين أمنين فاكهين وقد تبادلوا التحيات وتماثلوا القبلات ,وتعاطوا كؤوس التفاؤل والمسرات ,فهم في عيشة راضية قطوفها دانية , وكأن سرادقا لم تنصب ومأتم لم تقام على مدى الأسبوعين المنصرمين على امتداد الشوارع والأرصفة والساحات العامة .قضي الأمر وكأن رؤوسا لم تتهاوى ,وأشلاء لم تتطاير ,وأيدٍ لم تقطع , وأطراف لم تبتر, وعيون لم تفقأ, ومساجد لم تدمر فوق رؤوس من يؤمها للصلاة والدعاء والتبتل والتوسل .قضي الأمر على ضوء مبادرة السيد الحكيم لترتسم على وجوه القادة السياسيين ابتسامات عريضة وامال مشرقة تتعهد لهم بالبقاء على سدة الحكم وتسنم دفة الامتياز والأبهة والصولجان الذي يوفر لهم مناخات العز والجاه والرفعة والرفاهية .قضي الأمر عندما أخذ السيد رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة أخيه في الله والوطن والإنسانية رئيس مجلس النواب السيد أسامة النجيفي في الأحضان فكانا جسدين بروح واحدة ونفس واحدة ونبض واحد .قضي الأمر في الوقت الذي بقيت فيه بنات (زكية )الثلاث وجميعهن دون سن العاشرة بانتظار والدتهن التي تقوم بإعالتهن بعد ان قتل زوجها على الهوية في أحد ضواحي بغداد .قضي الأمر عندما تصافح القادة السياسيون بينما أخذ وجهاء المحلة وأهل الطرف يبحثون عن بقايا للشهيدة (زكية )الذي تطاير جسدها النحيف بتفجير سيارة مفخخة ضمن تلك السيارات الستة عشر التي تفجرت على العراقيين خلال العشرة أيام الماضية .قضي الأمر عندما تصافح القادة السياسيون في الوقت الذي فشل فيه وجهاء المحلة وأهل الطرف في العثور ولو على ظفر من أظفار (زكية )التي تبيع الخضراوات في احد الأسواق الشعبية ليتخذوا منه ما يصلح ان يقام عليه قبر في ارض النجف يحمل اسم (زكية )ضمن ألاف الأسماء ممن تقطعت أوصالهم جراء رسل الموت من المفخخات والأحزمة والعبوات الناسفة .قضي الأمر بعد ان تصافح القادة فشربوا نخب المصالحة على حساب كؤوس الدماء المسفوحة التي ارتوى منها ذوي الشهداء والضحايا ممن خرج من داره قاصدا أبواب الله للرزق ليعيل ذويه ويقوت عياله حتى إذا ما رجع إليهم رجع جسدا متفحما لا يعرف له رسم ولا يستدل له على اسم .والسؤال الذي يطرح نفسه وبقوة بعد سلسلة تلك التفجيرات والمذابح وعمليات الإبادة الجماعية التي ضربت العراق من أقصاه الى أقصاه هو هل ستعيد عملية المصافحة وتبادل القبل الحارة بين هؤلاء الساسة الذين سارعوا لتلك الصفقة كطيرة الدبا وتهافتوا على تلك اللعبة كتهافت الفراش ,هل ستعيد تلك المصافحة الباهتة في اسلوبها ومضامينها لذوي المقتولين قتلاهم ,هل ستعيد تلك المصافحة المفتعلة المتكلفة المتصنعة لذوي الضحايا ضحاياهم ,هل ستعيد تلك المصافحة الخالية من الشعور بالذنب الكبير والجرم المشهود (زكية )لبناتها الثلاث اللواتي ينتظرن والدتهن نهاية كل يوم وقد جلبت إليهن حاجة مما يطلق عليه جوه السوك ( الحاجة بربع ) .كلا وألف إلف كلا. فقد أدمن هؤلاء القادة صنوف المجاملة وأجادوا ألوان المناورة واحترفوا اشكال المقامرة ,ما دامت تلك الدماء المسفوحة بعيدة عن أبنائهم وفلذات أكبادهم وثمرات أفئدتهم .لقد سئم العراقيون من أساليب المجاملة وضروب المآدب وضاقوا بالأمر ذرعا لأنهم قد جربوا تلك الأساليب مرارا واختبروها مسبقا فلم تجر عليهم سوى القتل والويل والثبور والشرور .لقد فرح القادة السياسيون بتلك المبادرة التي ستضمن لهم فترة أطول على قمة هرم الامتياز والاحتكار والتنعم بما لا عين رأت أو إذن سمعت أو خطر على ذي بال .بينما بقي ذوي الضحايا هائمين حائرين يلطمون الوجوه ويشقون الجيوب جزعا على قتلاهم ويأسا من عودة أحبتهم .
لذا على عموم إفراد الشعب العراقي بكل مكونات طيفه الاجتماعي من جنوبه الى وسطه الى غربه ان يحدد موقفه مما يحل بساحته من ظلم وقتل وانتهاك لكرامة الفرد والجماعة من هؤلاء الذين تاجروا بدمائنا من ساسة وما هم بساسة وقادة وما هم بقادة على عموم إفراد الشعب العراقي المظلوم ان يحدد موقفه في ظل تلك التداعيات الجسيمة في ان لا يعود مرة أخرى لانتخاب من زايدوا على مصير أبنائه وتصافحوا على حساب دماء وإعراض وأموال مواطنيه وأخيرا فلا بد من التذكير بتلك المقولة العظيمة للإمام علي بن أبي طالب حيث يقول (فلو ان امرءا مات بعد هذا أسفا لما كان به عندي ملوما بل كان به عندي جديرا ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل الفلج.. مغامرة مثيرة لمصعب الكيومي - نقطة


.. رائحة غريبة تسبب مرضًا شديدًا على متن رحلة جوية




.. روسيا تتوقع «اتفاقية تعاون شامل» جديدة مع إيران «قريباً جداً


.. -الشباب والهجرة والبطالة- تهيمن على انتخابات موريتانيا | #مر




.. فرنسا.. إنها الحرب الأهلية!