الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-2- في الجمهوريات الحرة لا مكان للعبودية

نعيم حيماد

2013 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


لا يهب الشخص نفسه أو يتخلى عنها لسيد ما إلا ليكون عبدا. و ما أن يحتذي الشعب كله حذوه حتى يفرض على نفسه العبودية. فما الذي يجنيه الشعب من العبودية؟ و هل سيحصل على المال الذي لأجله باع حريته؟ في رأي جون جاك روسو، كل بيع للنفس فهو باطل، إذ كيف سيدفع السيد ثمنها و هو بالكاد يعتاش من قوتهم؟ هل سيضمن لهم الاطمئنان الاجتماعي؟ كيف ذلك و هو يتبع وصايا ماكيافيللي، يرعبهم بحروب صغيرة، و يقعون ضحايا مكائد وزرائه. هل هذه هي الطمأنينة التي يوفرها السيد لرعاياه؟ ألهذا السبب صاروا عبيدا؟
ما أن يضمن السيد سيادته حتى يشغل رعاياه بأنفسهم و أبدانهم مهددا إياهم بنقص في الثمرات و الأنفس، فيتحول معنى العبودية من معناه المجازي الذي يضمن حياة الرعايا، إلى معناه الحقيقي الذي يجعلهم ينتظرون دورهم ليفترسهم الغول. و أمام هذه الواقعة يغدو الشعب شعب مجانين، لأن المجنون وحده يبيع نفسه للسلطان. و الانسان لا يتنازل عن حريته إلا و يتعارض مع طبيعته كإنسان. تلك الطبيعة الأخلاقية التي تسم أفعاله.

إن كل عقد بين الحاكم و المحكوم يكون أساسه تنازل الشعب عن حريته هو عقد باطل. لأن الاتفاق الذي يشترط السلطة المطلقة من جانب و الطاعة اللامحدودة من الجانب الآخر هو اتفاق متناقض. فالسلطة المطلقة لا تحتاج إلى أي اتفاق مع انسان لا حق له. و لو افترضنا أنه يمتلك حقا، لعاد هذا الحق إلى سيده، يفقد معناه.

من المبررات التي يقدمها الأسياد لحق العبودية هو ضمان حياة المهزوم في الحرب، حيث يكون للمنتصر مطلق الحرية في القضاء أو الابقاء على حياته، فيفتدي المهزوم حياته بحريته، إذا هو رضي باتفاق شرعي يضمن مصلحتهما معا. إن مثل هذا الاتفاق في نظر روسو باطل لسببين؛ أولا لأن نتيجة هذا العقد لا تنجم عن حالة الحرب، فلا مكان للحديث عن حرب في حالة الطبيعة لعدم وجود ملكية ثابتة، و لا في الحالة الاجتماعية حيث يسود القانون، ثم إن الحرب تكون بين الدول. ثانيا، لا يحق للمنتصر قتل الشعوب المهزومة، فكيف يحق له استعبادها إبقاء على حياتها؟ فلا يحق القتل إلا عند رفض العبودية (فرضية) و حق القتل هذا لا يمنح حق الاستعباد. و إذا تم ذلك، و أخذ المنتصر عوضا عن حياة المهزوم، فلا يعني ذلك انتهاء حالة الحرب بينهما، لأن التعاقد لم يعمل سوى على تقييد حياة المهزوم بالطاعة بقدر ما يكون مكرها عليها.

هذا يدل على بطلان حق الاستعباد، فالحق و الاستعباد لفظان متناقضان. و في كل الحالات لا يستقيم القول إنني أعقد معك اتفاقا كله على حسابك و كله في صالحي و سأنفذه طالما يروق لي و إنك ستنفذه طالما يروق لي (روسو في العقد الاجتماعي).إن أنصار الحكم الاستبدادي يروق لهم حق الاستعباد تحت ذرائع مختلفة. و قد نجح بعضهم في الادعاء بأن دولته مبنية على الحق و القانون، في الوقت الذي يحرس فيه الشعب نفسه ليلا و نهارا حماية لأولاده و ماله. لذلك نقول : إن كل دولة تقوم على رابطة الاستعباد – بأشكاله المختلفة في الدولة المعاصرة- لا محال لن تصمد بوجه المبادئ الحقيقية لدولة الحق و القانون و فصل السلط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب