الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقنيات الخط العربي وأشكاله الجمالية

عدنان حسين أحمد

2013 / 6 / 7
الادب والفن


ضيّفت مؤسسة الحوار الإنساني بلندن الخطاط بهنام أكزير في محاضرة تحدث فيها عن "الخط العربي" وقد ساهم في تقديمة وإدارة الحوار كاتب هذه السطور. استهل أكزير محاضرته بالتفريق بين الخط والكتابة حيث عرّف الخط العربي "بأنه فنٌ راقٍ من الفنون العربية مُوقظٌ للمواهب، مُرهِفٌ للحس بجماله وتنسيقه، كما أنه التعبير الفني وفقاً لقواعد وضعها أساتذة الخط والمبدعون والمتخصصون في الكتابة". أما الكتابة الاعتيادية فهي "لغة التخاطب والمكاتبات بين الشعوب والأمم".

أصل الخط العربي
قدّم الخطاط أكزير خمسة آراء في أصل الخط العربي، أوّلها رأي الدكتور إبراهيم جمعة الذي يقول: " إن الخط الذي كتب به العرب هو توقيف من الله حين علّمه لآدم قبل موته". والرأي الثاني لدكتور جمعة أيضاً يقول فيه: "إن بعض القبائل العربية في دولتي سبأ وحمير في القرنين الأول والثاني قبل الميلاد حيث كانوا قد كتبوا بالخط المُسند الذي يمتاز بحروفه غير المتصلة. وذكرَ ابن خلدون في مقدمته الشهيرة "أن هذا النوع من الخط انتقل من اليمن إلى الحيرة". والرأي الثالث للأستاذة سهيلة الجبوري مفاده: "أن ثلاثة من قبيلة طي التي سكنت الأنبار اجتمعوا في مدينة على نهر الفرات قريبة من هيت ووضعوا أبجدية الخط على هجاء السريانية المشتقة من الآرامية القديمة". أما الرأي الرابع فهو لحنفي بك ناصيف يقول فيه "أن الخطوط التي أُستعملت في الدنيا كثيرة، ولكنها ترجع إلى أربعة خطوط أساسية وهي المسماري، والصيني والمصري والخط العربي. في حين يذهب الرأي الخامس والأخير وهو لعدد من المؤرخين والباحثين الذين توصلوا إلى أن أصل الخط العربي يرجع إلى مملكة النبط وعاصمتها البتراء في الأردن حيث استعملوا اللغة الآرامية في كتاباتهم، وأن الخط النبطي قد أشتق من الخط الآرامي. أما الخط العربي فقد أشتق من الخط النبطي المتأخر والدليل على ذلك النقوش النقوش النبطية الأربعة وهي: "نقش أم الجمال، نقش النمارة، نقش زيد، ونقش حرّان". وقد استخلص الباحثون والمؤرخون، كما يذهب المُحاضر، إلى أن الخط النبطي مأخوذ من الخط الآرامي، وأنّ الخط العربي مأخوذ من الخط النبطي. ويذكر بعض المؤرخين وأشهرهم البلاذري "إن هجاء العربية جاء على هجاء الخط النبطي". وفي السياق ذاته يؤكد د. صلاح الدين المنجد في كتابه" دراسات في تاريخ الخط العربي" "إن الخط العربي وُضع متأثراً بهجاء الخط النبطي وانتقل من الأنبار إلى الحيرة ومنها إلى الحجاز عن طريق دومة الجندل أو أنه اقتطع من المسند الحميري الذي كان شائعاً في اليمن". أما الدكتور محمد طاهر الكردي فيرى في كتابه "تاريخ الخط العربي وآدابه" "إن أصل الخطوط هو الخط الفينيقي وقد تفرع منه المُسند والآرامي، فيما تفرّع من المُسند السرياني والكوفي، وتفرّع من الآرامي الحيري والأنباري، ومن الخط الكوفي ظهرت الخطوط العربية بأنواعها الجميلة والمتعددة بعد أن تطورت مع تطور الحضارة العربية.

التنقيط والتشكيل
أشار المُحاضر إلى أن الكتابة العربية في بداياتها كانت غير منقّطة وغير مشكّلة وذلك لعدم حاجة العرب آنذاك إلى هذه الضوابط وذلك لتمكّنهم من اللغة العربية، ولكن عندما دخلت أعداد كبيرة من غير العرب إلى الإسلام أصبحت الحاجة إلى التنقيط والتشكيل مُلِّحة. وقد أورد أكزير رأيين في هذا الموضوع: الأول يقول إن الخليفة عثمان بن عفّان هو الذي أمر بالتنقيط والتشكيل، فيما يذهب الرأي الثاني إلى القول إن الخليفة علي بن أبي طالب هو الذي أمر بتنقيط المصاحف الشريفة وتشكيل اللغة العربية حيث كلّف أبا الأسود الدؤلي بتشكيل المصحف ووضع النقاط على الحروف العربية، كا استعان بعلامات ونقاط كانت مستعملة عند السريان يدلّون بها على الرفع والنصب والجر، ويميزون بواسطتها الاسم والفعل والحرف. أما عن أنواع الخط في تلك الحقبة، بحسب المُحاضر، فإن السائد كان الخط الكوفي القديم الذي كان يسمّى أيضاً بخط المصاحف غير المنقّط.

أهمية الخط العربي
أشار المُحاضر بأن الخط العربي له أهمية كبيرة جداً "فهو يد القرآن الكريم التي لا تُبتر، وقلمه الذي لا يجف". ففي القرن الثالث عشر بَطُل استعمال الخط الكوفي في كتابة المصاحف الشريفة واستُعيظ عنه بخط آخر أكثر وضوحاً وجمالية وهو خط النسخ الذي بدأت تُنسخ به المصاحف الشريفة في كافة البلاد العربية والإسلامية. ويعتبر الخط من الفنون الجميلة التي تُربِّي الذوق، وتهذِّب المشاعر.

الأدوات واللوازم المستعملة في الخط والكتابة
توقف الخطاط أكزير عند الأدوات واللوازم المستعملة في الخط والكتابة كالأقلام والأحبار والجلود. وفيما يتعلق بالأقلام ذكرَ المُحاضر ستة أنواع وهي ريش الطيور، والأقلام المعدنية، والقصب، والريشة المعدنية، والفرشاة، وأقلام الخط الحديثة. أما المداد أو الأحبار فقد ذكر منها الحبر الأسود والحبر الذهبي الذي يستعمل في تذهيب المصاحف الشريفة. استعمل الخطاطون العديد من المواد للكتابة عليها أبرزها جلود الحيوانات، والبردي، والصخور، والقماش، والعظام، والخشب، والفخار والورق.
خطاطو بغداد
قسّم المُحاضر خطاطي بغداد إلى قسمين رئيسين وهما الخطاطون الروّاد والخطاطون المعاصرون حيث أدرج في القسم الأول ثلاثة خطاطين وهم ابن مقلة وابن البواب وياقوت المستعصمي. أما الخطاطون المعاصرون فقد ذكر المحاضر الخطاط الشهير هاشم محمد، وشيخ الخطاطين الباحث يوسف ذنون. أما على الصعيد العربي والإسلامي برهان الدين من لبنان، بدوي الديراني ومحمد غزلان من سوريا، وسيد إبراهيم، حسني، ويوسف أحمد من مصر، والحافظ عثمان، مصطفى راقم، حامد الآمدي من تركيا، وعلي التبريزي، ومير عماد من إيران.

أسماء الخطوط وأنواعها
أشار المحاضر إلى أن الخطوط العربية تُنسب إما لأسماء المدن كالنبطي والكوفي والحجازي والفارسي أو لأسماء مبدعيها كالياقوتي والمستعصمي والغزلاني. وفي بداية قيام الدولة العباسية أقبل المسلمون على فن الخط العربي إقبالاَ شديداً حيث اتخذوه أداة وفناً رفيعاً يوثقون فيه بدائع حِكَمهم، ومأثور أقوالهم، فتنوعت أشكاله، وتعددت أنواعه إلى ما يقرب من "30" نوعاً وذلك في العصر العباسي مما جعل الوزير الخطاط ابن مقلة أن يحصر هذه الأنواع ويستخلص منها ما يقرب من "15" نوعا.
قسّم الخطاط أكزير الخطوط العربية تقنياً إلى نوعين وهما الخطوط اليابسة والخطوط اللينة، حيث "تتميز حروف الخط اليابس بالاستقامات والزوايا الحادة، ويتم تحقيقها بالأدوات الهندسية غالباً كالمسطرة والفرجال وقد تستعمل القصبة في بعض أشكاله وهو الخط الكوفي بأنواعه". ذكرَ المُحاضر بأن "الخط الكوفي هو ليس حروفاً وعلامات تُرص بعضها إلى جانب بعض، بل هو فن وإبداع وتحسين مستمر فمجال الارتكاز واسع فيه وهو في الواقع فن زخرفي ذو حروف موضوعة بشكل متميز ولا سبيل إلى التمكن من دراسته والإلمام بأصوله إلاّ بكثرة الإطلاع على منتجات الخطاطين والتوسع في الموازنات فيه". كما استشهد المحاضر بما قاله البروفيسور مورتيرز في موسوعة الإسلام: "إن الخط العربي ذو الزوايا الحادة والخطوط المستقيمة والذي عرف لاحقاً بالخط الكوفي يرجع أصله إلى مدينة الكوفة العراقية". ثم قدّم المحاضر نبذة تاريخية عن دور مدينة الكوفة في تجويد الكتابة وتحسينها وبالذات الخط الكوفي الذي يُنسب إليها.
للخط الكوفي أنواع كثيرة ومتعددة، كما نوّه المُحاضر، ولكنه اكتفى بذكر ستة منها وهي الكوفي البسيط، والكوفي المورّق، والكوفي المزهّر، والكوفي المضفور، والكوفي المربّع، والكوفي الدائري، كما قدّم وصفاً شافياً لكل خط من الخطوط الستة على انفراد.

الخط الليّن
أما الخط الليّن الذي أستُعمل في تنفيذه القصبة التي أعطته الإنسيابية والرشاقة والليونة على الرغم من اختلاف المقاييس والأوزان والأشكال فبدت بعض الحروف قصيرة كخط الثلث. توقف المُحاضر عند ثمانية أنواع وهي خط الرقعة، والخط الديواني، خط النسخ، والخط الفارسي، وخط الثٌلث، وخط الطغراء، وخط الجلي، وخط الإجازة. كما أشار المُحاضر إلى وجود أنواع أخرى من الخط، لكنها أقل شهرة واستعمالاً مثل خط المحقق، والأشكسته، والسنبلي، والتاج، والحر والريحاني.

الزخرفة العربية والإسلامية
يرى الخطاط بهنام أكزير أن الزخرفة العربية والإسلامية مرتبطة بمسيرة الخط وتطوره حيث أصبحت جزءاً منه حيث ظهرت في القرن التاسع الميلادي واستعملت وقتذاك في تزيين الأماكن المقدسة ودور العبادة وقصور الملوك والسلاطين وكذلك الأماكن العامة. قسّم المُحاضر الزخرفة إلى قسمين وهما: الزخرفة النباتية التي تعتمد على ورق النبات أساساً في بنائها، والزخرفة الهندسية التي تعتمد على المسطرة والفرجال. وفيما يتعلق بفن التذهيب أشار المُحاضر إلى أنّ المذهّبين العرب قد قاموا بتذهيب العديد من المصاحف الشريفة مثل مصحف فلادلفيا، كما ذُهِّبت بعض المخطوطات مثل "مقامات الحريري".
ختم الخطاط أكزير محاضرته بذكر أقوال بعض الكُتّاب والأدباء والشعراء والفلاسفة عن أهمية الخط العربي ومكانتة المتميزة لدى العرب والمسلمين من بينها أنّ "الخط الحَسن يزيد الحق وضوحا". وكما قال ابن المقفّع " الخط للأمير جمال، وللفتى كمال، وللمحتاج مال". وبعد انتهاء الخطاط بهنام أكزير من محاضرته دار حوار عميق بينه وبين جمهور مؤسسة الحوار الإنساني نذكر منهم الدكتور جعفر هادي حسن، والدكتور سعد الشريفي، والأستاذ أحمد الكاتب، والأستاذ غانم جواد، والدكتور فاروق رضاعة، والخطاط عزيز النائب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في