الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنسان التحرر لا إنسان الخضوع.

رضا كارم
باحث

2013 / 6 / 5
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


الديمقراطية عمل صناعي غير طبيعي و لا تلقائي. تهذيب للحالة الطبيعية المتأسسة على غلبة الاقوى جسميا. لم تعن في عصرنا ، غير إدارة اختلافات ما، و تهيئة الواقع لعمليات اختيار "حرة" لقيادات سياسية تؤمّن السيادة و الحكم ، و تضع القانون و الشروط الضرورية "للمواطنة". المأزق الخطيريكمن في تلك الاختلافات، التي يشكل كثير منها مناخات تهيئ لحرب ضروس . و ليس أبرز من الاختلافات الحدية الطبقية، بين محتكرين للثروة و الفرح المؤثث بالملذات ، و صانعين للثروة يشاهدون انصرافها عنهم إلى بطون و جيوب أُخر.
إن هذا الاختلاف الارضي الكبير لا يمكن أن يدار بغير الثورة و أداتها الحرب. و لذلك ليست الديمقراطية في راهننا ، غير تدوير الزوايا الطبقية ، لتمرير هيمنة الطبقة السارقة الفاسدة،
ومزيد تشيئة الغالب الأغلب من الناس .بل لعل العلم و الفكر عموما، بات سبيلا آخر لصناعة حروب تموه على الحرب الكبرى.
العلم بات النتاج التجريبي و الأكسيومي لإديولوجيا الهيمنة ممثلة في العولمة و القوى الاستعمارية ، التي جددت وسائل استغلالها وحربها على الإنسانية، باستعمال التقنية و النمذجة المعرفية و استتباعاتها الدغمائية الإديولوجية.
هينتينغتون و فوكوياما و محمد أركون في زاوية من زوايا كتاباته، أمثلة لهذه اليقينيات الميكانيزم، التي أفرغها الواقع من جذوتها الدلالية.
أين إسلام هينتنغتون و صراع حضاراته؟ كيف تكون الشركات العابرة للقارات و المحتكرة للربح
و المقصية للبشرية، رائدة لحضارة ما؟ أية حضارة يناقضها إسلام هذا الهينتينغتون؟
هل هذا مفكر أم جاسوس؟
و أركون الذي كتب الإسلام الفرنسي في مؤلفه الشهير : تاريخ الإسلام و المسلمين في فرنسا، الذي قدم له جاك لوغوف، هل أثرت فيه أحداث 11سبتمبر لدرجة ترك عقله و مناهجه ، و الانسياق خلف الاستعمار الفرنسي الذي شوه ماضيه و حمله من مستوى إبستيمي معين، إلى حقل دغمائي مسيج بثبوتيات و أرثوذكسيات "المسيحية"؟
فوكوياما الذي ناقض هينتينغتون ، هل تمكن من فضح الصراع الطبقي؟ بل هل هو مهيأ لهكذا نتائج؟ إنها إديولوجيا الفراغ الفلسفي و العبثية الإيتيقية، إديولوجيا السراب و التمويه و الاختباء. و هي إديولوجيا لتبرير الهيمنة و تسهيل بلع "الضادات " الأخلاقية و حتى الإيتيقية للرأسمالية.
ليست الديمقراطية غير شكلنة لسياسات تهدف الى تسيّد الكون . و هي معضودة ب"تقنيات" مختلفة للاحتكار و الإقصاء و الاستعباد ، تشكل عالما من الظلام و القتل المقنن.
ليست الأديان وحدها من تؤسس لظلمة الواقع من خلال أدبياتها المحتكرة للنجاة و الرافضة للآخر. الماركسية اللينينة التي قصفت ملايين الناس، و الرأسمالية التي نشأت متوحشة و هي تقتل منذ عقود الملايين و تخفي اسلحة الجريمة بعناية، تزرع هي الأخرى الظلام الأرضي. و إذا كان هينتنغتون خارجا عن الموضوع ، فإن أهم برهان يتمثل في التماهي الموصول بالتماثل في مستوى ناتجات احتكار الدين و الرأسمالية للحقيقة و السلطة و إرادة الهيمنة و نزعة الاستبداد .
انظر كيف يهرول أصحاب الطرح الديني خلف الديمقراطية. من إيطاليا و ألمانيا إلى إيران
و مصر و تونس إلى ماليزيا و أمريكا...المسمون "محافظين" ينهلون جميعا من عيون الإقصاء رفض الإنسانية . و يهتمون تماما بالديمقراطية التي تمنحهم شرعية متجددة لمواصلة الوجود.
لا يهم أن يربحوا بقدر أهمية الاعتراف بهم ك"محاولات سياسية" للوصول الى السلطة عبر الديمقراطية ...و ماذا يفعلون غير تكرار التبرير ، و إبداع المناهج و الوسائل المسهلة للبلع.
لقد تحولت الديمقراطية و الدين و العلم إلى أسواق ترويجية للرأسمالية ، و شركات ذات أصول "نظرية" تسند المؤسسات المالية الاستعمارية في العالم ، و الشركات متعددة الجنسيات
و متعددة الأهداق الاأخلاقية .
ديمقراطية من و ماذا ؟ ديمقراطية اختلاف من مع من؟ إدارة أي اختلاف، و بأية وسيلة؟
بل من يصنع الديمقراطية؟ من يراقب نتائج الانتخابات؟ من يصدر أحكاما حولها؟
أ ليس جيمي كارتر ؟ أ ليست فريدم هاوس التي كونت سمير ديلو و محسن مرزوق على سبيل الذكر؟ الديمقراطية التي تجعل حزب الله و المستقبل و القوات اللبنانية يفوزون؟
الديمقراطية التي تترك الساحة للتجمع في مصر و تونس و البعث في سوريا؟
مزيفة أو نزيهة، ديمقراطية بشار أو ديمقراطية بني ظلام ، النهاية واحدة، صناديق اختيار
و صناديق اختبار. اختيار وحوش بأنياب أفضل، و اختبار إنسانية فقدت شروط إنسانيتها. صناديق من يدفع أكثر، من يقبل سعرا أقلّ، من يبيع جسد الاستسلام و يعرّي جسد الخنوع.
لذلك كل ما يعتبر اختلافا و ما يجترح في سبيله من حوارات و مفاوضات لإدارته و إيجاد صيغ تواصل رغمه، ليست غير مجموعة من السياجات الخادعة و الأقواس المموهة على الحقيقة الموضوعية على الأرض: حقيقة تخريب الكون لصالح حفنة من الوحوش المطلية برداء الإنسان. جماعة الرأسمالية و مريدوهم من المتدينين و اليسار الجديد و الصهاينة و الفاشية.
الاختلاف قائم بين الإنسان و رأس المال. كل رأس المال ما كان أملاكا و ماهو رمزي ، لغويا كان أو سيميائيا.
ليس ثمة اختلاف بين الجمهوريين و الديمقراطيين و لا بين الشيوعيين و الليبراليين و لا بين الإخوان و "الديمقراطيين العلمانيين"،جميعهم واحد، إما مبرّر أو فهو يبرّر. يبرّر لصوصية سيده ، و يحيل أوراق اعتماده قواده على إنسان التصفيق الذي سلبوه الخبز فتمكنوا من جرّه كالكلب إلى حدائق الجنة أو حدائق الرفاه.
غير أن القادم ستزرعه الإنسانية المقاومة حربا ضد المخادعين ، حربا ضد العلم الذي يصنع الموت ليدافع عن حق أمريكا في الهيمنة على العالم. كأن أمريكا ابتكرت ربّا آمن به الجميع، ثم ادّعت حصرية تمثيله. الإنسان مطالب بقتل هذا الربّ القبيح ، الرأسمالية التي لم تكن يوما غير إديولوجيا هيمنة و امتصاص عرق و دماء.
و لن يطول ذلك ، لن يدوم ذلك ، حركة المقاومة ستلد حركة الانتصار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصائل المقاومة تكثف عملياتها في قطاع غزة.. ما الدلالات العسك


.. غارة إسرائيلية تستهدف مدرسة تؤوي نازحين بمخيم النصيرات وسط ق




.. انتهاء تثبيت الرصيف العائم على شاطئ غزة


.. في موقف طريف.. بوتين يتحدث طويلاً وينسى أنّ المترجم الصينيّ




.. قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على مخيم جباليا