الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-7- في الجمهوريات الحرة المشرع يكتب للشعب أفضل القوانين

نعيم حيماد

2013 / 6 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرا ما نتساءل عن مصدر القوانين في الدولة، و الإجابة الصريحة الواضحة، شخص عبقري بحكمته يشرع القوانين التي تلائم طبيعة الناس. و لكنه بالرغم من ذلك فهو لا يملك سلطة تشريعية. إذ لابد للإرادة العامة في النهاية أن تصادق على القوانين. و عندما يقترح المشرع قانونا، فهو يعلن عن إرادة خاصة، و التصويت من قبل الشعب هو ما يحولها إلى إرادة عامة.
لماذا المشرع هو من يقترح القوانين؟ لأنه يتوفر على إمكانات فكرية، استمدها من تجارب الأمم و حكمة الأوائل، إمكانات تؤهله ليغير الطبيعة البشرية، من مراعاة الناس مصالحهم الخاصة وفق طبيعتهم الأنانية، إلى مراعاة مصلحة المجموع وفق مكتسبات ترسخت بفعل الظروف الجديدة التي وفرتها الحالة المدنية. هذا التغيير من اعتبار الفرد كلا منعزلا إلى اعتباره جزء من الكل المتكامل، و الذي يمد الأجزاء بالحياة هو التغيير الجوهري الذي سيلحق حقوق الأفراد، و القوانين هي الملامح العملية للتغيير.
لا يتحمل المشرع الذي ينتمي إلى الدولة دائما مسؤولية التشريع، فقد يعهد بها إلى الأجانب، و لكن يظل من يكتب القوانين مفتقرا إلى الحق التشريعي. تبقى مسألة أساسية تخص تذوق الشعب للمبادئ الصحيحة في السياسة و اتباع قواعد قيام الدولة. و هي مسألة تستدعي أن يكون الشعب مطابقا للقوانين، و أن تتصدر الروح الاجتماعية نظام الدولة. و لكن ألا يصادف أن تكون القوانين صالحة و يكون الناس من الأراذل؟ قبل أن يضع المشرع القوانين عليه أن يكتشف قدرة الناس على تحمل أعبائها. فالبرغم من تصويت الناس على القوانين بالأغلبية، إلا أن ذلك لا يفسر قدرتهم على تجسيد تلك القوانين في علاقاتهم الاجتماعية و السياسية، أو حتى في مدى قدرة تلك القوانين على انتزاعهم من عاداتهم السيئة التي تجذرت في سلوكاتهم.
إن إجبار الشعب على اتباع القوانين السامية، يكون في بعض الحالات أشبه بمحاولة فاشلة لإقناع مريض ببتر جزء من جسمه ليتعافى. ما يعني أن قبول الشعب للقوانين و تجسيده لها، يكون متاحا في مراحل معينة من تطوره. و حسب روسو فإن أفضل مرحلة لإخضاع الشعب للقوانين هي مرحلة الرشد. و يجب ألا نخطئ هذه المرحلة، و إلا دخلنا مرحلة الاضطرابات التي تنهك قوى الشعب، بل و قوة المدنية ذاتها. فعادة ما يثور الشعب ضد القوانين بغرض تجاوز الأزمات التي تهدد حريته المدنية، و قد تستنفد الحالة المدنية طاقتها فيكون من قبيل المستحيل استرداد الفردوس المفقود.
كثير هم الأمراء الذين يدفعون بشعبهم إلى الاعتقاد بأنهم بلغوا مرتبة عليا ليتبعوا أفضل القوانين الكفيلة بإسعادهم، و يصدق الشعب بالفعل هذا الاعتقاد، فيبذل قصارى جهده ليكون ما ليس بمقدوره أن يكونه، فيقع ضحية عدم نضج الأمير. و يقع فريسة الأزمات الطارئة. لن ننسى أبدا و نحن نتحدث عن سوء التدبير السياسي و انعكاساته السلبية على الشعوب، واقع الدول العربية التي سقطت ضحية تواطؤ الطبقة الحاكمة مع الأطماع الخارجية، لتخضع هذه الشعوب و تستنزفها فكريا و ماديا. لقد سحقت الإدارة العليا الشعوب البائسة، فهي من يدفع أتعاب الحكومات الكبيرة و مصاريف نوابها على اختلاف رتبهم، إنها الشعوب المثقلة بالأعباء و التي بدل أن تشارك في تدبير الشأن العام، تدفعهم الدولة للانهمام بأبدانهم و أولادهم، هذا إن بقي للشعوب ما تعتاش منه . إن اختلاف القوانين بين الولايات في الدولة مع وفرتها حتما يؤدي إلى كثرة الزعماء. و عندما ينشغل هؤلاء و لا يجدون وقتا لمباشرة أمور الدولة، و لا حتى لاتخاذ أي إجراء للحفاظ على السلطة العامة، فإن الشعب يستعد لانهيار الدولة لا محالة. مع أنه كان يأمل الحرية و المساواة لأجل سعادته. فهل من سبيل لتحقيق هذا المبتغى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا