الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-4- في الجمهوريات الحرة الارادة العامة أساس السيادة

نعيم حيماد

2013 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


ما كان الانسان ليختار البقاء في حالة الطبيعة، و قد تربصت به الدوائر من كل جانب. فلم تعد قوته و لا حريته بمقدورهما أن يمنحانه الاستقرار و السعادة و هو بمواجهة قوة و حرية الآخرين. إلا أن هذه الوضعية الطارئة ألهمته معرفة إلى حد كان أنانيا وبليدا، تابعا لشهواته و رغباته الخاصة. أتراه بهذه الخصائص كان إنسانا؟

على العكس، لقد فهم الانسان و قد صار مهددا في وجوده الطبيعي، أن استمراره بتلك الحالة أمر مستحيل، فما كان أمامه و قد اهتدى إلى ما يسمى بالاتحاد إلا أن تنازل عن حريته و قوته لصالح المجموع. فبدلا من مصلحته الخاصة التي ما كانت لتتحقق، اختار مصلحة الاتحاد. و لأن كل الأفراد سلكوا بنفس الطريقة، فالحكم و الضامن لحياتهم و قوتهم هو الاتحاد، و هو الذي يسميه روسو بالعقد الاجتماعي. فليس يحق للأفراد و هم في وضعيتهم الجديدة، التي تغلب فيها العقل على الانفعال، أن يمدوا يدهم لكل ما تقدر عليه. لأن الأشياء بموجب الاتفاق تتحول إلى حقوق. و هذا ما تضمنه الحالة المدنية. و هي بشكل عام تحول العبودية إلى حرية.

لما كان أول أمر هدد الكينونة الطبيعية للانسان هو تسييج الأرض و ادعاء الملكية، فإن روسو يضع حقا يسميه حق الاستيلاء الأول. و هذا الحق يكون للفرد كما للجماعة. و هو ليس اغتصابا لملكية الآخرين، لأنه لا حياة بلا أرض، و الفرد هنا لا يستولي إلا على ما يكفيه للعيش كما لو كان يعيش في حالة الطبيعة. و التحول الذي ستلحقه الحالة المدنية بحيازة الأرض في حالة الطبيعة، هو أنها تحول ما يسمى بالحيازة إلى حق الملكية. و صاحب السيادة هو الذي يمنح هذا الحق للأفراد، و هو بذلك إنما يؤمنهم على الثروة العامة.

الآن و قد جعلنا العقد الاجتماعي أساسا لكل الحقوق، فمن واجب الناس و هم يمثلون الارادة العامة، التخلي عن مصالحهم الخاصة، و أن يضعوا نصب أعينهم، الهدف المشترك الذي هو الخير العام. إنه الخير الذي لأجله تأسس المجتمع. و هنا يفرق روسو بين السلطة و الإرادة. الأولى يمكن نقلها، أما الثانية، أي الارادة، و باعتبارها أساس السيادة و قاعدة الرابطة الاجتماعية، فلا يمكن التنازل عنها.

قد تضطرب الارادة العامة بفعل بعض الارادات الخاصة، و قد تقبل الارادة العامة ما ليس في صالحها من أوامر الرئيس. آنذاك يفقد الشعب صفته كشعب و يسقط صاحب السيادة، فتنهار الدولة. لأن السيادة تعني الحرية في قبول ما هو في مصلحة المجموع، و رفض ما ليس في مصلحته. فليس منطقيا أن يتنازل الناس عن قوتهم و حريتهم لصالح المجموع، فإذا بهم و بكل ما أوتوا من قوة و حرية لا يستطيعون تقرير مصيرهم. لذلك على الارادة العامة أن تقف بوجه السلطة و تجبرها على الالتزام بمقتضيات الحالة المدنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل