الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكاروآفاق ممكنة في تحليل وتصميم هياكل المباني الشاهقة

سنان أحمد حقّي

2013 / 6 / 5
الطب , والعلوم


ما زال يُعتمد في تصميم وتحليل هياكل المباني العالية إستخدام ( Core لب) أو ما يُدعى بالجدار أو العمود الكبير بداخل المبنى يجري تحميله كافة القوى الجانبيّة ولا نعني فقط تلك التي تتسبّب فيها الرياح أو الهزات الأرضية فحسب بل حتّى القوى الشاقوليّة الناجمة عن الأحمال الميتة والحيّة والتي تتطلب التغلّب على الإزاحات الأفقيّة التي تنشا بسبب عدم إستقرار الهياكل أو إستمراريتها من حيث حالة الإستقرار (Stability Conditions ) ونعني بذلك (Continuous instability)وهي إحدى حالات عدم إستقرار الأجسام الثلاث ( الإستقرار أو عدم الإستقرار أو الإستمرار)، ومع أن إستخدام هذا اللب الضخم أثبت جدواه ألاّ أنه من النواحي التصميميّة لم يكن بالمستطاع تفسير علاقته مع بقيّة أجزاء الهيكل لأنه جزء مستمرمن حيث كونه نموذجا رياضيا (Continuous )في حين أن بقيّة أجزاء الهيكل (Discrete )أي متقطّع رياضيا وهما منهجان ومنطقان رياضيان متباينان تماما ولكن بعض المقاربات يمكن أن تجعل الأمر مقبولا كما حدث طيلة فترة طويلة في عالم التصميم .وتم الإعتماد حتّى الآن على تحليلات تجريبية لتقدير القوى الجانبيّة التي يخضع لها هذا العمود أو الجدار الضخم والذي غالبا ما يتم بناؤه من الخرسانة المسلّحة.
ولكن التقدّم الحاصل في صناعة وبرمجة الحاسبات الألكترونيّة أتاح فرصا أكبر لاستخدام تحليلات دقيقة من شأنها أن تسمح بالتفكير بأن يتم إلغاء الحاجة لهذا الجدار الضخم أو تجعل تقدير القوى المسلّطة عليه جانبيا في إطار التقديرات الدقيقة وليس بالتقديرات التجريبية ،ومن حيث تحليل القوى الشاقوليّة الناجمة عن الأحمال الحيّة والأحمال الثابتة فهذا أمر معروف لدى غالبية المصممين ويمكن إتباع التحليل المباشر بإحدى طريقتين( Force´-or-Displacement Method ) والشائعة هي طريقة الإزاحات والمعروفة بطريقة ( Slope Deflection Method ) كما يمكن أيضا إتباع كثير من الطرق التقريبية المعروفة.
أمّا التحليل الخاص بالقوى الجانبيّة والتي قد تشتمل على قوى الرياح والقوى الناجمة عن الهزّات الأرضيّة فيمكن باتباع نفس الطريقة التي شرحناها في موضع سابق على هذا الموقع نقول يمكن بناء أو تكوين عدد من المعادلات الآنية التي تعتمد على إزاحات جميع المفاصل المحكمة محوريا وخطيا .
وهذا يمكن أن يتم باتباع نفس طريقة التحليل الموصوفة .
والآن يمكننا أن ننتقل إلى تحليل الأسس في أحوال إستخدام الركائز أو باستخدام الأسس الحصيريّة وبعد أن يتم تحليل الأسس وتصميمها إبتدائيا يمكن تقدير الجلوس المتوقع .
فإن كنّا نحاول أن نفتش عن إمكانية لاستخدام أسس حصيريّة فإننا يجب أن نلجأ إلى فكرة الجسور فوق الأسس المرنة أو البلاط المستمر فوق الأسس المرنة أي بإتجاهين سيني وصادي (Mat on Elastic Foundation ) وبعد الإنتهاء من حل المعادلة التفاضليّة الجزئيّة الموصوفة( Partial Deferential Equation ) فإنه سيكون من الممكن تقدير الإزاحات الشاقوليّة سواء في الأسس التي تقوم على قدمات محمولة بركائز أو مجموعات من الركائز أو بتنظيم مخطط يوضح الإزاحات الشاقوليّة بالنسبة لسطح الأساس الحصيري بالتفصيل وهنا يتسنّى لنا أن نتعرّف على نسبة إزاحة الأساس الحصيري تحت أي عمود إلى الآخر وبالتالي نعود إلى بناء معادلات آنيّة جديدة لجميع أجزاء الهيكل للتعرّف على تصرّف الهيكل بأجمعه نتيجة جلوس جميع الأعمدة بمقادير متفاوتة وطبعا ستكون كل معادلة لا تحتوي على مقادير ثابتة أي قوى لا جانبية ولا شاقوليّة إنما فقط تحرّي الإجهادات التي يتسببها الجلوس على مختلف أعضاء الهيكل ونقصد أن كل معادلة ستساوي صفرا ولا توجد قوّة جانبية .
وقبل أو نحاول أن نقدم بعض الأمثلة البسيطة حسب ما متاح لنا من وسائل ، نقول أنه ما دامت العمليّة تؤدّي وتفضي إلى بناء معادلات آنيّة خطيّة كثيرة فإنه لا بأس من توسيع هذه العمليّة باتباع معادلات الأبعاد الثلاثة أي أن نتعامل مع معادلات طريقة الإزاحة على أساس الإتجاهات الثلاث أي سيني وصادي وعيني ( XYZ )أي الأخذ بنظر الإعتبار الإزاحات الدورانيّة بالإتجاهات (XYZ )وبالتالي نتعامل مع معادلات (Slope Deflection )ذات الستة حدود ومع أن المعادلات اآنيّة ستتضاعف أيضا ولكن لا بأس لأن من سيعمل على حلها هو الحاسوب
ولن نخوض في هذا الضرب في مقالنا هذا لأن من شأنه أن يُعقّد الأمر على القارئ الكريم
ولكن من المهم أيضا أن ننوّه إلى قضيّة نرى أن لها أهميتها إذ أننا لا ننصح ببناء مصفوفات من المعادلات الآنية الخطيّة لأن الحصول على برنامج طويل ومعقّد لحل عدد كبير جدا من المعادلات الآنية قد يبلغ العشرات بل المئات ، نقول إن الحصول على هذا هو أمر صعب ولكن اللجوء إلى خوارزميات بديلة مثل طريقة المكثّف المحوري تخدم غايات هذا العمل ومهام المصمم إذ أنها طريقة بسيطة والبرنامج المتعلق بها قصير وتّعطي نتائج حسب الدقّة المطلوبة .
وقبل أن نخوض بعض التفاصيل السريعة نقول إن الغاية من كل هذا الكلام هي أننا نطرح إمكانيّة إنشاء هياكل للمباني بارتفاعات عالية دون لب خرساني بل حتّى بدون ركائز وبحدود غير متوقّعة وفي ظروف الترب الضعيفة التي تسمح بمقادير من الإزاحات أو مقادير خضوع أو جلوس كبيرة في الأسس، وذلك بالتعامل مع الهياكل بنفس الطريقة التي نتعامل فيها مع الإزاحات الجانبيّة المختلفة.
ومن جانب آخر فإن التحليل موضوع مقالنا هذا سيوفّر لنا مقادير القوى الجانبيّة التي تسبب الإزاحة عند كل طابق فلو كنّا ما زلنا نرغب باستخدام اللب أو جدار القص المذكور في أعلاه فإننا سنتمكن من الحصول على القوى الحقيقية المسلطة جانبيا على اللب الخرساني أو ( Shaft ) وليس بطرق تجريبية ، كما أنه من الممكن الإستعاضة عن هذا الجدار أو المحور العمودي باستعمال أعضاء مائلة كما هو حال الجملونات ومع أن هذا الوضع مستعمل فعلا في الهياكل الحديدية ألاّ أنه يمكن الآن إستخدامه في الهياكل الخرسانيّة أيضا و يمكن أيضا أن ينقسم إرتفاع الهيكل إلى أجزاء منها الأجزاء العلويّة والتي لا تحتاج سوى هيكل محكم ومتماسك المفاصل بلا أعضاء مائلة ولعدد من الطوابق ثم يأتي الجزء التالي والذي يمكن أن يحتوي على أعضاء مائلة ولعدد من الطوابق أيضا ثم لو كان إرتفاع الهيكل شاهقا جدا فيمكن أن يُستعمل اللب أو (Shaft ) لما تبقّى بالتدريج وكل هذا لو حصل مع إعتبار حصول خضوع أو جلوس للأسس فإن الهيكل سيتحمّل جزءا من القوى المختلفة بتوزيع الإزاحات على مختلف الأعضاء حسب قساوتها ( جاسيائها) كما أن إحتساب الإزاحات الدورانية بالإتجاهات الثلاثية الأبعاد كل هذا من شأنه أن يُساعد على الصعود إلى أعلى كثيرا خصوصا في المواقع ذات الترب الضعيفة والتي تتيح جلوسا أكبر للمباني والهياكل ، مع إتاحة الفرصة لاعتماد الهياكل الخرسانية والحديديّة على حد سواء ويُتيح هذا الأسلوب إستبعاد الركائز في الأسس لهياكل يزيد إرتفاعها عن المألوف كثيرا كما تتيح وجهة النظر هذه باستبعاد اللب الخرساني المحوري حتّى الإرتفاعات الكبيرة جدا مع توفير تفسير لما يحصل فعلا في الهياكل بدلا من النماذج التجريبية ولكننا طبعا لا نوصي بالمباشرة فورا بهذه الملاحظات التصميمية بل نوصي باختبارها عن طريق نماذج طبيعية (Prototypes )وإجراء التجارب اللازمة للتأكّد من صحة وجهة نظرنا تجريبيا
إن ما نطرحه يقع تماما في نفس إطار معالجة تحليل الهياكل المختلفة ولو عبّرنا عن بناء المعادلات الخطيّة بطريقة المصفوفات يكون عندنا:
P=KΔ-;-
حيث كما هو معروف أن مصفوفة P هي المصفوفة العموديّة للقوى ومصفوفة K هي مصفوفة معاملات الجاسياء(Stiffness )، وΔ-;- هي مصفوفة الإزاحات المتنوعة في كل مفصل
وفي مصفوفة Δ-;- يكمن الإختلاف حيث عندما يخضع أو يجلس أي مسند من مساند الهيكل فإن الهيكل برمّته سوف يتشكّل على نحو يستجيب فيه للإزاحة الحاصلة وهذا سوف يشمل جميع أجزاء الهيكل وبالتالي ستحصل إزاحات متواترة في كل عضو منه ولكل الطوابق ويمكن التعامل مع هذه المتغيرات الإضافية التي تجعل عدد المتغيرات يزيد على عدد المعادلات المتحققة بالتعامل مع معادلات القص عند كل طابق فتصبح المعادلات كافية ولكن طبعا لو كانت إزاحات الجلوس أو الخضوع في المساند الرئيسة مختلفة أو متباينة دون أن يعتمد بعضها على البعض الآخر فإنه سيلزم حلّ الهيكل لعدة مرات أي بعدد المساند الرئيسة ولكن لو كان الأساس حصيريا أو متّصلا كليّا فإن هناك فرصة للتعبير عن الإزاحات الخاصة بالجلوس أو الخضوع فيها بالإعتماد على بعضها البعض أي بنسبة إحدى الإزاحات على الأخرى وهذا يقلل من عدد المعادلات التي ينبغي حلها
ومع هذا فإننا لا نوصي باعتماد المصفوفات لإيجاد النتائج الأساسية للعزوم والقوى المختلفة حيث ربما يكون البرنامج المطلوب طويلا أو معقّدا ولهذا نوصي باعتماد طريقة المكثف المحوري لحل المعادلات الآنية وهي طريقة تقريبية مناسبة جدا والبرنامج لعله متوفر وغير معقّد
وبعد إستخراج النتائج يمكن الوصول إلى عزوم الإنطواء وقوى القص والقوى المحورية في كل عضو من أعضاء الهيكل ونجد بعد هذا أننا يمكن أن نوحد أو نجمع القوى المؤثّرة في محصّلة واحدة بالطريقة التي تنص عليها مدونة البناء المتبعة في التصميم مثل (ACI –Building Code Requirements ) وكما هو مبين في الفصل التاسع من مدونة البناء الأمريكية للأعمال الخرسانية لسنة99 مثلا أو سواها .
إن إتباع هذه الطريقة يمهد السبيل إلى بناء هياكل عالية في الترب التي تستجيب أو تخضع للأحمال المختلفة بمقادير تفوق ما هو متوقع في أماكن أخرى ولكن بطبيعة الحال فإنه يُفضّل إستعمال الهياكل الفولاذيّة لأنها تسمح بالتشكّل الناجم عن الأحمال المختلفة دون أن تفقد خواص المرونة كثيرا كما هو حال الهياكل الخرسانية التي قد تتكسّر عند تجاوزها مقادير ضئيلة من التشكّل الناجم عن الأحمال وتوفّر هذه التحليلات تجنّب اللب المحوري وهو عمود ضخم وثقيل جدا يزيد من الأحمال على التربة الضعيفة أصلا، كما أن الهيكل الحديدي أخف ثقلا بكثير من الهيكل الخرساني مع أن الهياكل الخرسانية تستوجب حماية أو وقاية جديّة من التعرّض للحريق ووجوب توفير منظومة إطفاء أوتوماتيكيّة أيضا ، ولا يخفى على القارئ أن بلادنا لا تضم خامات للحديد وهذا يتطلب التفكير باستيراد مقاطع إنشائية والتعامل مع خواص عالية من الفولاذ وتوفير عملة صعبة ولكن يمكن أن نبرر الإعتماد على المقاطع الفولاذيّة في الترب الضعيفة والرخوة وهي غالبا تقع في جنوب العراق وفي البصرة بالتحديد أو جنوب البصرة بصورة خاصّة وفي هذه المناطق يُلاحظ عدم توفّر المواد الأولية للخرسانة أيضا فالركام بأنواعه ( الخشن والناعم) غير متوفّر وأسعاره مرتفعة جدا ونسبة الأملاح القلويّة عالية هي الأخرى فيه كما أن صناعة السمنت غير معروفة هناك لأن أغلب السمنت يتم إستيراده إمّا من الخارج أو من مناطق بعيدة وإن كانت داخل العراق وذلك لندرة حجر ( Limestone ) كما يجب ان يوخذ بنظر الإعتبار تعرّض الهياكل الحديدية لتغيرات حرارية كبيرة فهناك فرق في درجات الحرارة بين الصيف والشتاء يزيد على 60 أو70 درجة سيليزية .
وغني عن الذكر ان تجنّب الركائز كما هو معروض هنا من أفكار سيجعل بيئة التربة أكثر ضمانا وحفظا من شيوع إستعمال الركائز .
إننا نوصي بدراسة هذه الأفكار ولا نوصي اعتمادها دون عمل نماذج للفحص والتجريب وقبل الدخول في التصميم
وللحديث صلة والسلام عليكم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ سنان المحترم
عتريس المدح ( 2013 / 6 / 5 - 11:06 )
لاشك بأن الجهد الذي بذلته في مقالك لهو مجهود علمي وقيم
أتسائل ان كان من الضروري في بلادنا انشاء المباني الشاهقه
High Rise Building
حيث أرى أن هذا يحتاج الى عقلية مجتمعية وثقافة معينة تعالج موضوع النقص في الاراضي والمساحات الضيقة في مراكز المدن، بينما في بلادنا فهنالك الكثير من المساحات الافقية الشاسعة الغير مستغلة
أعتقد بأنه لو ركزنا على الامتداد الافقي لمباني من ثلاث الى أربع أو خمس طوابق لربما كان مجديا أكثر، في حل مسائل السكن والمباني العامة
و أرى هنا بأننا بحاجة الى تغيير ثقافتنا في البناء التقليدي من نمط البناء الهيكلي بالخرسانة والحجر والطوب إلى نمط البناء باستخدام المقاطع المجلفنة الخفيفة، حيث يمكن استخدام تصاميم اكثر مرونة ومباني بأوزان ميتة أقل وبمواد سهلة التصنيع يمكن بانتهاجها مثلا المحافظة على البيئة والطبيعة وتقيل استنزافها وتعميم اسلوب المباني الخضراء، وحيث يمكن في هذا الامر خلق صناعات مكملة من تدوير مخلفات السيارات لتصنيع مقاطع معدنية جديدة
الصعوبة في الامر لدينا هو تقبل العقلية العربية لهذا الاسلوب في انشاء المباني
شكرا لك على مقالك


2 - حضرة الأخ عتريس المدح المحترم
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 6 / 5 - 12:09 )
تحيّة طيبة وبعد
أستاذنا العزيز هناك مدن عندنا تعاني من مشاكل كثيرة أولها عدم توفّر الأرض الحضريّة وثانيها ضعف تحمّل التربة بشكل كبير ( ترب إسفنجيّة) كما أن وفرة المواد الداخلة في أعمال الخرسانة المسلحة محدودة جدا مما يجعل أسعارها مرتفعة جدا والإتجاه إلى أعلى خيار لا بد منه في أحوال إزدياد عدد السكان بشل مفاجئ وكبير وأمّا بالنسبة لسبب الحاجة للمضي إلى أعلى فيرجع إلى محدودية الأرض وضرورة توفير بيئة صحيّة وخدمات جيدة ومناطق ترويحيّة وهذا مع عدم توفر الأرض يجبر المخطط إلى المضي إلى أعلى
تحياتي وخالص تمنياتي
وأشكر لكم مروركم وتعقيبكم الغالي .

اخر الافلام

.. اياد نصار وسلوى عثمان ودينا فؤاد وكارولين عزمي وزيرة التضامن


.. النائب أيمن محسب : هناك أدوية رئيسية لأمراض مزمنة مايقدرش ال




.. كارين جان بيير ترد على سؤال حول مدى خطورة إنفلونزا الطيور ال


.. هل تستعد فرنسا للاعتراف بمغربية الصحراء الغربية؟ • فرانس 24




.. صورة معدلة لمجلة تايم تنتشر على الإنترنت بعد مقابلة مع ترامب