الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمى الاتجاهات

وليد الحلبي

2013 / 6 / 5
كتابات ساخرة


منذ مدة قصيرة كتبت مقالاً تحت عنوان (ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)، تحدثت فيه عن (عمى الألوان) الذي أصيب به الرئيس أوباما في طفولته، والذي منعه من رؤية الخط الأحمر الذي كان قد رسمه للنظام السوري، وهو استخدام السلاح الكيميائي ضد شعبه، وكنت في حينه أحسب أن العمى يصيب الأبصار والقلوب فقط، لكنني لم أكن أعلم أن العمى قد يصيب الاتجاهات، ثم تذكرت أن بعض أصدقائي غالباً ما كانوا ينسون أين وضعوا سياراتهم قبل أن يدخلوا مركزاً تجارياً، وعند خروجهم منه، كانوا يفتشون عنها في أماكن بعيدة عن أماكنها الحقيقية، وعندما كانوا يبدون تبرماً من ذلك، كنت أتعاطف معهم وأهون عليهم الأمر بأن ذلك أمر طبيعي ليس له علاقة بمستوى الثقافة أو الذكاء، بل هي حاسة معرفة الاتجاهات التي تتفاوت من شخص إلى آخر، رغم أنها قد تؤدي أحياناً إلى مخاطر جمة، كأن ينسى المرء الاتجاه الصحيح إلى الحديقة التي ترك ابنه فيها لكي يلهو مع رفاقه.
ولأنني فُطِرت على حسن الظن بالآخر، حتى ولو أبدى نذالة تؤذي الآخرين، كأن يخلع ثوبه فتظهر عورته، وحتى لو اتهموه بجريمة مرعبة كجريمة زنى المحارم مثلاً، فقد كنت دائماً أجد له العذر، حتى ولو جر ذلك علي التهم بأنني أغطي على خطأ المخطيء، ونذالة النذل، فيمعن المخطيء في خطئه، ويزيد النذل في نذالته، ومع ذلك لا أتردد في ممارسة هذا السلوك الذي أنا مقتنع به، يدفعني إلى ذلك الحديث الشريف القائل:(التمس لأخيك عذراً). ولهذا، لا أرى بداً من التماس عذر للسيد "حسن" على توجيه جحافل مقاتليه الأشاوس! إلى القصير وحمص وحلب، ذلك أن هذا المسكين "حسن"، مصاب بـداء (عمى الاتجاهات)، وربما كان هذا سراً أذيعه لأول مرة – كما أذعت سر عمى الألوان عند أوباما من قبل - ، وأرجو أن يقبله الأغبياء والعقلاء على حد سواء، فعندما علم السيد حسن ،متأخراً، أن الطيران الإسرائيلي قد قصف مواقع سورية على جبل قاسيون، وأن حليفه الجبان القابع في القصر الجمهوري بدمشق، لم يحدد بعد زمان ومكان المعركة مع العدو!، تحركت حميته، وثارت ثائرته، فجمع جمعه، وشهر سيفه، وأعطى جحافله إشارة الهجوم إلى الأمام، وبما أنه – كما أسلفت – مصاب بداء (عمى الاتجاهات)، فبدلاً من أن يشير بسيفه إلى الجنوب باتجاه القدس، أشار به إلى الشمال باتجاه حمص، ونظراً لإخلاص أتباعه لسيدهم المقاوم، فقد انطلقوا بدون تفكير وروية، بكل جرأة وحمية، رافعين الرايات السوداء والصفراوية، ولماذا يفكرون في المهمات، طالما أن سماحته هو الذي يفكر لهم في الملمات، ويحدد لهم بدقة الاتجاهات؟، فتدفقوا يُعمِلون في عدوهم شتى أنواع أسلحتهم، ويصبون عليه نار جام غضبهم، غير ناسين الاستعانة بأسماء جميع الأولياء، والصالحين والأتقياء، باستثناء اسمه تعالى، لأنها هي إرادته التي لا ترد، ومشيئته التي ليس لها حد، إذ لا يرضى جل وعلا أن يستعين المجرم باسمه، لكي ينفذ جريمته.
لكن الأمل، كل الأمل، وكما اعتذر (حسن) بعد حرب تموز 2006 عن تهوره وطيشه في اختطاف الجنود الإسرائيليين، والذي تسبب في خراب لبنان وقتل 1400 من اللبنانيين، الأمل كل الأمل أن نسمع منه، بعد أن يكون رجاله قد دمروا المدن والقرى، وأشاعوا الخراب والدمار في سوريا، وبعد أن يدفن جثث جميع الذين أرسلهم إلى الاتجاه الخطأ، نأمل أن نسمع منه اعتذاراً يقول فيه: ( نظراً لإصابتي بعمى الاتجاهات، هذه العاهة الخطيرة، والتي هي أخطر من عمى البصر والبصيرة، أعتذر من الشعب السوري الكريم أنني أرسلت إليه الجنود، يقتلونه وهم يحسبون أنهم يقتلون اليهود، وأعدهم بأنني سوف أبحث عن علاج لهذا الداء العضال، حتى ولو كان الشفاء منه ضرب من المحال، وسوف أعتزل في "قم" متضرعاً إلى الله رب السماوات، أن يغفر لي خطيئتي، وأن يشفيني من داء عمى الاتجاهات).
لن أدعو الله لـ (حسن) بالبرء والشفاء، لأن عمى الاتجاه في السياسات- بحكم إلهي - ليس مرضاً له دواء، بل هو آفة الآفات، وقمة الموبقات.
5 يونيو 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟